أخي مضطرب بعقله ولديه بعض التخيلات والتهيئات.. فهل هو مصاب بالانفصام؟

0 190

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حالة أصابت أخي البالغ من العمر 35 عاما، فقد أتى إلي وهو يهذي بأشياء كثيرة، ولكن ما لفت انتباهي أكثر شيء أنه لا يغادر من أمام النافذة، وينظر إلى حالة الطقس والشمس في النهار والقمر والنجوم في الليل بدهشة شديدة، ويقول إن الشمس والقمر والماء قد أتو معه إلى المدينة التي أقطن أنا فيها؛ لأن كل شيء مرتبط فيه الرياح والماء وكثير من الأشياء.

تراه ينتقل من غرفة لأخرى ليرى الشمس، وهو في حيرة كبيرة، ويعتقد أنه أينما ذهب تذهب معه الشمس وباقي الظواهر الطبيعية، فهو لا يختلف حالة مع القمر والنجوم، وإذا أمطرت قال هذا شيء عجيب وتصيبه دهشة شديدة، ويبدأ بهلوسات مثلا إذا أنا حزنت فأنها تمطر، وإذا فرحت فإن الشمس تشرق، وأن هذه الظواهر مرتبطة بجسمه.

هناك بعض النقاط الإضافية التهيؤات كرؤية الشياطين والمردة والجان، ومراقبته من خلال الأقمار الصناعية، وزرع كمرات مراقبة لمراقبته، وإرسال أشعة للسيطرة عليه، وأنه يريد الخروج من المنزل؛ لأن جميع الحيوانات سوف تأتي إليه، ولكن من خلال جلوسي معه فقد تكلم معي أنه خلال الفترة الماضية منذ شهر تقريبا أصبح يتأمل الآيات التالية من سورة البقرة، قال تعالى: ﴿ الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم ﴾، وبعض الآيات عن الرياح والنجوم والشمس والقمر، وأنه أصبح يتفكر في خلق السماوات والأرض والكواكب، وفي الله سبحانه وتعالى، وأنه طلب دليل أو يبحث عن دليل عن وجود الله، أرجو منكم المساعدة، والله ولي كل شيء وإليه ترجع الأمور.

ملاحظة: نحن من عائلة مسلمة ملتزمة دينيا، ووالدي كان من طلاب العلم، وشكرا لكم وأدام الله عليكم الصحة والعافية، وجمعنا وإياكم على حوض الحبيب المصطفى -صلى الله عليه وسلم-.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ المهدي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكرك على مخاطبتنا حول موضوع هذا الأخ - عافاه الله - هو بالفعل يحتاج لمساعدة طبية نفسية.

ما ذكرته عنه من تصرفات قطعا هو ناشئ من حالة مرضية ولا شك في ذلك، تأملاته وما يذكره عن الشمس والقمر وخلافه كله قائم على أسس مرضية ذهانية، واعتقاده بأنه مراقب من خلال الأقمار الصناعية وأنه تزرع قمرات لمراقبته: هذا هو جوهر اضطرابه الذهاني، والذي يسمى بـ (الضلالات) أو (الظنانيات الاضطهادية البارونية)، وهي دليل قاطع على وجود حالة مرضية عقلية ذهانية.

ليس من الضروري - أخي الكريم - أن يكون هذا الأخ مصابا بالفصام، قد يكون مصابا بأحد الذهانيات الأخرى، لكن الأمر إذا لم يتم علاجه قد يتطور ويتحول إلى مرض الفصام الذهاني.

تأمله وتدبره لآية سورة النور: هذا نوع من التماهي، حتى الأشخاص الذين يعانون من اضطراب عقلي لا يفقدون الارتباط بالواقع افتقادا كاملا، قد تأتيهم شيء من لحظات اليقظة الإدراكية، ولذا قد يضرب لك مثالا جيدا، أو قد يتكلم كلاما فيه الحكمة وكلاما صحيحا... وهكذا. فإذا الإنسان لا يفقد كل ملكاته.

أيها الفاضل الكريم: الذي أرجوه منك هو أن تذهب بهذا الأخ - وبصورة عاجلة - إلى الطبيب النفسي، هذا الأخ سوف يعطى أدوية مضادة للذهان، هنالك ستة أو سبعة أدوية كلها جيدة وفاعلة وممتازة، وإن شاء الله تعالى سوف تفيد هذا الأخ كثيرا. لا تؤخر الأمر.

الأمر لا علاقة له بسحر أو عين، أو شيء من هذا القبيل، هذا مرض عقلي ذهاني، ناتج من اضطرابات تخص مواد في الدماغ نسميها بالـ (المرسلات/الموصلات العصبية) وهي تعالج بصورة ممتازة، وأحب أن أنبه أن التدخل الطبي المبكر والسريع دائما يأتي بنتائج علاجية ممتازة، أما تأخير العلاج أو عدم الانتظام فيه هي أكبر الأسباب التي تؤدي إلى عدم الشفاء وتكرار الانتكاسات المرضية، فهذا الأخ يجب ألا نحرمه من العلاج.

أرجو ألا تناقشوه حول أفكاره هذه، لأن مناقشتها سوف تزيد من حدتها وتثبيتها، هكذا يعرف تماما عن الظنانيات.

الحمد لله تعالى أنتم أسرة مستقرة ومتدينة وهذا أمر ممتاز، قطعا سوف يساعد على توفير المناخ والبيئة العلاجية الصحيحة لهذا الأخ - عافاه الله -.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات