لا أشعر بطعم الحياة وأفكر بالموت دائما.

0 190

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

عندي مشكلة نفسية، وأتمنى منكم حلها في أقرب وقت ممكن.

أنا إنسان حساس وكتوم، المشكلة بدأت بعد وفاة جدي الله يرحمه ويرحم أموات المسلمين.

أحس أني متوتر جدا، وأفكر في الموت كثيرا، ولا أحس بطعم الحياة، وأحس أني قلق جدا، وأي شيء يحصل لي أربطه بالموت، وكيف سأموت، والتفكير هذا يجعلني أكره الحياة، وأظل أحاسب نفسي وأقول كل شيء يحصل لي من أمور الدنيا أقول ربي غاضب علي من الذنوب القديمة التي ارتكبتها، مع أني نادم على فعلها، والله غفور رحيم، والقولون يثور عندي، ومزاجي يتعكر، ودائما أكون حزينا، مزاجي مضطرب، وإذا فاتتني الصلاة وأنا نائم أقول ربي غاضب علي، وإذا ذهبت لعزيمة أو إلى حفل يأتيني خوف منهم، وأبدأ بالتعرق، وريقي ينشف، وعظامي ترتجف من أناس معينة إذا رأيتهم، أخاف منهم لأنهم يكرهوني وبيني وبينهم مشاكل.

وإذا ذهبت إلى النوم أحس أني لا أقدر أن أنام، آخذ ثلاث ساعات ولا يأتيني نوم، مع أني متعب، لكن لا أقدر أن أنام، ولي على هذا الحال تقريبا 3 سنوات.

أتمنى منكم حل هذه المشكلة في وقت ممكن، لأني أعاني كثيرا.

شاكرا ومقدرا لتعاونكم معي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Abo sarah حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

اعلم -أخي الفاضل- أن الموت حق، وهو سنة الله في كونه، وإنما الدنيا دار اختبار وابتلاء، وطريق سفر، وساحة للتزود بالأعمال الصالحة والطاعات والقربات، لكل طامع بالقرب من الله سبحانه وتعالى، ونيل أعلى الدرجات، والفوز بالفردوس الأعلى نعم المنزل والمستقر، قال تعالى: {كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام} (الرحمن:26-27). قال تعالى : ﴿ كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور ﴾ [آل عمران: 185]

هذه حقيقة ثابتة، وقد جعل الله -عز وجل- هذه الدنيا مزرعة للآخرة، وميدانا للعمل والنفع وتقديم الخير لنفسك وللآخرين، وليس للبقاء مقيدا أسيرا لفكرة الموت، تسيطر عليك فتمنعك من التقدم والإنجاز، فهذا عمل لا يرضاه الله سبحانه وتعالى، ومخالف للهدف الذي خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان لأجله، ألا وهو عمارة الأرض، فالإنسان خليفة الله في الأرض؛ قال تعالى: "وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين" (77 سورة القصص).

نعم كلنا نتأثر بموت من نحب، وفقدان الأعزة على قلوبنا، ونحزن لفقدهم، ولكن الحياة تستمر والزمان لا يتوقف، وإن المبالغة في الحزن هي نوع من الاعتراض على قضاء الله من حيث لا تدري.

أما تفكيرك المستمر بأن الموت يحيق بك، وأن الله سبحانه وتعالى غاضب من الذنوب والمعاصي التي ارتكبتها؛ فاعلم أن الله غفور رحيم، وأن السبيل للخلاص من هذه الذنوب سهل يسير ألا وهو التوبة الصادقة، واعلم أن الحسنات يذهبن السيئات، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، ومن العلاجات القرآنية النافعة كثرة الاستغفار، وقال تعالى: "قل يا عبادي الذين أسرفوا علىٰ أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ۚ إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم" (سورة الزمر -53-).

وأنصحك للخروج مما أنت فيه:

1- اتخذ لنفسك صاحبا صالحا صدوقا، يكون أهلا لتضع ثقتك بك، ترتاح له، وجاهد نفسك على البوح له بما يدور في ذهنك من خواطر وأفكار، واستشارته بكل ما يحدث معك، فالكتمان له آثار سلبية تنعكس على النفس قلقا وأرقا وتوترا، وقد يكون حل ما تعاني منه أبسط بكثير مما تتوقع ، ولكن المخرج قد يغيب عنك لأنك ترى الموضوع من زاوية واحدة، فعندما تتحدث لمن تثق به وبرأيه من الممكن أن تتضح لك الرؤية أكثر.

2- حافظ على الصلوات الخمس في جماعة وخاصة صلاة الفجر، واحرص على صلاة التهجد، واجلس في المسجد بعد صلاة الفجر لقراءة جزء من القرآن الكريم، ومن ثم أوراد الصباح، فحينها ستشعر بسكينة وطمأنينة رائعة، فالله سبحان وتعالى يوزع الأرزاق في هذه الساعات المباركة، لا الأرزاق المادية فحسب بل حتى المعنويات.

قال -صلى الله عليه وسلم- في حديث رواه الطبراني في الأوسط: "باكروا الغدو -أي الصباح- في طلب الرزق، فإن الغدو بركة ونجاح".

3- حضور مجالس العلم، واتخذ لنفسك شيخا ومربيا، واطلب منه النصح والإرشاد والتوجيه، فسيكون لك نعم العون والسند بإذن الله، إضافة إلى أن حضور مجالس العلم تزكي النفس وتطهر القلب.

4- ضع لنفسك خطة لحفظ القرآن الكريم، خلال مدة زمنية محددة، فالروح تصفو في رحلة حفظ القرآن، والقرآن يحفظ الإنسان من الذنوب والآثام، وإن وقع في الإثم فسرعان ما يرجع ويتوب ويستغفر.

5- اجعل لنفسك هدفا تسعى إليه، وضع الاستراتيجية والخطوات، واجعل هدفك مكتوبا؛ فذلك سيجعلك تركز على هدفك، ويصرف تفكيرك عن التشتت والتركيز على فكرة الموت، ويمنحك العزم والإرادة، وتستيقظ كل صباح وكلك أمل وثقة وحسن ظن بالله أن هدفك سيتحقق بإذن الله.

6- الاستقرار الاجتماعي من أكثر الأمور التي تمنح الإنسان الاستقرار والأمان النفسي، فأنصحك بالزواج، إن كان وضعك مهيئا وظروفك مناسبة، فالتفكير ببناء أسرة يدخل السرور والبهجة على قلبك، فذلك من أكثر الأشياء التي تربطك بالحياة.

أسأل الله أن يرزقك قلبا شاكرا ولسانا ذاكرا، ويلهمك الحكمة والسداد والتوفيق لكل ما ترجوه وتصبو إليه.

مواد ذات صلة

الاستشارات