السؤال
السلام عليكم.
قبل فترة كان عندي ضغوط اجتماعية، وأصابني قلق وتوتر واكتئاب وشهية مفقودة، وقرأت عن مثل حالتي الكثير استخدموا بروزاك واستفادوا منه، وأنه دواء سليم، وقررت استخدامه، بدأت بجرعة 20 حبة بعد الأكل، وكانت الأعراض الجانبية واضحة لمدة أسبوع ونصف كمشاكل في الهضم، وصعوبة النوم، وبعدها أصبحت أقوم بحركات لا إرادية، كأن أقوم فجأة من مكاني بدون سبب أو أضحك وأتحدث بدون أن أنتبه لنفسي، وأتكلم كثيرا حتى مع نفسي، فقلت يمكن أن هذه آثار الدواء، وأنه بدأ ينفع، وستزول هذه الأعراض بعد إيقاف الدواء.
المهم بعد استمراري عليه لثلاثة أسابيع صار أصدقائي يقولون بأني أتكلم كثيرا، وأفتح مواضيع كثيرة، ووقتها أذكر أني كنت أضحك وأتكلم دائما ولكن بدون مشاعر، وقرأت عن العلاج أكثر فتوقعت أني أصبت بالهوس خصوصا أني صرت أطبخ في اليوم مرتين على الرغم من أني لم أطبخ في حياتي، فأوقفت الدواء تدريجيا، ولكن استمرت هذه الأعراض: الكلام الكثير، والضحك بدون سبب، والمزاح الكثير، والنوم القليل، وكنت أحس بأن مخي فارغ، غير مدرك للواقع، بمعنى أنها استمرت لمدة شهر ونصف، وبعدها أحسست بالاكتئاب وعدم الاستعداد لفعل أي شيء، والرغبة بالبكاء، وأحيانا البكاء دون سبب، فظننت أنه بسبب تأثير الدواء، وستزول بعد عدة أشهر.
الآن قلت هذه الأعراض كثيرا، وأحس أني أعيش حياة طبيعية، لكن هنالك نقص في الإدراك، فعندما أتحدث مع أمي أشعر بأني لست حاضرا بكل أحاسيسي معها، وأتكلم بدون تفكير أو أني أجلس أمام البحر، وأشعر بأني لست حاضرا بأحاسيسي كلها في هذا المكان، أضحك قليلا، وأسكت كثيرا بدون أفكار واضحة، وغير مكتملة، وأحيانا فجأة أتكلم كثيرا مع شخص، ولكن بعد ذلك أنتبه أني تكلمت في مواضيع كثيرة، فأصاب بالإحباط فأسكت.
الآن قل الاكتئاب، وأشعر أني بخير، ومدرك قليلا للواقع، ولكن هنالك نقص في الاستمتاع والإدراك، وأصبحت سريع الغضب والاستفزاز من أي شيء، وأصابتني عقدة من الدواء النفسي، وأعتقد أني مصاب بثنائي القطب، ومتخوف من الذهاب إلى الطبيب النفسي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمن الصعوبة بمكان أن يشخص المرء نفسه حتى ولو كان طبيبا نفسيا، يحتاج الشخص إلى شخص آخر ليشخص علته هذا من ناحية، من ناحية أخرى أنا دائما أحذر من استعمال الأدوية النفسية بدون أمر طبي، لأن ليست العبرة في أن هذا الدواء يعالج القلق والتوتر، ولكن العبرة في التشخيص السليم قبل استعمال الدواء، ثم المتابعة السليمة من قبل الطبيب النفسي، فالأطباء النفسيون هم الذين يعلمون هذه الأدوية كيفية عملها، آثارها الجانبية، جرعتها المناسبة، والمدة التي يمكن أن يستمر عليها.
إذا رجعنا إلى حالتك -يا أخي الكريم- الضغوط الاجتماعية عادة لا تحتاج إلى علاجات بالأدوية، وتحتاج إلى علاج نفسي، ولكن الضغوط الاجتماعية قد تكون سببا في حدوث مرض نفسي بطريقة غير مباشرة مثل الاكتئاب، وهنا يعالج الاكتئاب، الشي.
الآخر -يا أخي الكريم- مضادات الاكتئاب من آثارها الجانبية أنها قد تؤدي إلى حدوث نوبة هوس، ولكن في هذه الحالة مجرد التوقف عن استعمال أدوية الاكتئاب تزول أعراض الهوس والتوقف يجب أن يكون على طول وليس تدريجيا، إذا أخذ الشخص أدوية مضادة للاكتئاب وحصلت له نوبة هوس فيجب أن يتوقف عنها مباشرة.
الشيء الآخر -يا أخي الكريم-: الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية هو إما أن يكون في شكل نوبة هوس، أو نوبة قلق وتوتر، وعادة النوبة بدون علاج قد تستمر لعدة شهور، وبعد ذلك يحصل اختفاء الأعراض حتى بدون علاج، وفي بعض الحالات النادرة قد يكون هناك خلط بين أعراض القلق والهوس في نفس الوقت، ولكن هذا قد يكون عادة لفترة قصيرة، فاضطراب الوجداني ثنائي القطبية إما أن يكون نوبة هوس حادة أو نوبة اكتئاب رئيسية.
لذلك -يا أخي الكريم- أرى أن تقابل طبيبا نفسيا؛ لأنه من خلال المقابلة المباشرة، وأخذ تفاصيل كثيرة عما حصل معك، أو ما نسميه نحن بالتاريخ المرضي، ثم إجراء فحص للحالة العقلية المباشرة، وقد يحتاج إلى مقابلة أشخاص عاصروا أو عايشوا تلك الفترة أيضا، ثم بعد ذلك يستطيع أن يصل إلى التشخيص المناسب، وإعطاءك النصائح المناسبة أو العلاج المناسب، فلا تتردد -يا أخي الكريم- في الذهاب إلى الطبيب النفسي، وإن شاء الله تستفيد منه فائدة طيبة.
وفقك الله وسدد خطاك.