السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة أبلغ من العمر 24 عاما، مشكلتي بدأت عندما توفي والدي منذ ثلاث سنوات، حيث أصابي خوف ورعب شديد من الموت، أو أن أفقد أحدا من أحبتي، حيث إنني أشعر أن نبضات قلبي تتسارع، وأنني أعاني من نوبة قلبية وأطرافي ترتجف وأتعرق!
كنت أشعر بهذه الأعراض لمدة عام من بعد وفاة والدي رحمة الله عليه بشكل مستمر، ولكن بدأت تختفي وتأتي مرة أو مرتين في الشهر عند اقتراب الدورة الشهرية! ولقد ترددت كثيرا قبل أن أضع استشارتي هذه، ولكنني تعبت كثيرا من هذا الوضع، حيث أصبحت أحلل كل رفة جفن، أو سعلة بأنها مرض خطير سوف أصاب به، وأبدأ رحلة البحث في الانترنت عن الأعراض، ثم أشعر بالرعب الشديد، ولكي أطمئن قمت بعمل تحاليل شاملة، وكانت النتائج -ولله الحمد والمنة- سليمة، ولكن كنت أعاني من الآلام في الرقبة، وذهبت إلى الطبيب، وأخبرني أنها مشدودة.
قمت بتغيير وسادتي وعمل التمارين -ولله الحمد- أصبحت أفضل بكثير! ولكن المشكلة الآن أنني بدأت أوسوس من وجود شامة بنية اللون وصغيرة الحجم لا تتعدى 2 مللميتر في الثدي، هذه الشامة منذ عدة سنوات، ولكنني عندما رأيتها أصبت بالذعر وبدأت أقرأ عن الشامات، وبدأت أشعر بألم في معدتي وتسارع في نبضات قلبي وأطرافي ترتجف، وبدأت في البكاء! حيث إنني لا أشعر بألم في صدري، ولكن هناك بعض المسامات الموجودة به، ويؤلمني مع الدورة الشهرية أو قبلها!
أرجو منكم أن تعطوني إجابة أو نصيحة، هل أنا مريضة أو متوهمة؟! أريد حلا حيث إنني تعبت كثيرا، وأصبحت أشعر أنني في قلق دائم والخوف من المجهول!
شكرا جزيلا مقدما.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ تالا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في الشبكة الإسلامية، ونسأل الله تعالى الرحمة والمغفرة لوالدك ولجميع موتى المسلمين.
الناس تعبر عن أحزانها بعدة طرق، والأحزان بعد الوفيات - خاصة إذا كان المتوفى شخصا عزيزا مثل حالتك هذه - وأحد طرق التعبير عن الأحزان هي المخاوف، خاصة المخاوف المرضية، وكثيرا من الناس يحدث لهم نوع من التوحد أو الاندماج الكلي مع الشخص المتوفى، بمعنى: أن شخصا ما إذا توفي مثلا بسكتة قلبية فقد يصاب أحد الأقرباء - أو الأشخاص اللصيقين به أو أكثر من شخص - بمخاوف شديدة جدا حول السكتة القلبية، والبعض يبدأ يستشعر آلاما بالصدر، وتنميلا في اليد اليسرى، ضيق في التنفس... وهكذا.
إذا ما حدث لك هو نوع من التعبير عن فقدانك لوالدك - رحمه الله تعالى - وهذا أمر طبعا ليس تحت إرادتك، ومرتبط بالجهاز العصبي اللاإرادي، وكذلك المكونات النفسية والوجدانية لديك.
الحمد لله تعالى أصبحت الآن هذه الأعراض أقل كثيرا، وهذا شيء يبشر ومتوقع، والآن كل الذي بك هو التخوف حول هذه الشامة، وإن كانت موجودة منذ سنوات، وهذا دليل أن مخاوفك مخاوف غير مبررة، غير منطقية، حتى آلام الرقبة كانت ناتجة من انشداد عضلي، والانشداد العضلي سببه الانشداد النفسي أو التوتر النفسي.
إذا بصفة عامة أقول لك أنك لست متوهمة للمرض، لكن أنت حساسة ولديك قابلية أصلا لقلق المخاوف، افهمي شخصيتك وبنيانك النفسي على هذه الشاكلة، وحقري مثل هذه الأفكار حين تأتيك، ولا تهتمي بها أبدا.
آلام الصدر التي تأتيك مع الدورة الشهرية هي أمر طبيعي، كثير من الفتيات يشعرن بشيء من الاحتقان في الثدي وبعض الآلام عند الدورة الشهرية؛ لأن الوضع متعلق بتغيرات هرمونية.
فإذا أكرر: أنت لست متوهمة، لكنك حساسة، ولديك قابلية واستعداد للمخاوف، هذا -إن شاء الله تعالى- يختفي أيضا تدريجيا، اشغلي نفسك بما هو مهم في الحياة، وتوكلي على الله، واحرصي على الدعاء، خاصة أذكار الصباح والمساء، وعيشي حياتك بكل طمأنينة وأمل ورجاء.
في حالتك قد لا تكون الأدوية مطلوبة بدرجة عالية، لكن أيضا تناول دواء بسيطا لفترة قصيرة أعتقد أنه سوف يبعث فيك طمأنينة كبيرة جدا، وعقار (سبرالكس) والذي يسمى علميا (استالوبرام) أراه مناسبا جدا لحالتك، لكن بجرعة صغيرة ولمدة قصيرة، والدواء سليم وغير إدماني، ولا يؤثر على الهرمونات النسائية.
الجرعة هي أن تبدئي بخمسة مليجرام - أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام - تناوليها لمدة أسبوع، ثم اجعليها حبة واحدة يوميا لمدة شهر، ثم نصف حبة يوميا لمدة أسبوعين، ثم توقفي عن تناوله.
وللفائدة راجعي علاج الخوف من الموت سلوكيا: (259342 - 265858 - 230225).
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.