السؤال
السلام عليكم
شكرا لكم جميعا، وتقبلوا مني فائق الاحترام والتقدير.
أنا شاب أبلغ من العمر 22 سنة، أعاني من مشكلة خفقان القلب ليس بشكل دائم، أحيانا عندما تحدث مشكلة بيني وبين شخص ما وآتي إليه حتى نحل المشكلة معا يصيبني خفقان كبير في القلب لدرجة تؤذي معدتي، وأشعر بها تتقطع، ويصفر وجهي عندما أريد التحدث مع هذا الشخص.
أو عندما تحدث مشكلة بين أختي وزوجها وأحاول التدخل للإصلاح بينهما فإن قلبي يخفق بشكل لا يصدق، خصوصا عندما أرى زوجها ورجالا حاضرين معه من أقربائه، أتلكأ ولا أستطيع الحديث، ويصبح كلامي بطيئا، ويصفر وجهي، وغيرها من المواقف.
تعبت جدا من هذه الحالة، وخاصة مع الذين يستهزئون بي، فأنا أشعر بالخوف لمجرد المقابلة والتحدث مع شخص ما سواء الغريب أو القريب، فإنه تصيبني حالة هلع تصل إلى البكاء.
وللعلم فأنا أعاني من هذه الحالة منذ حوالي أكثر من 10 سنوات، وكل محاولاتي باءت بالفشل، الغريب هو عندما تأتيني هذه الحالة ينقسم قلبين قسمين، قسم يشعرني بالشجاعة، وقسم يرتجف بمعنى الكلمة.
ولا أخفي عليكم أني تعرضت للضرب المبرح من قبل أبي وأنا صغير بعمر ال 12 سنة تقريبا، وكنت ضعيف الشخصية في المدرسة، وعندما وصلت إلى المرحلة الجامعية أتذكر أني تعرضت لموقف كان يجب أن أثبت به شخصيتي، ولكني لم أفعل، وتم الاستهزاء بي جدا، وتفاديت الأمر بالتصنع والتهرب من الموضوع.
أرجوكم أريد حلا بطرق عملية، وما هو تشخيص حالتي؟ وما سببها؟ وما علاجها؟
أرجوكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ رضوان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
وصفك لحالتك ممتاز ودقيق جدا، وحالتك من الناحية التشخيصية تسمى بالخوف أو الرهاب الاجتماعي الظرفي البسيط، أي أنه يحدث في ظرف معين، وفي ذات الوقت هو ليس من النوع الشديد أو المعقد.
العلاج – أيها الفاضل الكريم – ليس بالصعب أبدا، هنالك علاج معرفي، أي علاج فكري، يكون على مستوى الأفكار، وهو: أن تحقر فكرة الخوف، وأن الذين أمامك هم بشر مثلك، والأمر لا يتعلق بضعف في شخصيتك أو نوع من الجبن من جانبك، هو سلوك متعلم ومكتسب، ربما تكون – كما ذكرت وتفضلت – التنشئة في الصغر قد تكون أثرت عليك، أو قد تكون اكتسبت هذا الخوف في سن اليفاعة أو بعد البلوغ، هذا وارد جدا.
وبما أن هذا الخوف متعلم، الشيء المتعلم يمكن أن يفقد من خلال التعليم المضاد له.
إذا عمليا يجب أن تحقر الفكرة، وتتجاهل الفكرة، وتناقش مع نفسك: لماذا أنت هكذا؟ أنت لست أقل منهم، أنت لست أضعف منهم، هم بشر وأنت بشر وهكذا. هذا الحوار الفكري المعرفي أنت تحتاج إليه كثيرا.
والخطوة العملية الأخرى هي أن تعرض نفسك، أن تكون دائما وسط الناس، أن تحضر المناسبات، أن تتفاعل مع الآخرين، أن تكون دائما في الصفوف الأمامية، خاصة في صلاة الجماعة في المسجد، هذا أيضا نوع من التعريض، وهذه طريقة علمية وعملية.
أمر آخر: عليك بممارسة رياضة جماعية، كرياضة كرة القدم مثلا، هذه تجعلك عرضة لتجمع تزداد فيه ضربات القلب، لأن الجهد الجسدي أيضا يؤدي إلى إفراز في مادة الأدرينالين، مما يؤدي إلى تسارع ضربات القلب، وبهذه الكيفية يكون قد حدث نوع من التطبع الفسيولوجي الإيجابي جدا مما يقلل من درجة الخوف لديك.
أيها الفاضل الكريم: توجد أدوية فعالة وممتازة جدا لعلاج هذه الحالة، لكن قبل أن نتحدث عن الأدوية أريدك أن تذهب إلى طبيب، طبيب باطني أو طبيب أسرة، أو حتى طبيب نفسي، وذلك من أجل أن تجري بعض الفحوصات العامة، تتأكد من قوة الدم لديك، تتأكد من وظائف الغدة الدرقية، لأن هذه لها علاقة في بعض الأحيان بتسارع ضربات القلب، مثلا فقر الدم يؤدي إلى تسارع في ضربات القلب في بعض الأحيان، كما أن زيادة إفراز هرمون الغدة الدرقية قد يؤدي إلى تسارع في ضربات القلب.
أنا لا أقول أنك تعاني من هذه العلل أو هي السبب الرئيسي فيما تعاني منه، لكن لا بد أن نتأكد عضويا.
بعد أن تتأكد أن كل شيء سليم يمكنك أن تتناول دواءين، الدواء الأول يسمى (إندرال/ بروبرالانول)، تتناوله بجرعة عشرة مليجراما صباحا ومساء لمدة شهرين، ثم عشرة مليجراما صباحا لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناوله. هو دواء بسيط وممتاز جدا، ويقلل قطعا من خفقان القلب المتسارع.
والدواء الثاني يسمى (سيرترالين) واسمه التجاري (زولفت) أو (لسترال)، يتم تناوله بجرعة نصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجراما؛ لأن الحبة تحتوي على خمسين مليجراما – تناول نصف حبة ليلا لمدة عشرة أيام، ثم اجعلها حبة واحدة ليلا لمدة أربعة أشهر، ثم نصف حبة ليلا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقف عن تناوله. هو دواء سليم أيضا، وغير إدماني، ومفيد جدا، والجرعة التي وصفناها لك هي جرعة صغيرة.
أخي الكريم: أيضا قلل من شرب الشاي والقهوة إذا كنت من الذين يكثرون من تناول هذه المشروبات، لأن بها مادة الكافيين، ومادة الكافيين تعتبر مثيرا للقلب. وعليك أيضا بتطبيق تمارين تسمى بتمارين الاسترخاء، تحدثنا عنها في استشارة بإسلام ويب تحت رقم (2136015)، أرجو أن تطبقها فهي مفيدة جدا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.