السؤال
السلام عليكم.
أنا سيدة عمري 27 سنة، وأم لثلاثة أطفال، أعاني منذ صغري من كثرة الحركة، فلا أستطيع الجلوس لوقت طويل، حيث أعاني من التركيز المفرط، وأظن أنه سبب تفوقي في الدراسة، وسريعة الملل لا أحتمل الروتين، ومترددة ودائما أشك، ولا أستطيع اتخاذ القرارات، رغم أنني في صغري كنت متهورة، ولا أضبط انفعالاتي.
عندي سوء إدارة للوقت، وصعوبة شديدة وبالغة في القيام بأكثر من مهمة في وقت واحد، أنسى كثيرا، وأحيانا أستمع لحديث الآخرين ولا أستوعبه، وأحيانا أخرى أتأخر في استيعابه، أشعر أنني أعيش في الخيال، وأن سماتي الشخصية والنفسية جعلتني أشعر بالفشل، وربما الإصابة بالاكتئاب.
كيف لي أن أتعالج لكي أعيش؟ أنا أعاني حقا، ولا أريد العيش بهذا الشكل، أشعر أنني لست أهلا لأكون أما، وربة منزل، كان لدي الكثير من الأحلام، أريد التعلم وإكمال الدراسات العليا والعمل، وأرغب أن أكون عضوا فاعلا في المجتمع، فكيف لي أن أحقق أحلامي وأنا لا أستطيع القيام بأبسط المهام؟
أفيدوني مع الشكر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم دانة حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
الذي يظهر لي من خلال استشارتك أن الطاقات النفسية القلقية لديك أكثر من المعدل الإيجابي المطلوب، والقلق قطعا هو طاقة إنسانية مهمة وضرورية، فالذي لا يقلق لا ينجح، الذي لا يقلق لا يثابر، لكن هذا القلق إذا سار في مسارات خاطئة أو لم يوجه التوجيه الصحيح قد يؤدي إلى نتائج عكسية مثل التي تعانين منها.
الذي أريده منك هو أن تستشعري أهمية هذه الطاقات النفسية، أي طاقات القلق التي لديك، وأنها يمكن أن توجه التوجيه الصحيح، وأهم شيء هو: أن تكوني على المستوى الفكري الإيجابي، أن تتخلصي من السلبيات، وأن تتذكري دائما الإيجابيات وتحاولي تعزيزها.
وحسن إدارة الوقت هي باب إلى النجاح ولا شك في ذلك، وأنت لديك مشكلة، وما دمت تستوعبين هذه المشكلة، ولديك الإدراك التام لها فيمكن معالجتها، وأنا أنصحك نصيحة مهمة جدا، قد تكون خطوة فيها الكثير من الخير لك، وهي: أن تتعلمي النوم الليلي المبكر بقدر المستطاع، نعم لديك ثلاثة أطفال -ما شاء الله-، نسأل الله أن يحفظهم، وأن يجعلهم قرة عين لكم-، قد لا يكون ليس من السهولة أن يتيسر النوم المبكر، لكن بقدر المستطاع إذا نمت نوما مبكرا هذا يؤدي إلى ترميم خلايا الدماغ، وتوجيه المسارات الكيميائية بصورة أفضل، والاستيقاظ المبكر قطعا فيه خير كثير جدا للإنسان.
أثبت الآن أن الإفرازات الكيميائية البيولوجية الإيجابية المفيدة على مستوى الموصلات العصبية في الدماغ تفرز أكثر في أثناء الصباح، والمواد المحفزة أيضا تفرز في أثناء الصباح، لذا قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (اللهم بارك لأمتي في بكورها)، أو قال: (في البكور بركة)، أو كما قال -صلى الله عليه وسلم-.
فهذه أول نقطة تبدئي بها حياتك، نوم ليلي مبكر، واستيقاظ مبكر، وبعد ذلك ضعي أعمدة أو نقاط ارتكاز لإدارة الوقت، أنا على النطاق الشخصي وجدت الصلوات الخمس هي أفضل المرتكزات لإدارة الوقت، ماذا أعمل قبل الصلاة، وماذا أعمل بعد الصلاة؟ لأن الصلاة ضابطة، {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا}، فما دام هي محددة الوقت فإذا يمكن أن نتخذها نقاط ارتكاز، هذه أفعل طريقة وأفضل طريقة وجدتها على المستوى الشخصي، وكثيرا من جربها وأخبر بفائدتها، واسأل من جرب.
وبعد ذلك حددي مهامك اليومية، من حيث عمل المنزل، المتطلبات الزوجية، متطلبات الأطفال، أن ترفه عن نفسك بشيء طيب، أن تتواصلي اجتماعيا، يا حبذا لو خصصت وقتا للرياضة، هذه هي الطرق التي تستطيعي من خلالها أن تعيشي حياة سعيدة، والسعادة -أيتها الفاضلة الكريمة- لا تأتي لوحدها، السعادة تجلب ويبحث عنها، وطريقها ليس سهلا، لكن الإنسان لديه القدرة أن يتغير.
هذه هي الأشياء الأساسية التي أريدك أن توجهي حياتك على أساسها، وأريدك أيضا أن تقرئي بعض كتب (الذكاء الوجداني)، لأنها من خلالها يمكن أن تتعلمي كيفية التعامل مع نفسك إيجابيا وكذلك الآخرين، التواصل الاجتماعي مهم جدا، أسعد الناس هم الذين لديهم تواصل اجتماعي إيجابي، فاحرصي على ذلك، -وإن شاء الله تعالى- لديك طموحات أكاديمية، وبعد أن يحدث الاستقرار النفسي أنا متأكد أنه لديك المقدرة على الإنجاز.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.