السؤال
السلام عليكم..
من فضلك دكتور/ محمد عبد العليم، أريد إجابة علمية بحتة على هذه الأسئلة، وجزاك الله خيرا.
ما هو الفرق بين الأدوية المضادة للاكتئاب من حيث المادة الفعالة؟ ولماذا يفضل دواء عن آخر في حالات الرهاب أو الوساوس أو حتى الفصام؟ وعلى أي هرمونات تعمل؟ خاصة هذه الأدوية: بروزاك، لوسترال، سيروكسات، فافرين، سبرالكس، لاميكتال، أندرال، أبيليفاي؟
أرجو من حضرتك أن تفيدنا بخبرتك الطويلة في هذا المجال.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الأدوية هذه -أخي الكريم- تعمل من خلال ما يسمى بـ (التمثيل الأيضي) على مستوى الكبد، وهنالك هرمون معروف يسمى (سيتوكروم Cytochrome P450)، وهذا له جزئيات مختلفة، من خلاله يتم التمثيل الأيضي لكل دواء، حسب تأثير جزئية الهرمون على كل دواء في وقته.
وهذه الأدوية -التي ذكرتها- متقاربة جدا، وكلها تعمل من خلال مادة السيروتونين، والنورأدرينالين، وكذلك الدوبامين في بعض الأحيان، لكن توجد هنالك اختلافات في جزئيات السيروتونين، وكذلك جزئيات النورأدرينالين.
فإذا كل دواء يعمل من خلال المنظومة الكيميائية المتعلقة بالشبكة الخاصة بما يسمى بالموصلات العصبية.
اللامكتال قطعا يختلف، فطريقة عمله مختلفة جدا، وهو يعمل من خلال الـ (جابا) ومواد أخرى، وكذلك الإندرال يعمل من خلال كوابح الـ (بيتا)، والإبليفاي يعمل من طريق الدوبامين، وكذلك عن طريق السيروتونين.
أخي الكريم: العملية معقدة جدا وليست بهذه السهولة، وهنالك جانب مهم جدا: كل إنسان لديه تفاعله الكيفي والكمي مع هذه الأدوية، يعني: أن الجينات الوراثية أيضا تلعب دورا أساسيا في كيفية فعالية هذه الأدوية أو عدم فعاليتها، لذا -أخي الكريم- نرى أن هنالك بعض الناس ينتفعون من أدوية ولا ينتفعون من أخرى، وإذا أتاك شخصان كلاهما يعاني من اكتئاب نفسي وأعطيتهما نفس الدواء قد يستفيد أحدهما والآخر لا يستفيد، وذلك نسبة لأنه لم يحدث توافق جيني بالنسبة للشخص الذي لم يستفد، وحصل توافق جيني إيجابي بالنسبة للشخص الذي استفاد، وفي ذات الوقت العوامل البيئية أيضا تلعب دورا، يعني: الإنسان الذي يلتزم بالعلاجات السلوكية والعلاجات الاجتماعية، ويكون شخصا صاحب همة، ونشطا، ولديه العزم والقصد الحقيقي نحو التغير؛ قطعا هذا أيضا يلعب دورا أساسيا في فعالية الدواء. إذا هي ليست فعالية كيميائية بحتة، لكن الظروف الأخرى أيضا تلعب دورا في الانتفاع من الدواء من عدمه.
هذا هو الذي أراه - أخي الكريم - وأسأل الله العافية والشفاء للجميع.