السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب عمري 18 سنة، عندي مشكلة بالتعامل مع الناس، والخجل الشديد، والخوف من المناسبات الاجتماعية لدرجة أني لا أقدر أن أقعد مع مجموعة كبيرة من الناس! أكون متوترا ولا أقدر أن أتحدث في أي شيء، وأحيانا عندما يتحدثون معي يصيبني خجل شديد ولا أستطيع أن أرد عليهم.
وخصوصا عندما يكون عندي مقابلة عمل أو زيارة، أكون متوترا، وأفكر كيف لي أن أذهب أو أتحدث؟ وكيف أتصرف؟ أفكر كثيرا، وتأتيني أفكار ومخاوف من الفشل أو الإحراج.
وعندما أجلس مع مجموعة أشخاص لا أستطيع أن أركز معهم أو بحديثهم، أكون في شرود ذهني، وأسرح بأشياء كثيرة، صرت أتجنب المناسبات الاجتماعية، ولم أعد أخرج من البيت، انعزلت عن العالم. المشكلة هذه جعلتني أخسر أشياء كثيرة في حياتي.
أرجو أن تحددوا ما أعانيه، وهل يوجد لها دواء؟ أنا سمعت عن دواء زيروكسات، هل هذا العلاج يساعدني؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
الذي أراه من وصفك أنك تعاني من درجة بسيطة مما نسميه بالخجل أو الرهاب الاجتماعي، وهو نوع من القلق النفسي المكتسب، الذي يجعل الإنسان يتجنب المواقف الاجتماعية بقدر المستطاع، ويحس بنوع من الرهبة عند هذه المواجهات، ومن ثم تتقلص مهارات الإنسان اجتماعيا، وينزوي تماما.
الحمد لله تعالى أنت لم تصل لهذه الدرجة، لكن لا بد أن تعالج حالتك، والدواء له دور في العلاج، لكن لا أعتقد أنه الدور الأساسي.
أنت محتاج -أيها الفاضل الكريم- أن تبدأ برامج نسميها (برامج المواجهة مع منع الاستجابة السلبية)، أول هذه الخطوات -أخي الكريم- في العلاج:
- أن تثق في مقدراتك، وأن تثق في نفسك، وأنك لست أقل من الآخرين.
- ما تحس به من خجل أو خوف أو تخوفك من التلعثم في الكلام أمام الناس، أو أن الناس تراقبك، أو أنك سوف تفقد السيطرة على الموقف في أي موقف اجتماعي. هذا التصور والمشاعر مبالغ فيها، أنا أؤكد لك ذلك.
- يجب أن تحدد برامج عامة، نسميها (برامج المواجهة الاجتماعية السلوكية المعرفية الإيجابية). هذه البرامج تتكون من ثلاثة أشياء رئيسية:
أولها: الصلاة مع الجماعة في المسجد، هذا - يا أخي - نوع من المواجهة الاجتماعية الإيجابية جدا، لأن المسجد مكان الطمأنينة والأمان، والمصلين نحسبهم - والله حسيبهم - أنهم إن شاء الله تعالى أفضل من يمشي على الأرض، شهادة من الله تعالى: {إلا المصلين * الذين هم على صلاتهم دائمون}، وشهادة منه سبحانه: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية}، ولا تجد أحدا يعتاد المساجد يستهزأ بك، ولا يسخر منك، على العكس تماما سوف يقدر الناس وجودك في المسجد، شاب في مثل عمرك. واحرص أن تصلي مع الجماعة خاصة في الصف الأول.
ثانيها: أن تمارس رياضة جماعية، اختر مجموعة من الناس، من الأصدقاء ومن المعارف، وممارسة كرة القدم وجدتها - على سبيل التحديد - هي الأفضل، لأن الإنسان يتفاعل فيها كلاميا، وحركيا، وجسديا، ووجدانيا.
ثالثها: الحرص على صلة الرحم وزيارة المرضى، وحضور الأفراح والأعراس، وتقديم واجب العزاء، والمشي في الجنائز، أن تأكل في مطعم ولو مرة في الأسبوع مع بعض الأصدقاء، أن تمشي إلى التجمعات ومراكز التسوق مثلا، حتى وإن كنت لا تريد أن تشتري شيئا.
هذه - يا أخي - نوع من البرامج المتوفرة والسهلة، وهي جزء من حياتنا الاجتماعية، فأرجو أن تطبقها.
بعد ذلك - أخي الكريم - لا بد أن تكون لك برامج أسبوعية تلتقي فيها مع بعض الأصدقاء أو المعارف، وفي داخل الأسرة يجب أن تكون شخصا فعالا، متحدثا، مساهما، لا شخصا مهمشا.
ومن أهم النصائح التي أقولها لك هي: مراقبة تعبير وجهك، لا بد أن يكون وجهك بشوشا، ولا تتجنب النظر إلى الآخرين، واعرف أن تبسمك في وجه إخوانك صدقة، بل صدقات، حين تقابل أحدا أجبر نفسك على التبسم واحتسب الأجر، كما أن لغة الجسد يجب أن تراعيها، خاصة لغة اليدين، وكذلك نبرة الصوت. نبرة الصوت تعبر تماما عن الحالة النفسية الداخلية للإنسان.
هذه أسس رئيسية يجب أن تهتم بها، وتذكر أنك شاب في بداية سن الشباب، والله تعالى قد حباك بطاقات عظيمة جدا.
إذا هذه البرامج التي أرجو أن تطبقها، وسوف تساهم في علاجك تماما.
بالنسبة للدواء: الزيروكسات دواء جيد، والزولفت أيضا جيد، وإذا ذهبت إلى طبيب نفسي هذا أيضا أجود وأفضل. لو كان لا بد أن تتناول دواء فالزولفت أفضل لك، ابدأ في تناوله بجرعة نصف حبة - واسمه العلمي سيرترالين - تناولها لمدة عشرة أيام ليلا، ثم اجعلها حبة كاملة ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم نصف حبة ليلا لمدة أسبوعين، ثم حبة يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقف عن تناوله.
هذه جرعة بسيطة، وسوف تساعدك كثيرا، خاصة إذا مازجتها مع التوجيهات السلوكية التي أسديناها لك وأرشدناك بتطبيقها.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.