السؤال
السلام عليكم.
عندي طفل عمره عشر سنوات، منذ كان صغيرا يضغط بأسنانه على بعضها بشكل رهيب أثناء النوم، ولكنني لم أفعل شيئا؛ لأنني لم أر أعراضا أخرى.
ثم منذ سنتين تقريبا لاحظت أنه كل بضعة أيام يقول لي إنه دائخ -أي يشعر بالدوار-، ويصفر وجهه قليلا ويريد أن يرتاح، وقد يستمر هذا الشعور معه بضع ساعات إلى يوم كامل، وقد لاحظت أن أكثر ما يصيبه هذا الشعور عندما نمارس عليه ضغطا من أجل الدراسة، أي عندما يكون لديه الكثير من الواجبات مع شيء من التقصير.
أخذته لطبيب الأذن، فقال بأن لوزاته بحاجة إلى استئصال؛ لأن تحليل ASLO كان 300 ، وعنده ناميات سنكويها إن شاء الله مع استئصال اللوزتين، قال: ولكن لا علاقة لذلك بما يصيبه، فأذناه سليمتان، ونصحني باستشارة طبيب الأعصاب، ففعلت، فقال الطبيب إن ابنك يعاني من ضغوط نفسية، وأنت -أي الأب- عصبي جدا في البيت، وهذا صحيح، ووصف له مهدئات كلونازيبام عيار 1ملغ ربع حبة قبل النوم، ونورتريبتيلين عيار 25 حبة قبل النوم لمدة ثلاثة أشهر، وقد لاحظت أن الدوخة تقريبا خفت كثيرا.
ولكن بعد إيقاف العلاج بأشهر عاد كل شيء وعادت الدوخة والاصفرار، فما هو السبب برأيكم؟ وبماذا تنصحوني؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نسأل الله تعالى لهذا الطفل الشفاء والعافية.
الذي أؤكده لك أن الطفل لا يتصنع الأعراض، لكن الطفل قد يتماهى مع وضع اجتماعي معين، وينتج عن هذا ظهور أعراض نفسوجسدية، بمعنى أن الأعراض الجسدية التي يظهرها الطفل - وهي ليست تصنعا منه - إنما لغة مخاطبة ليستدر من خلالها العطف من الآخرين، وهذه العملية تكون على مستوى العقل الباطني في أغلب الأحيان.
هذا الابن -حفظه الله تعالى- لا نتجاهل شكواه، ويجب أن يتم فحصه بواسطة الطبيب، والحمد لله هذا قد تم، وما دامت الضغوطات النفسية والواجبات الدراسية المتراكمة تجعله يكثر الشكوى حول هذه الدوخة أعتقد أن الجانب النفسي فيها واضح جدا، وهذا يتم علاجه بأن نعطي الطفل ثقة في نفسه.
أولا: أن نساعده في تنظيم وقته، وأن نخصص له وقتا للعب، هذا مهم جدا، ووقتا للدراسة، ووقتا للتفاعل الإيجابي مع الأسرة. ونحاول أن نقنع والده أن الطفل يحتاج للتشجيع، يحتاج لتعزيز السلوك الإيجابي، وأن نتجاهل سلبياته بقدر المستطاع. وهذا الطفل أيضا يجب أن يجد فرصة للعب مع زملائه وأقرانه، لأن الطفل يتعلم من الطفل ويرتاح للطفل.
أنا أعتقد بهذه الكيفية يمكن لهذا الطفل أن يتخلص تماما من هذه الأعراض، وحاولوا أن تشركوه في شؤون الأسرة، لا نهمشه أبدا، نستشيره، حتى في القرارات التي نكون مسبقا قد اتخذناها، هذا يعطي الطفل شعورا عظيما بالانتماء، والانتماء أحد الأشياء التي تزيح تماما السلبيات من الطفل، حتى وإن كانت شكاوى جسدية أو مرضية أو نفسية أو خلافه.
أعتقد أن هذا هو المنهج الذي يجب أن ينتهج مع هذا الطفل، ويمكن حتى أن تطبقي معه طريقة النجوم، استبدال ما هو إيجابي بشيء يحبه الطفل، أعتقد أنه قد كبر على ذلك، لكن أيضا هذه الطريقة تفيد في بعض الأحيان، ويمكن أن نستبدل طريقة النجوم بالهدية مثلا، كلما قام بفعل إيجابي وسلوك إيجابي نعده بهدية في آخر الشهر مثلا، حتى وإن كانت هدية بسيطة، رمزية.
لا أعتقد أن الطفل في حاجة لعلاجات دوائية، نعم هي تقلل أو تؤدي إلى نوع من إحباط الأعراض، لكن لا تقتلعها. الطريقة السلوكية التي تحدثت عنها هي الأفضل.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.