السؤال
أنا شاب، أرسلت رسالة سابقة للدكتور: محمد عبد العليم حول مخاوفي من انتقال أمراضي لذريتي، وكان مما جاء في رده:
بالنسبة لتخوفك أن يصاب أبناؤك بالفصام أو بالصرع أو غيره، هذا تخوف معقول ومشروع جدا، لكن إذا وفرت البيئة التربوية الصحيحة؛ فهذا يجنب كل الذين لديهم أثر جيني أو وراثي، قد يلعب دورا ويكون سببا بإصابتهم بالأمراض، لأن الأمراض النفسية في معظمها هي تفاعل ما بين الجينات الوراثية وما بين البيئة، فمن لديه مرض نفسي، ويريد أن يصل إلى الحيادية التامة في الأثر الجيني، فعليه أن يجتهد في التربية وتهيئة البيئة الصحيحة، هذا هو المخرج، وهذا هو الحل الأمثل.
وعطفا على ما سبق، أريد أن أستفسر حول ما هي مقومات:
1. التربية الصحيحة؟
2. تهيئة البيئة الصحيحة؟
3. هل يمكن توفيرها في العالم العربي؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ياسر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
التربية الصحيحة هي أولا أن يعرف الطفل لغته ودينه، هذه أسس من الأسس التربوية الصحيحة، أن نلاعب الطفل هذا أيضا مهم جدا، وأن نعزز أي سلوك إيجابي عند الطفل، وأن نحاول بقدر المستطاع تجاهل سلبياته، أن يتدرب الطفل على أن يرعى شؤون نفسه في سن مبكرة، أن ينظم فراشه، أن ينظم خزينة ملابسه مثلا، وأن نعلم الطفل المهارات الاجتماعية التي تناسب عمره.
أيضا نعلم الطفل أهمية الوالدية، وكيفية التعامل مع الوالدين وبرهما، ومن الأسس الصحيحة للتربية هي أن لا نعتمد فقط على الإرشاد الكلامي، إنما نطبق نحن أنفسنا، حين نقول للابن صل، يجب أن أصلي أنا، وحين أقول لابني ادرس يجب أن يراني ابني أنا أيضا أفتح الكتاب، أو أحضر محاضرة أو أقرأ في موضوع، هذه يا أخي الكريم هي أسس معقولة وبسيطة وليست صعبة، وهي البيئة الصحيحة، ومن المهم جدا ألا نعطي الطفل رسائل مزدوجة، ألا نعطيه أشياء متناقضة في ذات الوقت، أي مثلا إذا طلبت من ابني أن يذهب ويلعب؛ فلا بد أن تكون نغمة كلامي، وتعبير صوتي، وتعبير وجهي، ولغتي الجسدية متناسقة مع محتوى ما طلبته من طفلي، هذه مهمة جدا من الناحية التربوية.
كذلك لا بد أن نهيئ للطفل بقدر المستطاع صداقات تناسب طفولته، لأن الطفل كثيرا ما يتعلم من الطفل، أعتقد أنها متوفرة في كل بلد، توجد صعوبات قطعا لكن لا أستطيع أن أقول إنها غير متوفرة في العالم العربي، لأنها كلها أشياء بسيطة، وأحد مشاكلنا في العالم العربي حقيقة هي أننا كثيرا ما نهمش الطفل، ما نستصغر مقدراته ولا نعطيه الأهمية اللازمة، الطفل يجب أن يكون مشاركا حتى في شؤون الأسرة هذا يفيده كثيرا أخي الكريم.
هذه هي عموميات وأنا أعرف أنك تدركها، لكن ذكرتها لك من قبيل التذكرة..
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.