السؤال
السلام عليكم ورحمة الله
أنا فتاة أقوم بالفرائض وذات أخلاق، ولم تكن لي من هفوات الشباب خصوصا في مجتمعنا المتحرر والحمد لله، كما أني خجولة ومنطوية لم تكن لي علاقات بشباب.
الآن أنا على باب التخرج وأجد أغلب زميلاتي من اللاتي كن متحررات قد خطبن أو على باب زواج أو حتى علاقات عابرة، وأحس بحزن لكوني وحيدة ولم يتقدم لي أحد وأبكي كثيرا وأشعر أن كل البنات يتزوجن إلا أنا!
كذلك يوسوس لي الشيطان أني لو تحررت في مظهري كالبنات فسيعجب بي الشباب خاصة أني جميلة! أصبحت أبكي وأحزن كلما تخطب بنت أعرفها وأخاف أن أضعف أمام النزوة والوحدة؛ لأني أخاف الله وأتمنى زوجا بالحلال.
أرجوكم انصحوني، أنا حائرة وحزينة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Fatatt حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نسأل الله أن يقدر لك الخير ويسدد خطاك ويلهمنا جميعا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا.
إن شباب اليوم يكثر فيهم الذئاب، وطبع الحمل أن يخشى الذئاب، فلا تفرطي في حيائك ودينك، والزمي ما أنت عليه من الأخلاق والخير، وثقي بأنه سوف يأتيك ما قدره الله لك، فلا تستعجلي ولا تسيري على طريق الفاسقات.
اعلمي أن كثيرا من الشباب يريد أن يقضي وقتا ولكنه لن يختار لبيته إلا العفيفة الفاضلة، مهما كان فسق الشاب؛ لأنه يعلم أن التي خانت دينها وأسرتها لا مانع عندها من تكرار الخيانة بعد زواجها، ولذلك فإن معظم الزيجات التي تبدأ بالمخالفات الشرعية والعلاقات الشيطانية مصيرها إلى الشقاق والشكوك والطلاق والفراق، وحتى لو قدر لها أن تستمر فستكون حياة مليئة بالتعاسة والندامة ومهددة بالشيخوخة المبكرة؛ لأن ينبوع الحب سيجف وستظهر الأمور على حقيقتها، فللمعاصي شؤمها وآثارها المدمرة.
قد كانت الفتاة بالأمس غالية مطلوبة كما أرادها الإسلام لا يستطيع الرجل الوصول إليها إلا بعد أن يقدم من يشفع له وفق ضوابط معينة، وعن طريق أبوابها فلما خرجت المرأة ونزعت حجابها وتخلت عن حيائها أصبحت تركض وراء الشباب وتزور جمالها بالمساحيق وتصرف راتبها في الزينات، ومع كل ذلك فهي عرضة للخديعة واللعب بعواطفها وأنوثتها، وقد تفقد عفتها ويهرب منها المخادع الشرير، ويتركها وحيدة تندب حظها وتتحسر على تفريطها.
حافظي ـ يا فتاة الإسلام ـ على ما عندك من الحياء والخير، واجتهدي في التقرب إلى الله واعلمي أن الجمال نعمة ومن شكر النعمة أن نستخدمها في طاعة الله، فنحافظ على هذا الجمال من النظرات المسعورة، وأكثري من اللجوء إليه فإنه يجيب المضطر إذا دعاه، واعلمي أن ما عند الله من توفيق وخير لا ينال إلا بطاعة، وتعوذي بالله من الشيطان الرجيم، وتذكري أنه عدو لنا، فمتى كان العدو صادقا في نصحه، ومن عادة هذا العدو الخبيث أن يأخذ الإنسان درجة درجة، ولذلك نهينا عن اتباع خطوات الشيطان؛ لأنه عدو مبين، وهذا العدو يحرص على تزيين الشر ليخدع الإنسان، فلا تغتري بكثرة الهالكات وسيري على طريق الخير، ولو كنت وحيدة، والزمي سبيل المتقين لتفوزي بمعية الله وتأييده: (إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون) [النحل:128]، وقال سبحانه: (ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا)[الطلاق:4]، وقال تعالى: (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب) [الطلاق:2-3].
أرجو أن تشغلي نفسك بالخير، ومجالسة الصالحات وتجنبي الوحدة، فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد، واعلمي أن هم الشيطان أن يحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئا.
ونسأل الله أن يهيء لك من أمرك رشدا.