السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تحية طيبة إلى مؤسسي هذا الموقع المبارك وإلى القائمين عليه، وجزاكم الله خيرا.
عمري 22 سنة، ليس لدي أصدقاء، لا أخرج من البيت إلا نادرا، أشعر بالنقص عندما أنظر إلى الآخرين، وأعاني من الرهاب الاجتماعي الذي دمر حياتي وجعلني صغيرا في عيون الناس، خاصة في الحياة الجامعية، حيث لا أستطيع مشاركة الطلبة بإلقاء الدروس والمحاضرات، وإذا أشار إلي الأستاذ لأشرح الدرس من مكاني أكاد أختنق، ولا أستطيع التنفس من الارتباك والخوف.
وإذا كان هنالك عرض بوربوينت أو إلقاء أمام طلبة أعجز عن تحريك لساني وفمي، وأشعر برعشة في قلبي ويدي ورجلي، ويصفر وجهي، وهذا ما حصل معي آخر مرة، فخرجت من القاعة باكيا، وغبت مدة طويلة خجلا من مواجهة زملائي، ولم أستطع تفسير ما حصل.
أريد حلا لمشكلتي، وأدعو ربي كثيرا وتخنقني العبرة، أرشدوني إلى الطريق الصحيح والخطة العلاجية، أرجو من المختصين عندكم مساعدتي، فأنا أعتبرهم بمقام الأب، علما أني لا أستطيع مراجعة الأطباء لظروف مالية، ولكني أبحث عن العلاج، أرجوكم ساعدوني.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عباس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
من وصفك نستطيع أن نقول: إنك بالفعل تعاني مما يعرف بالرهاب الاجتماعي الظرفي، أي أنه مرتبط بظرف معين معظمه حول مقاعد الدراسة ومواجهة الطلاب والمعلمين في الجامعة، وتحدثت أيضا عن بعض سمات شخصيتك والتي أصلا من سماتها الانطوائية.
العلاج -إن شاء الله تعالى- سهل وممكن والتزامك بالإرشاد النفسي مهم جدا.
الأمر الأول: أنا أؤكد لك أن مشاعرك هذه مبالغ فيها ليست كلها مشاعر صحيحة، أصحاب الخوف الاجتماعي يتوقعون دائما أنهم سوف ينهارون أمام الآخرين، أو أنه سوف تحدث كارثة، ويشعرون بنوع من خفة الرأس أو التلعثم أو ضيق في الصدر أو هكذا هذا كله مبالغ فيه، نعم هناك تغيرات فسيولوجية بسيطة لكن ليست بهذا الحجم الذي تتصوره، فأرجو أن تصحح مفهومك هذا حول هذه النقطة وأنا أعتبرها نقطة ركيزة أساسية في العلاج.
الأمر الثاني: أنك لست تحت مراقبة الآخرين، هذا أيضا أؤكده لك.
والأمر الثالث: يجب أن تقتنع قناعة تامة أنك لست منقوصا من بقية الناس، الله تعالى أكرمك بكل شيء، وأنت لست بأقل من الآخرين، والبشر هم البشر مهما علا شأنهم أو غير ذلك، فلا تتحرج أبدا وشبع نفسك بهذه الأفكار، وهذه الإرشادات الثلاثة التي ذكرتها لك فتمعن فيها وتفكر فيها، وابدأ التطبيق مباشرة.
أريدك على نطاق الأسرة أن تكون أكثر انفتاحا، هذا مهم جدا، هذه بداية ضرورية، لا تكن شخصا منزويا أو مهمشا، اسع دائما لبر والديك، وقدم اقتراحات واسع لإسعاد الأسرة واستقرارها، ومن المهم جدا أن تكون لك مشاركات اجتماعية، أهم مشاركة اجتماعية تجني منها خيري الدنيا والآخرة هي الصلاة مع الجماعة وفي الصف الأول؛ هذا ينتج عنه عائد نفسي عظيم بجانب اكتساب الأجر واحتسابه -إن شاء الله تعالى-، فاحرص على ذلك، مارس رياضة جماعية أي نوع من الرياضة الجماعية مع مجموعة من الشباب الموجودين حولك، حتم على نفسك على الأقل بمعدل مرتين في الأسبوع أن تتفاعل اجتماعيا إما أن تلبي دعوة أو تذهب مثلا لزيارة مريض وعيادته وللذهاب إلى عزاء أو المشي في جنازة، أو الذهاب إلى السوق أو الأكل في مطعم؛ هذا كله أنواع من التفاعل الاجتماعي.
وفي مقاعد الدراسة: أنصحك بأن تجلس دائما في الصف الأول، وأن تحرص تماما أن تكون لغتك الجسدية لغة إيجابية، بمعنى أن لا تتجنب النظر إلى الناس في وجوههم، واعلم أن تبسمك في وجه أخيك صدقة، وأن تكون فعالا، وأن تتمازج مع أصدقاءك، هذا مهم وهذا يأتي بالتدريج، هذا هو العلاج الأساسي بالنسبة لك.
بعد ذلك أبشرك أيضا أن الأدوية تساعد، وأنت تحتاج لدواء واحد فقط، هنالك عقار يسمى باروكستين من الأدوية الجيدة والمفيدة يسمى تجاريا زيروكسات، لكن قد تجده في العراق تحت مسمى آخر، ابدأ في تناوله بجرعة 10 مليجرامات أي نصف حبة من الحبة التي تحتوى 20 مليجراما، تناولها لمدة أسبوعين، ثم اجعلها حبة كاملة لمدة شهر، ثم اجعلها حبتين في اليوم لمدة شهرين، ثم أنقصها إلى حبة واحدة يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة يوميا لمدة شهر، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء، الدواء سليم وفاعل وممتاز و-إن شاء الله تعالى- تجني الخير منه، لكن احرص في نفس الوقت على التطبيقات السلوكية.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.