السؤال
السلام عليكم
بارك الله فيكم على مجهودكم والله يجعله في ميزان حسناتكم.
أنا متزوج وعندي بنت واحدة بعمر 11 سنة، وفجأة أصبحت تخاف أن تذهب للمدرسة، وحصلت معها أنها كانت في (رمله آلو متخف) وضاعت بين الغرف لفترة قصيرة، وتم إيجادها بسرعة، وكان هناك خط نقل للمدرسة، وكذلك كان يتأخر عليها ربع ساعة وكذلك سبب لها خوفا في البقاء بالمدرسة، وصارت لا تذهب إلى المدرسة، وسننقلها إلى مدرسة أخرى، وأصبحت ملتصقة بي، ولا تتركني، وعندها خوف من أن تتركني، وأحيانا تأتيها نوبات حزن، وعموما هي من النوع المتوتر وعصبية، وتنتابها موجات غضب شديدة وبكاء، ويكون السبب تافها، ولا نعرف كيف نوقف هذه الموجة.
الدكتور كتب لها دواء لحالتها التي قال إنها separation anxiety والدواء fluvoxamine 50 تأخذ نصف حبة، لكن الصيدلاني خوفني من الدواء لآثاره الجانبية.
صارت لا تذهب حتى إلى بيت جدتها وحدها، وحتى لا نتركها ببيت الأهل أو الأصدقاء وحدها، وصارت لا تذهب لأحد إلا إذا نحن معها، وهي تحبط بسرعة وتبكي بسرعة، وتصبح عصبية بسرعة، وتتعب بسرعة، لكنها تأكل بصورة معتدلة.
أعطيها التلبينة مرة واحدة يوميا وتحسن وضع الحزن، وأصبحت أقل حزنا مع موجات سعادة، ومرات تكون حزينة، لكن أقل من السابق، فأفيدوني عن حالتها وعن علاجها، وفترة العلاج.
أنا متفرغ لها، وأسكن في بلد أجنبي، ومداوم على قراءة سورة البقرة خمس مرات بالأسبوع على الأقل منذ سنوات، وأضفت إليها سورة آل عمران.
مع شكري الجزيل لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ali حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نسأل الله تعالى لهذه البنية الصحة والعافية.
من الواضح أن هذه الابنة - حفظها الله - بالفعل تعاني من قلق الفراق، وقلق الفراق دائما حقيقة في هذا العمر - أي من 10 إلى 12 عام - تكون المنافع فيه متبادلة ما بين الأم في غالب الظن وكذلك الطفل.
سامحني في هذا - أخي الكريم - لا أريد أن أتهم أسرتك الكريمة بأي نوع من القصور، لكن هذه حقيقة علمية.
كثير من الأمهات ربما بصورة لا شعورية يشجعن التصاق الأطفال بهم، وقطعا الطفلة سوف تستمرأ الوضع الذي هي فيه وتطالب بالمزيد، للدرجة أنه يحصل نوع من التماهي أو التوحد بين الطرفين، مما يجعل عملية الفراق يكون لها ضحية، وغالبا الضحية في هذه الحالة سوف تكون الطفلة.
عموما - أخي الكريم - أيا كانت المسببات لقلق الفراق هذا فالعلاجات أنا متأكد أن المختص سوف يوجه لكم الإرشاد اللازم.
لا بد أن تكون هنالك مساحة جغرافية ما بينكم والطفلة داخل المنزل، هذا أساس ضروري جدا، يعني: أن نعطيها شيئا من الاعتمادية على ذاتها، ولا نجعلها تتابع خطواتكم في كل لحظة. هذا يتطلب منكم شيئا من الحسم والقوة.
تشجع الطفلة على كل فعل إيجابي تقوم به، ويجب أن نجعلها تنظم مثلا ملابسها لوحدها، خزانة الملابس، تجهز فراشها، أن تدخل المطبخ، تعد كوبا من الشاي أو العصير مثلا. بهذه الكيفية قد نساعدها على بناء بعض المهارات التي تساعد على بناء شخصيتها.
هذه الطفلة بعمر أحد عشر عاما ويجب أن نشرح لها قيمة التعليم، بشيء من اللغة المبسطة جدا، مع شيء من التحفيز. ولا تكن هنالك أي مساومة في موضوع ذهابها إلى المدرسة، حتى وإن صرخت وإن بكت، يحدث ما يحدث، يجب أن تذهب إلى المدرسة، ويجب أن يكون هنالك اتفاق مع إدارة المدرسة على ذلك.
هذه هي الأسس العلاجية الرئيسية: تعزيز ما هو إيجابي مبدأ رئيسي، مع تجاهل ما هو سلبي، أن تكون هنالك مسافة جغرافية ما بينكم وبين الطفلة حتى داخل المنزل، وأن ننمي مهاراتها وشخصيتها.
بالنسبة للعلاج الدوائي أخي الكريم: قطعا الأدوية تساعد في تخفيف القلق والتوتر المصاحب لهذه الحالة، وعقار (فلوفكسمين fluvoxamine ) من الأدوية التي تعطى كثيرا لعلاج هذه الحالات، وأنا أطمئنك - أخي الكريم - أن الدواء سليم، هذه حقيقة أن الدواء سليم جدا، ولا أريدكم أن تعتقدوا أن الدواء هو خط العلاج الرئيسي، لكنه مساعد، سوف يقلل من درجة التحفز واليقظة الشديدة لديها والخوف من الفراق، وهذا سوف يمهد كثيرا للتطبيقات السلوكية التي تحدثنا عنها.
أرجو أن تطمئن - أخي الكريم - فيما يتعلق بفعالية الدواء، وأعتقد نصف حبة هي الجرعة التمهيدية أو هي جرعة البداية، والطفلة في هذا العمر جرعتها العلاجية يجب ألا تقل عن خمسين مليجراما.
هذه وجهة نظري - أخي الكريم - وقراءة القرآن قطعا مفيدة، والدعاء - أخي الكريم - مهم جدا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.