السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جزاكم الله كل خير، وأعانكم وسدد خطاكم، وبارك لكم في أعماركم وأعمالكم، وجعل ما تقدمونه في موازين حسناتكم.
عمري 29 سنة، متزوجة ولدي طفل وحامل، حزينة جدا، أرى السواد في جوانب حياتي، أقسم بالله لا أستطيع مقاومته، ولا أقدر على تخطيه، أخاف على نفسي؛ لأني أعاني من الاكتئاب، والقلق المزمن، والوسواس، وحالات الفزع، ويعاودني كثيرا خلال اليوم، وبعد زواجي خفت الحالة كثيرا -الحمد لله-.
الآن أصبت بانتكاسه خوف، ونوبة هلع، ومعي توتر مستمر، والخوف من المجهول، وتأتيني نوبات خفقان في القلب، الآن أنا في قمة الاكتئاب، وعدم الرغبة في شيء، وصلت إلى حالة من الهذيان والأفكار غير المعقولة والزائدة عن حدها، وأحيانا أتساءل ما هي الحياة؟ وما هدفي من الحياة؟ ينهشني القلق، لا أستطيع المضي في هذه الحياة!
تعبت! إلى متى وأنا بهذه الحالة؟ أخشى على عائلتي من التأثر بما أشعر به، عانيت في طفولتي من تحرشات جنسية وأنا بعمر السادسة والثامنة، ومضايقات ومشاكل بين والدي، تأثرت بعد وفاة جدي وجدتي، وانتابني خوف لدرجة أني أخاف من الصلاة وحدي، أتمنى أن أصلي الوتر، ولكن لا أستطيع؛ لأني أشعر بالخوف الشديد، أتوتر عند ركوب السيارة، وأشعر بالاختناق إذا ركبت بالمقعد الأخير والسيارة مزحومة، نفسيا لا أقدر على التنفس، وأتوتر عند السفر والمسافات الطويلة خشية أن يصيبنا مكروه، وأتخيل ما سيحصل لنا.
حاولت مرارا وتكرارا بشغل وقتي بالتمارين الرياضية والتنزه مع أصحاب الطاقة الإيجابية، للأسف لم يجد معي، أنا إنسانة متشائمة لأبعد حد، ومحملة بالطاقة السلبية، لا أحسن الظن أبدا، وأنانيه لا أحب أن يكون أحد أفضل مني، وبعض المرات أبكي بحرقة على تصرفاتي السخيفة، أخاف الموت خوفا زائدا عن حده، وأخاف من عذاب القبر، ويوم القيامة.
أخاف أن تتركني والدتي، وأن أفقد أهلي، وأخاف الجنون؛ لأني سبق ومررت بهذه الحالة عندما كنت مريضة ومصابة بالحمى، أذكر أني أهذي وأنا أعلم أني لست بوعيي، وأهلي يسمون علي، لا أشعر أني قوية لأتحمل ما يحصل لي!
أرجوكم هل يمكني أن أشفى من هذا المرض وأعاود حياتي الطبيعية؟ هل يمكن معالجة هذه الحالة؟ لا أستطيع الذهاب إلى دكتور نفسي، أنا بحاجة ماسة لمساعدتكم، لا تتركوني!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حصه حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسأل الله تعالى لك العافية والشفاء، أيتها الفاضلة الكريمة أنا أقدر مشاعرك جدا ومن الواضح أن الفكر السلبي يهيمن عليك ويسيطر عليك سيطرة تامة، وعسر المزاج والشعور بالكدر والكرب الذي تعانين منه هو ثانوي للفكر السلبي، بمعنى أن الفكر يسبق المزاج فلماذا لا نجعل المزاج يسبق الفكر، وذلك من خلال تغيير الفكر، أنت لديك أشياء جميلة في الحياة، لديك أشياء عظيمة في الحياة، لماذا لا تتدبري وتتأملي فيها.
إذا أنت محتاجة لتغير ما هو سلبي بما هو إيجابي، وذلك على مستوى الفكر ومستوى المشاعر ومستوى الأفعال، والإنسان لا بد أيتها الفاضلة الكريمة أن يقبل شيء من المعاناة في حياته، قبولنا بشيء من المعاناة في حياتنا يدفعنا نحو الجميل ونحو القوة ونحو السعادة، والسعادة تصنع ولا تأتي لوحدها أبدا، أنت لديك الكثير من الخير وهذا أمر واضح جدا، لكن عدم تأكدك من ذاتك، وتركت حقيقة مجالا للوسوسة والقلق والتوتر والعسر المزاجي ليهيمن على حياتك، أغلقي هذا الباب تماما، وما حدث في الطفولة هذا أمر قد انقضى وقد انتهى، هذا بابا يجب أن يغلق، المهم هو الحاضر والمستقبل، ويجب أن تعيشين الحاضر بقوة، ويجب أن تعيشين المستقبل بأمل ورجاء.
أيتها الفاضلة الكريمة استعيني بالله تعالى في كل شيء في حياتك، واعرفي أن الصلاة الخاشعة فيها كثير من إراحة النفس، أذكار الصباح والمساء ما أجملها وما أحلاها حين يتدبرها الإنسان تعطيك جرعات عظيمة من الأمان، تلاوة القرآن بتؤدة وتدبر (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) وتلاوة القرآن هي أعلى مراتب الفكر، أنا أعرف أنك تعرفين أهمية ما ذكرته لك، ذكرته لك من أجل التذكرة، وأن أوضح لك أن هذه وسيلة علاجية.
يجب أن تحسني أيضا توزيع وقتك تخصصين وقتا للترفيه عن نفسك، وتخصصين وقتا لأعمال البيت، وتخصصين وقتا للتواصل الاجتماعي، ووقتا للقراءة والاطلاع، ووقتا للعبادة .. وأنا أؤكد لك بأن البكور والصباح المبكر هو وقت الإنجازات، وهو الوقت الذي تكون فيه أجسادنا متقبلة بإفرازات كيميائية إيجابية، هنالك مادة الأوكستوكسين، وهنالك مادة الكفلن أو ما يسمى بالهرمونات أو الأفيونات الدماغية، وهناك مادة السيرتونين، هذه تفرز إيجابيا في فترة الصباح، هذا الأمر الآن أصبح ثابتا، فنظمي حياتك على هذا الأساس، ولا يمكن للإنسان أن يستفيد من البكور إلا إذا نام مبكرا، عليك بتمارين رياضية تناسب المرأة المسلمة، تجدين إن شاء الله تعالى خيرا كثيرا وفائدة كثيرة، التواصل الاجتماعي الإيجابي دائما يعود علينا بخير عظيم، واتضح أن الذين لديهم نسيجا اجتماعيا جيدا ومترابطا وفعالا هم أسعد الناس، كلامي هذا ليس فيه مبالغة أيتها الفاضلة الكريمة.
خلاصة الأمر: انظري إلى نفسك بإيجابية، هذا يحطم الفكر الاكتئابي والوسواسي.
أنت محتاجة لعلاج دوائي، لكن بما أنك حامل قطعا، لا ننصح بتناول الأدوية، خاصة في فترة 118 يوم الأولى، والبروزاك يقال أنه سليم في أثناء الحمل، لكن حقيقة لن يكون من الإنصاف لي ولا لك أن أقول لك تناوليه دون إشراف طبي.
أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.