السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب، وقبل ثمان سنوات، كنت شخصا طبيعيا للغاية، لا أعاني من أي مشاكل، وكنت متفوقا في دراستي، ولدي هوايات كثيرة، إلى أن مزح معي أحد الطلاب مزحة من النوع "الجنسي"، أزعجتني بشدة، وشعرت أنها أهانتني وانتهكت كرامتي، رغم أنها مزحة منتشرة، وليست أول مرة أتعرض لمثلها، لكن هذه المرة كانت ردة فعلي مختلفة، ولا أعلم السبب!
عدت إلى المنزل بحالة نفسية سيئة، لم أعد أستطع الاستمتاع أو التركيز حتى في ألعاب الفيديو، أصبحت شارد الذهن دائما وأشعر بضيق مستمر.
حاولت أن أصلح من نفسي، فغيرت مكاني في الصف، ثم انتقلت إلى فصل آخر، لكن لم يتغير شيء.
بحثت كثيرا في الإنترنت عن الحلول، ولم أجد شيئا يريحني، وقررت بعد ستة أشهر أن أزور طبيبا نفسيا، وكنت آنذاك بعمر خمسة عشر عاما، وأخبرني الطبيب أن لدي اكتئابا بسيطا، فوصف لي دواءين لا أذكر اسميهما، أحدهما مهدئ يستخدم عند الضرورة، ولم أستفد منه، والثاني مضاد للاكتئاب.
راجعت الطبيب بعد أسبوعين أو ثلاثة، فقال لي: يجب التوقف عن الأدوية بالتدريج، وأخبرني أنني سليم، وأن علي فقط أن أتوقف عن الخوف والتفكير السلبي، وفرحت بكلامه كثيرا، لكن للأسف لم أشعر بأي تحسن، وبدأت أبحث عن تفسيرات أخرى.
قتلتني الحيرة وكثرة التفكير، وبدأت أقول: لعلها عين أو حسد، وارتحت قليلا لهذه الفكرة؛ لأنها بدت كأنها التفسير الوحيد لما أعانيه.
مع مرور الوقت، تحسن مزاجي تدريجيا خلال ثلاث سنوات حتى اختفى الاكتئاب، لكن بقيت لدي وساوس بسيطة كنت أتجاهلها قدر الإمكان.
أنهيت المرحلة الثانوية، ثم التحقت بالجامعة، وبعد الانتهاء من السنة الأولى، مررت بانتكاسة جديدة، ثم تحسنت بالطريقة ذاتها، إلى أن جاءت الانتكاسة الثانية في رمضان الماضي.
عدت لشعور الشرود الذهني، والتفكير الزائد، وإحساس مستمر بالانزعاج، وكأن هناك شيئا خاطئا، ومزاجي سيئ، لا أستطيع الاندماج مع من حولي كما كنت في السابق، وبدأت تنتابني نوبات من اليأس والحزن والبكاء، وخوف من أن تسوء حالتي وأصل إلى الجنون.
ذهبت لطبيب نفسي آخر، فأخبرني أن لدي اكتئابا من خفيف إلى متوسط، ووصف لي دواء ميرزاقين (نصف حبة يوميا بتركيز 15 ملغ). وما زلت أستخدمه منذ 18 يوما.
قرر الطبيب أن أبدأ جلسات علاج نفسي، وأخبرني المعالج أن ما أعانيه له علاقة بأسلوب تربيتي، وأنني أقسو على نفسي كثيرا بسبب أو آخر، وأشعر دائما أنني الضحية، وقد وجدت هذا الكلام صحيحا إلى حد كبير، وأكد لي أنني -بعون الله- سأعود كما كنت بعد الاستمرار في الجلسات واستخدام العلاج.
المشكلة الآن أنني قلق من أن يكون تشخيصي غير دقيق، وأجد صعوبة في تصديق أني جيد في الأخلاق والتصرف، أو السكوت عن حقي، أو مواقف عشتها في طفولتي يمكن أن تكون سببا في ما أعانيه.
لماذا لم أشعر بالاكتئاب قبل تلك الحادثة في المدرسة؟ ولماذا أثرت في بهذه الطريقة تحديدا؟ رغم أنني أعلم أنها تحدث كثيرا بين الطلاب في هذا العمر، وهي أمر معتاد – وهذا ما يحيرني جدا.
كما أن لدي قلقا من أن تكون جلسات العلاج السلوكي أشبه بتدريب حيوانات السيرك! لا أعرف كيف أصف هذا الشعور بدقة.
مزاجي في الفترة الماضية يتراوح بين المعتدل والسيئ قليلا، وعندما أقرأ تجارب الأشخاص الفاشلة مع العلاج، ينتابني إحباط شديد، وأشعر بأنه لا يوجد أمل.
أنا طالب جامعي، وأحب تخصصي جدا، وكنت أطمح للدراسات العليا، لكن الآن لا أعلم إلى أين أتجه.
لدي عدد كبير من الأصدقاء، وأخرج يوميا تقريبا، وعلاقتي بأهلي طيبة جدا، وحالتي المادية ممتازة.
أعلم أن كلامي يبدو مشتتا، لكنني أكتب على عجل، فما تشخيصكم لحالتي؟ شكرا جزيلا لكم.