يعتريني هم وغم من الامتحانات ومن المستقبل.. أين أجد الاطمنئان؟

0 159

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

رضي الله عنكم وأرضاكم وأسعدكم سعادتي الدنيا والآخرة على كل مساعداتكم فإنها ذات فرق عظيم، وأن إجاباتكم تسعد قلبي، وترشدني بفضل الله للغاية.

عندي مشكلة لا أعرف صراحة إن كانت مشكلة أم لا، ولكني صرت أخشى من كل حدث يمكن أن يحدث ويصيب قلبي بالهم والحزن، فأنا خائفة جدا على قلبي من أن يشعر بأنه مهموم وعليه أمور يجب أن ينجزها، وأن ينغلق وينطبق بسبب الحزن والألم؛ لذا مثلا صرت أكره جدا أن أعلم أن علي امتحانات إضافية في جامعتي غير المقررة في ميعادها رغم أني أحب الامتحانات؛ لكني أخشى أن يشعر قلبي بالهم؛ لأن عليه أشياء يجب أن يفعلها.

أحب أن يكون قلبي في هذا السكون والطمأنينة والاستقرار وألا يتغير أو يضطرب ذلك، ولكن الحياة الدنيا ليست كذلك فالأمور تتغير وأحداث كثيرة تحدث ولا يمكن أن تظل الدنيا من حولي ثابتة، فكيف أتكيف مع التغيرات وأحافظ على هدوء قلبي؟ أم هل هذا الشعور خطأ أصلا، ولا يحدث أن يظل القلب مرتاحا دائما غير مهموم؟

أرجو أن أكون قد وضحت مشكلتي، وجزاكم الله كل خير، لا أعلم كيف أعبر عن امتناني، جزاكم الله كل خير ورزقكم الفردوس الأعلى.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حسنة عبد الفتاح حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لقد ذكرت في رسالتك أن لديك مشكلة، وأنك تريدين أن ينعم قلبك بالسكون والطمأنينة والاستقرار وألا يتغير أو يضطرب، ولكنك لم تذكري ما هي المشكلة إنما ذكرت أعراض المشكلة، وعلى كل حال فقد ذكرت قاعدة مهمة وهي أن الدنيا ليست كذلك، فيها متغيرات وأحداث ولا يمكن أن تبقى ثابتة.

نعم، الدنيا فيها الاختبارات والابتلاءات، فيها المحن والمنح، فيها ما يجعل القلب يقلق ويضطرب، وفيها ما يجعل القلب يطمئن ويستقر، وليست كلها بالسوء كما تتخيلين.

وإن مفتاح ذلك كله بيدك أنت، فأنت من يمتلك التحكم بهذا القلب، ويمتلك القدرة على المحافظة عليه ساكنا مطمئنا مهما تعرض لضغوط ومشاكل وهموم.

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال سمعت نبيكم صلى الله عليه و سلم يقول: ( من جعل الهموم هما واحدا، هم آخرته، كفاه الله هم دنياه، ومن تشعبت به الهموم في أحوال الدنيا لم يبال الله في أي أوديتها هلك ) [رواه ابن ماجه وهو صحيح].

عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: ( من كانت الدنيا همه، فرق الله عليه أمره، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له، ومن كانت الآخرة نيته، جمع الله له أمره، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة ) [رواه ابن ماجه وابن حبان].

فعندما تعلقين قلبك بالله، فلا تبالي أينما مالت بك الدنيا، عندما تشعرين بمعية الله أينما حللت، وعندما يصبح قلبك عامرا بمحبة الله، ساكنا ومطمئنا بحسن الظن بالله، وأن الله سبحانه وتعالى هو الحكيم المالك المتصرف بيده الأمر سبحانه إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون.

فالمفتاح الأساسي لطمأنينة القلب أن تؤمني إيمانا مطلقا أنه ما من شيء وقع في الكون إلا أراده الله، وإذا أراد الله شيئا وقع وما من أحد على وجه الأرض يملك لك نفعا أو يستطيع أن يدفع عنك ضرا إلا الله سبحانه وتعالى، فالله سبحانه وتعالى هو النافع الضار، المعطي المانع، الخافض الرافع، الباسط القابض.

فأحسني الظن بالله واجعلي قلبك متيقنا أن كل شيء وقع إنما هو بإرادة الله، وإن أفعاله تتعلق بالحكمة المطلقة، وإن حكمته المطلقة تتعلق بالخير المطلق، فلو أنك فهمت هذه الكلمات تماما وآمنت بها إيمان من يرى رأي العين، لما شعر قلبك بهموم ولا أحزان ولا هموم ولا غموم، ولقابلت كل ما يمكن أن يحدث لك في هذه الحياة من متغيرات وأحداث بنفس راضية وقلب مطمئن، واستسلمت لقضاء الله مع اليقين المطلق أنه الخير المطلق.

حتى عندما يعتريك الهم والضيق بسبب الامتحانات، فإنك ستقبلين عليها بتفاؤل وتدرسين وتجتهدين وتثابرين، ومن ثم على الله تتوكلين، وإن وسوس لك الشيطان أن قلبك سيضطرب ويخاف ويحمل هم الامتحانات، ستصدين وساوسه بقوة وتقولين بعزم: { كلا إن معي ربي سيهدين}.

أنصحك بالمحافظة على الصلوات الخمس في وقتها، ففيها تقر العين ويستريح القلب، فنبينا صلى الله عليه وسلم كان يقول: (وجعلت قرة عيني في الصلاة)، وكان صلى الله عليه وسلم (إذا أهمه أمر فزع إلى الصلاة) وقال: (أرحنا بها يا بلال).

وأيضا أوصيك بكثرة الاستغفار مع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فإنها فيها المخرج لكل هم وغم.

أوصيك أيضا بتقوى الله، والتزام الطاعات، والبعد عن الحرام، وكسب بر ورضا والديك، فذلك يفتح أبواب التوفيق والفلاح والرزق ليس المادي فحسب، بل المعنوي أيضا.

وللفائدة راجعي الخوف من المستقبل سلوكيا: (262008 - 259784 - 110736 - 2306289).

أسأل الله أن يجعلك من أهل الفلاح في الدنيا والآخرة، اللهم آمين.

مواد ذات صلة

الاستشارات