أعاني من شعور النقص وضعف الشخصية، فما هي مشكلتي؟

0 167

السؤال

السلام عليكم

أنا بعمر 17 سنة، طالب ثانوي، عشت مع عائلة تعيسة، فيها خلافات بين والدي انتهت بينهما بالطلاق، وكنت أتعرض للتسليط.

أشعر أني إنسان ناقص ضعيف الشخصية، ولا أستطيع الاختلاط بالناس، أعاني من التوتر والضيق في الأماكن العامة، وأفقد التركيز عند التحدث مع الآخرين، وأتلعثم وأنسى الكلام، ولا أستطيع رد الإهانة عندما أتعرض للشتم، ويصبح صوتي منخفضا وكلامي سخيفا، قمت بتمارين الاسترخاء وخف التوتر.

في المدرسة يلقبوني بالمسكين لعدم قدرتي على الاختلاط والرد، وأتردد كثيرا في سؤال المدرس في الصف، وأعاني من هذه المشكلة منذ الصغر.

أتحدث بطلاقة مع الناس الذين أرتاح معهم من أفراد الأسرة والأصدقاء، وهم قليل.

أشعر أن في داخلي شخصية قوية، لكن دائما أتردد، هناك حاجز يمنعني الاختلاط والتفاعل، ولا أعرف ما هي مشكلتي؟ كرهت نفسي، أريد أن أصبح إنسانا طبيعي الشخصية.

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

- لقد قلت في رسالتك: لا أعرف ما هي مشكلتي؟! ثم وصفت نفسك بأن شخصيتك ضعيفة، ولا تحب الاختلاط والتحدث مع الآخرين.

- كما ذكرت في رسالتك أنك عشت مع عائلة تعيسة، فيها خلافات بين والديك انتهت بينهما بالطلاق، كما تعرضت للتسلط منذ الصغر، وهذه كلها ظواهر لحالات واقعية متكررة في حياة الكثيرين من الناس، ومع ذلك استطاعوا بشيء من الحكمة والفهم أن يتجاوزوا سلبياتها.

- نعم قد يكون لتلك الظروف دور بارز في ضعف شخصيتك وتلعثمك في الحديث وخوفك من الاختلاط بالناس، فالخلافات بين الوالدين تؤثر كثيرا على نفسية الطفل، وبناء شخصيته، لكن أيا كان السبب لما أنت فيه الآن من ضعف الشخصية وعدم القدرة على التواصل الاجتماعي فيمكنك التخلص من آثاره السلبية، وذلك بأن تعتقد وتستوعب أن هذه الأسباب كلها قد أصبحت ماضيا وانتهى، وأنت الآن شاب ناضج واع تماما، وتريد أن تتغير وتتطور، والدليل أنك أرسلت إلينا بمشكلتك وتنتظر الحل والعلاج.

- ما عليك -أيها الشاب الرائع- وأنت لا زلت في أول حياتك إلا أن تضع الماضي وراءك وتمضي دون أن تلتفت، لا أن تسمح لماضيك أن يمشي معك، ويعرقل عليك حاضرك ومستقبلك، بل وتجعل منه شماعة تعلق عليها ضعفك وعدم قدرتك على الانطلاق والنجاح.

- بعد هذه المقدمة وانطلاقا من كلامي السابق فإن نصيحتي لك:

1- أن تسعى إلى تحسين صورتك الذاتية عن نفسك، وذلك من خلال التوقف عن إعطاء الرسائل السلبية، كقولك: أنا ضعيف الشخصية، أنا شخص غير اجتماعي، وغير ذلك، بل على العكس تماما عليك أن تتقبل ذاتك أولا لتستطيع تطويرها والنهوض بها، من خلال الرسائل الإيجابية التي ترسلها إلى دماغك مرات وكرات أثناء اليوم ولا سيما قبل النوم، بقولك: أنا شخصية رائعة، محبوبة، اجتماعية، قوي الشخصية، أجذب كل من حولي، أستطيع أن أدافع عن نفسي بطريقة راقية، وغير ذلك من الرسائل الإيجابية.

2- تفعيل دور الخيال، وذلك بأن تتخيل نفسك وأنت تدير حوارا ناجحا مع الآخرين، وتستطيع أن تتكلم بطلاقة وببساطة دون أن تشعر بالخجل والإحراج، تخيل كيف أنظار الآخرين تتوجه إليك بإعجاب، وكيف يجذبهم حديثك وحوارك وتميل إليه نفوسهم، تخيل شعورك بالسعادة وأنت ترى في أعينهم القبول والإعجاب، عش هذه اللحظات بشعور صادق، فهي ستعطيك قوة دفع على الانطلاق بقوة وتعينك في علاج ضعف شخصيتك.

3- الإطلاع على مواضيع كيفية التواصل الفعال بينك وبين الآخرين، وكيف يمكنك أن تبني بينك وبينهم جسور الألفة والمحبة، وكيف تصبح شخصية جذابة، وكيف تكتسب احترام الآخرين، ومن ثم تحويل تطبيق ما تعلمته عمليا على نطاق ضيق بداية مع أصدقائك وعائلتك الذين ترتاح إليهم، ومن ثم تكبر دائرة التطبيق رويدا رويدا، وبعدها ستصبح دون أن تشعر شخصية اجتماعية، وصاحب شخصية قوية.

4- المحاكاة من خلال البحث عن الشخصية التي تراها قوية اجتماعية جذابة، وتبدأ تراقبها من بعيد، تراقب سلوكياتها، تصرفاتها، أفعالها، أقوالها، كيف تعامل الآخرين، كيف تتودد إليهم وغير ذلك ومن ثم تحاول أن تقلدهم وتقتدي بها.

5- عليك أن تحسن اختيار الصحبة الصالحة التي تعينك وتأخذ بيدك على تجاوز نقاط ضعفك لتصبح نقاط قوة، ولا تبخل عليك بالنصح والإرشاد.

6- توسيع دائرة معارفك الاجتماعية فلا تكتف بالمدرسة، بل انتسب إلى ناد رياضي ومارس الرياضة التي تحبها، فمن جهة تصبح أكثر نشاطا وحيوية، وتصبح شخصيتك أكثر قوة وانطلاقا، ومن جهة ثانية تتعرف على أناس جدد تحتك بهم فتأخذ منهم وتتعلم منهم أيضا.

7- كما أنه من الممكن أيضا أن تسهم في أعمال تطوعية جماعية، فالعمل الجماعي تطغى عليه روح الجماعة حيث يساعد الفريق بعضه بعضا.

8- وقبل هذا وذاك يجب أن تمتلك العزم وقوة الإرادة والرغبة الجادة بالتغيير وتطوير شخصيتك، وتأخذ قرارا بالانطلاق في رحلة التغيير من اللحظة التي تقرأ فيها كلماتي هذا.

9 ـ أولا وأخيرا أحسن الظن وثق بالله، ثم ثق بنفسك وقدراتك وإمكانياتك وانطلق.

أسأل الله أن يجعلك من أهل الفلاح والتميز في الدارين، اللهم آمين.

مواد ذات صلة

الاستشارات