السؤال
السلام عليكم.
والدي رجل مسن يعيش في منزل أعددته له بالقرب من عملي مع والدتي المصابة بجلطة أفقدتها القدرة على تحريك يدها وقدمها اليسرى، وأحضرت لهما من يرعاهما ويقوم على خدمتهما، وذلك بعد أن أحضرت أمي لمنزلي لتعيش معي، لكنها فضلت البقاء في منزل مستقل بعد أن تركت بيتها الذي عاشت فيه سنواتها الماضية، وقد عملت على إقناعهما بترك بيتهما مع أختي حتى وافقا، وكان أبي يعيش لوحده في منزله ويخدمه شخص غير منظم في مواعيده.
وضعهم الآن أفضل، حيث أستطيع زيارتهم في كل الظروف، فأنا المسؤول عنهما رغم أننا ثلاثة أخوة وأخت واحدة، وأقوم مع زوجتي بخدمتهما.
المشكلة أنهما يتصرفان أحيانا بطريقة تثير أعصابي لدرجة قد أغادر المنزل دون توديعهما، حيث أنهما يدعيان أمام أخوتي أنني آخذ من معاشهما، علما أني أحصل على مبلغ كبير من تجارتي شهريا، ولا أحتاج لمالهما، وعلما أن أخوتي لا يزورانهما إلا مرتين في الشهر ولمدة نصف ساعة.
هل أفعل مثل أخوتي؟ لأنهما راضيان عنهم، ولكني أخاف عليهما من عدم قدرتهما على الحركة، وأخاف أن يصيبهما سوء وأنا بعيد، هل البر يعني أن يكونا راضيان عني أم أن لا أقصر بحقهما؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالوهاب حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أخي الكريم- وردا على استشارتك أقول:
- جزاك الله خيرا على برك بوالديك وقيامك بالعناية بهما وخدمتهما أنت وزوجك ولعلك تدرك بركة برك بهما وستجد ذلك في المستقبل -بإذن الله تعالى-، يقول عليه الصلاة والسلام: (من أراد أن ينسأ له في أثره ويبسط له في رزقه فليصل رحمه).
- إن كان والداك يدركان ما يقولان ويعرفان كم مقدار المرتب فلا بد أن تثبت لهما أنك لا تأخذ منه شيئا، وإن كانا لا يدركان فأتمنى أن تتخاطب مع أقرب الناس إليك من إخوتك وهو يقوم بإقناع بقيتهم بأنك لا تأخذ شيئا وعليهم أن يقنعوا والديهم بذلك.
- قد يتنكر بعض الآباء للولد البار ويحسنون للعاق وفي هذه الحال ينبغي على البار أن يستمر ببره وأن يجعل عمله ابتغاء مرضاة الله تعالى ذلك لأن بر الوالدين قربة يتقرب بها إلى الله.
- حين يسخط الوالد بدون وجه حق فينبغي أن يكون المبتغى رضوان الله تعالى وليس التخلي عن البر، صحيح أن تسخط الوالد مؤلم للنفس لكننا إن تذكرنا أننا في عبادة هان الأمر علينا.
- تجنب الخروج دون توديعهما واكظم غيظك قدر المستطاع، وإن وجدت أن أمك تتفهم الأمر فأخبرها لتقوم هي بدورها بالتحدث مع أبيك.
- كن على يقين بأن الإنسان كلما كبر كان أكثر حرصا على الدنيا والمال كما قال عليه الصلاة والسلام: (يهرم ابن آدم ويشب منه اثنان: الحرص على المال، والحرص على العمر)، وعليه فلا تتعجب من تصرف والديك.
- الأصل أن خدمة الوالدين تتوزع على جميع الأبناء وخاصة الذكور منهم، وقد يكرم الله أحد الأبناء أو البنات للقيام بذلك البر دون غيرهم، فكن على يقين أن الله اصطفاك لهذا الأمر ومن به عليك، وبر الوالدين يعني أن تبذل قصارى جهدك ألا تقصر في حقهما وليس أن يكونا راضيين عنك وإن كان الرضا ثمرة للبر، لكن من الآباء من يكون دائم التضجر حتى لو فعل الولد معه ما لم يفعله الآخرون ومع هذا فاحرص على بذل الجهد في برهما وتحمل كلامهما وتضجرهما.
- أكثر من الاستغفار والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فذلك من أسباب تفريج الهموم كما ورد في الحديث: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكف همك ويغفر ذنبك).
أكثر من تلاوة القرآن الكريم وحافظ على أذكار اليوم والليلة يطمئن قلبك يقول تعالى: (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ۗ ألا بذكر الله تطمئن القلوب).
نسعد بتواصلك، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.