السؤال
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته.
في البداية أنا شاب ملتزم ولله الحمد وأواظب على الصلاة في المسجد، ولكن كانت لدي وساوس حول الوضوء والصلاة ولكن انتصرت على الشيطان وتخلصت منها، منذ ثلاثة أيام تقريبا عصف بي وسواس شديد حول وجود الله والرسول، أحاول أن أدفع هذه الوساوس عني ولكني أجد صعوبة وأشعر أن الموت لو جاءني وأنا لست متيقنا من ربي فإني هالك.
لا أخفيكم أني أشعر بحالة من الحزن والاكتئاب الشديد، وأحاول ذكر الله كثيرا وقراءة القرآن ولكني خائف من أن يستمر الأمر فأخسر آخرتي، وأخشى أني لم أعد قادرا على المقاومة، ساعدوني أرجوكم فإني أشعر بالهلاك وكنت أحب الله ورسوله، ولكن لا أدري ماذا تنصحونني أن أفعل.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل / أمين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
كل عام وأنتم بخير.
أخي السائل! اعلم أن هذه الأفكار كلها من مداخل الشيطان، حيث إنه يسعى بالإنسان في البداية شيئا فشيئا، ويتدرج به إلى أن يصل إلى هدفه، وهو يدخل على كل نوعية من الناس بالطريقة التي تناسبه، فيدخل على الزهاد بطريقة الزهد، ويدخل على العالم من باب العلم، ويدخل على الجاهل من باب الجهل .
ويبدو أن الأفكار التي تسلطت عليك قد أسكتت صوت الحق عندك، وطغت على العقل وتجبرت، رغم ما يبذله الشعور عندك من مقاومة، واعلم أن هذا الأمر يحتاج إلى يقظة الضمير، والتمسك بالأخلاق الفاضلة، والإيمان بالله تعالى القوي، وهو رأس الأمر كله، وهناك نوعان من الوسواس: قصير المدى، وطويل المدى، فأما طويل المدى فيحتاج منك في هذه الحالة إلى علاج طبي بالأدوية المهدئة؛ لتقليل حدة الاضطراب والتوتر المصاحب لهذا الوسواس، وذلك بعد مراجعة الطبيب، أما قصير المدى فيحتاج منك اتباع الخطوات التالية:
1- التقوى والعمل الصالح هما بذاتهما يشكلان وقاية للإنسان من الوسواس، والحزن، والاكتئاب، والضيق، قال تعالى: (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون)[النحل:97].
2- الدعاء والتسبيح، والصلاة،، وقد صح عنه صلى الله عيه وسلم أنه قال: (ما أصاب عبدا هم ولا حزن فقال : اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي وغمي، إلا أذهب الله همه وحزنه، وأبدله مكانه فرجا)، وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: (إذا وجدت في نفسك شيئا فقل : هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم).
3- قراءة سورة السجدة، ثم تسجد عند آية السجود، وتكرر ذلك يوميا، فإنك ستطمئن وترتاح بإذن الله تعالى .
وفقك الله يا أخي لكل خير.
----------------------------------------------
انتهت إجابة: د/ العربي عطاء الله -مستشاري شرعي-،
تليها إجابة: د. محمد عبدالعليم -استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان-.
----------------------------------------------
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
أشكرك على سؤالك، وأرجو أن أؤكد لك أن الوساوس القهرية منتشرة، خاصة ذات المحتوى الديني؛ لأنه بفضل الله تعالى مجتمعنا مجتمع متدين بصفة عامة، ومن خصائص الوساوس أنها يمكن أن تتغير من وقت لآخر، والراجح أنها متعلمة ومكتسبة ومرتبطة ببعض الاضطراب الكيميائي البسيط في المخ، والذي يشمل مادة تعرف باسم (سيروتونين).
وأرجو أن أؤكد لك أيضا -أيها الأخ العزيز- أن الوساوس لا تدل مطلقا علي قلة في الإيمان، أو ضعف في الشخصية، وربما يكون العكس هو الصحيح .
يتمثل العلاج في بعض التمارين السلوكية، وفي حالتك أرجو حين تنتابك الفكرة الوسواسية أن تكرر ثلاثين مرة : هذه أفكار وسواسية تافهة، وفي ذات الوقت تضرب بيدك علي الطاولة حتى تحس بالألم مثلا، والتمرين الثاني هو : أن تستبدل الفكرة الوسواسية بفكرة مخالفة تماما، مثلا أن تقول : الرسول صلي الله عليه وسلم هو أعظم خلق الله، وهكذا.
هنالك علاج عن طريق الأدوية مهم جدا وفعال، ومن أفضل الأدوية المضادة للوساوس والاكتئاب، وهو الدواء المعروف باسم (فافرين)، وجرعته هي 50 ملجم ليلا بعد الأكل لمدة أسبوعين، ثم ترفع بواقع 50 ملجم أسبوعيا حتى تصل الجرعة إلى 200 ملجم، وتستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر ثم تخفض إلى 100 ملجم، وتستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر أخرى، وهنالك أدوية بديلة كثيرة، منها : (بروزاك) و(انفرانيل) .
ختاما: أرجو أن تطمئن، وأنا علي ثقة تامة بأنك إن شاء الله سوف تشفى تماما.