السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شاب أبلغ من العمر 30 سنة، غير متزوج، أعاني من وسواس وخوف إثر صدمة حصلت لي قبل سنة تقريبا، وبدأت أشعر بالدوخة وألم في الصدر وصداع متنقل، ولا أعرف ما هو السبب الحقيقي؟
أجريت عدة فحوصات بعد أن راجعت أكثر من طبيب تقريبا 9 أطباء، منهم باطنية وقلبية وعصبية، وكانت التحاليل كلها سليمة، CBC، وتحليل الغدة الدرقية، وتحليل إنزيم القلب، وتحليل الدهون الثلاثية والسكر، وتحليل فيتامين (د)، وجميعها كانت طبيعية، ولكن لا زال التفكير والألم الذي يحصل يقلقني أكثر، وأدخل في وسواس مرضي، وأحيانا أحس نفسي بعالم آخر، وعندما أخرج خارج البيت أحس نفسي بأني سأقع على الأرض، مع دقات قلب غير منتظمة، ودائما ما أحسب دقات قلبي من خلال المعصم لمدة دقيقة، وأقيس ضغط الدم تقريبا باليوم أكثر من عشر مرات، مما جعلني تعيسا، حاولت الخروج من هذه الحالة بممارسة الرياضة، وقراءة القرآن، لكن لا بد أن ترافقني هذه الأفكار، تبدأ معي منذ استيقاظي في الصباح الباكر إلى النوم، وتتكرر في اليوم التالي.
أرجو أن تساعدوني وتنقذوني من هذه الأزمة، ولكم الأجر والثواب، وسأفعل ما تقولون إن شاء الله تعالى.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علاء حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نشكر لك الثقة في إسلام ويب، أعراضك واضحة جدا -أخي الكريم- وهي إن شاء الله بسيطة.
الذي تعاني منه نسميه بقلق المخاوف الوسواسي، وهو دائما يتعلق بهموم حول الصحة، ومخاوف، وشعور بعدم الطمأنينة، وربما التنقل بين الأطباء أو الإسراف في الاطلاع على المواد الطبية، وهذا في حد ذاته كثيرا ما يؤدي إلى خلال كبير في تعامل الإنسان مع هذه الحالات، بمعنى أن الحالة سوف تتعقد، والتوهمات سوف تكثر.
فيا -أخي الكريم- حالتك واضحة جدا، وربما يكون أصلا لديك شيء من الاستعداد للقلق، والقلق قد يكون طاقة نفسية إيجابية جدا إذا وجهناه التوجيه الصحيح، لكن إذا اهملناه يحتقن ويصبح طاقة نفسية سلبية.
أنا أريدك أن تستمر في ممارسة الرياضة، والحرص على صلاتك وتلاوة القرآن والدعاء، هذا أمر مهم جدا.
ونصيحة أخرى مهمة جدا هي زيادة الترابط الاجتماعي، توسيع الشبكة الاجتماعية وجد أنها من أفضل مقاومات الصحة النفسية السليمة، وتجاهل هذه الأعراض بالكلية، وأن تشغل نفسك فيما هو مفيد، لأن حسن إدارة الوقت أيضا تجنبنا الوقوع في الفراغ الذهني والفراغ الزمني، وتعرف أن الفراغ مشكلة كبيرة جدا، فحاول -أخي الكريم- أن تستثمر وقتك، أن تتواصل اجتماعيا، وأن تكون إيجابيا في تفكيرك، وأن تكون رؤيتك نحو المستقبل رؤية إيجابية، وأن تضع مشاريع وبرامج تحاول أن تنفذها بقدر المستطاع، بهذه الكيفية تكون قد أخرجت نفسك حقيقة من هذه الوسوسة وهذه المخاوف، وأذكار الصباح والمساء مهمة جدا لأنها تبعث طمأنينة جدا في نفس الإنسان فاحرص عليها يا -أخي الكريم-.
أريدك أيضا أن تكون معبر عن ذاتك لا تكتم لا تحتقن؛ فالاحتقان النفسي يؤدي إلى إشكالات كبيرة في حيث تراكم القلق والطاقات النفسية السلبية وهذا يؤدي إلى الخوف والوسوسة دائما، فالتفريغ النفسي أيضا من الحلول المطلوبة جدا.
أخي الكريم: أنا أرى أن تناولك لأحد الأدوية المضادة لقلق المخاوف سيكون مفيدا لك، والحمد لله لدينا أدوية مفيدة جدا وأن لا تحتاج لأكثر من دواء واحد وبجرعة صغيرة، من أفضل الأدوية العقار الذي يعرف باسم سيرترالين ويسمى تجاريا زوالفت، واسمه الآخر لسترال، وربما تجده في العراق تحت مسمى تجاري آخر.
الجرعة هي أن تبدأ بنصف حبة 25 مليجرام يوميا، تتناولها ليلا لمدة 10 أيام، بعد ذلك اجعلها حبة واحدة تناولها ليلا لمدة 4 أشهر، ثم اجعلها نصف حبة ليلا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناول الدواء، هذه جرعة بسيطة، وأعتقد إن شاء الله تعالى سوف تفيدك كثيرا.
لكن لا بد -أخي الكريم- أن تلحق العلاج الدوائي بالعلاج السلوكي؛ لأن العلاج السلوكي هو الذي يمنع الانتكاسات في المقام الأول، موضوع الصدمات النفسية والعصبية وأنها قد تثير عند الإنسان أعراضا نفسية سلبية هذا أمر وارد في الحياة، لكن الإنسان دائما يحاول أن يكون مثابرا وصلبا وقويا وحازما وحاسما، ويدفع نفسه الدفع الإيجابي في كل شيء، ويقاوم تماما نوبات القلق والفزع ويحسن المزاج.
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.