السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أتقدم بخالص الشكر للعاملين على هذا الموقع.
أنا شاب عمري 39 سنة، وزني 189 كلغ، طولي 180 سم، لم أجد من يحبني طوال حياتي، وأفضل الوحدة، تزوجت وأنجبت مؤخرا، ثم طلقت زوجتي دون أن أخطط لذلك، ولم أجد الاكتفاء العاطفي الذي يملأ شخصيتي منها، مما أصابني بصدمة بعدها.
مصاب حاليا بوسواس قهري في الصلاة والوضوء والنظافة، وأخاف عندما أنام ألا أستيقظ بعدها، مما يجعلني أتقلب كثيرا أثناء النوم، وأشعر بزيادة نبضات القلب، رغم أن الكشف الطبي أظهر سلامة القلب، وأعاني من أزمة مالية حاليا، أتناول نصف حبة من دواء 80 مرتين يوميا، فما تشخيصكم لحالتي؟
أفيدونا جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أسامة حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
لا ترسل لعقلك الرسائل السلبية كقولك: (لا يحبني أحد)، لأنه يتعامل معها ويحولها إلى أفعال، وما انعزالك عن الناس إلا ردة فعل عن تلك الرسالة السلبية.
ليس صحيحا أنه لا يوجد أحد يحبك، فهنالك أناس كثر يحبونك، ولكنك لا تشعر بهذا الحب، كون عقلك الباطن يقول لك ذلك، وما رضيت بك زوجتك التي طلقتها زوجا إلا لأنها أحبتك، وقد جعل الله -جل وعلا- من ثمار الزواج المحبة والمودة والرحمة فقال سبحانه: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة ۚ إن في ذٰلك لآيات لقوم يتفكرون).
الشيطان الرجيم حريص على عزلك عن الناس كي ينفرد بك، ويعبث بحياتك، وهذا واضح من خلال أن بدأت الوساوس تطالك، فأكثر من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، كلما أتتك مثل هذه الوساوس فإن الاستعاذة تطرد الشيطان وخواطره.
ابتعد عن العزلة، وخالط الناس، وكم أتمنى أن تراجع زوجتك، وتضم أسرتك إلى كنفك فإن ذلك من وجهة نظري من ضمن علاج حالتك، لا بد أن تحاور زوجتك بالحسنى في أوجه القصور منها، واطلب منها أن تجاهد نفسها كي تلبي طلبك من الحب والرعاية، وكن على يقين أنك لست كامل الأوصاف كما هي كذلك، وكما تحملت جوانب القصور عندك فتحمل جوانب النقص فيها، وأصل خلقة المرأة أنه خلقت من ضلع وأن أعوج ما في الضلع أعلاه.
إن كرهت من زوجتك خلقا أحببت منها آخر كما ذكر ذلك نبينا -عليه الصلاة والسلام- وإن أردت أن تقيمها كما تريد دون تدرج وتسامح وغض للطرف، كسرتها، وكسرها طلاقها وهذا ما حدث فعلا.
أفضل علاج للوسواس هو العلاج النبوي، ويتلخص في عدم الإصغاء لوساوسه، وعدم التحاور معه، وقطع تلك الخواطر مع الاستعاذة بالله منه، ومن علاج الوسواس كثرة الذكر كما قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: (الشيطان جاثم على قلب ابن آدم، فإذا ذكر الله خنس، وإذا غفل وسوس).
ما يحدث لك قبل النوم من خوف أن تنام فلا تصحو هو جزء من الوساوس المبالغ فيه، وكلنا موقن أنه قد ينام الشخص منا ولا يصحو، ولكن على المسلم أن ينام على وضوء ويأتي بأذكار النوم ومنها: (اللهم إن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين)، فإن استيقظ فتلك نعمة من الله ولذلك أول ما يقوله المسلم عند الاستيقاظ: (الحمد لله الذي أحياني بعدما أماتني وإليه النشور).
أنصحك أن توثق صلتك بالله تعالى وأن تجتهد في تقوية إيمانك فذلك مما سيجلب لك السعادة كما قال تعالى: (من عمل صالحا من ذكر أو أنثىٰ وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ۖ ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون)، والزم الاستغفار، وأكثر من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- فذلك من أسباب تفريج الهموم كما ورد في الحديث (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا)، وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكف همك ويغفر ذنبك)، وحافظ على وردك اليومي من تلاوة القرآن الكريم، وحافظ على أذكار اليوم والليلة يطمئن قلبك، يقول تعالى: (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ۗ ألا بذكر الله تطمئن القلوب).
نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى لك التوفيق.