السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
زواج أختي الجمعة القادمة -بإذن الله-، والذي يريد الزواج بها من أسرة سمعتها على ألسنة أهل المنطقة بأنهم سيؤون، ويفعلون الفاحشة، أما الزوج فهو ذو أخلاق عالية، وأسرته الصغيرة لم أر منهم شيئا، بل كالعادة نسمع فقط، أما بقية أسرته الكبيرة أعرف من هن سيئات السمعة حقيقة.
أبناء عمي وكل أسرتي قرروا أن يقاطعونا إن تم هذا الزواج، وكانت لهم محاولات عدة في جلسات الأسرة لإلغاء الزواج، وإقناع أبي وأختي بتغيير رأيهم؛ لأن ذلك يجلب العار لأسرتنا، وهي أسرة معروفة بالتزامها على مر العصور.
أبي وأمي موافقان وأختي قالت إنها استخارت كثيرا، وهي مطمئنة لهذا الزواج، وإخواني كذلك موافقون، وأنا محتار، فمرة أكون منحازا لأبناء عمي، وأخرى لجانب أختي وأسرتي بحكم أن الرجل ليس فيه ما يعاب.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
- بارك الله فيك – أخي العزيز – وأشكر لك حسن ظنك وتواصلك مع الموقع، سائلا الله تعالى أن يفرج همك ويختار لكم ما فيه الخير في الدنيا والآخرة.
بخصوص سؤالك: فالذي يظهر أن الأفضل ترك القبول بهذا الزوج إذا أدى الزواج به إلى فرقة وتنازع وفتنة وقطيعة رحم؛ حيث إن صلة الأرحام من أعظم الواجبات الشرعية، لقوله تعالى: (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم * أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم)، والأحاديث في ذلك كثيرة، ومعلوم أن الأهل يتأثرون عرفا بسمعة أسرة الزوج السيئة سلبا، حيث لا يخفى تعيير الناس لهم بذلك -والعياذ بالله تعالى-، وفي الحديث: (كيف وقد قيل)! أي من كلام الناس.
إلا في حالة قدرتكم على إقناع عموم الأهل والأقارب الكبار والمؤثرين بهذا الزواج، وكون الزوج على حسن دين وخلق، ولا يتحمل وزر غيره، وكون اعتراض الزواج موثرا على أختك ومصلحتها الشرعية في الزواج، فإن تم ذلك، فهو الأصل والخير؛ ذلك أن معيار الزواج الصالح هو المنبني على معايير الدين والخلق والأمانة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)، وما دام الخاطب كذلك، فإن ذلك من المعتبر شرعا في هذا الزواج.
وعليه، فإني أوصيكم – أخي العزيز حفظك الله – قبل تقرير هذا الزواج بضرورة الدخول في حوار هادئ ومتزن، بمقتضى المحبة والحكمة لإقناع الأقارب بهذا الزواج وعدم الاعتراض عليه، ويستحسن الاستعانة بمن تأنسون منهم القبول والعلم والحجة والتأثير والأمانة في جمع الكلمة ولم الشمل وإقامة الحجة وإزالة الشبهة -بإذن الله تعالى-.
فإن لم يمكن إقناعهم أو التخفيف من حدة خلافهم واعتراضهم, فلا شك أن صلاح أسرة الزوجين مهم في نجاح العلاقة الزوجية، وتحصيل الرضا والاطمئنان في الحال والمآل، كما أن قبول عموم الأسرة من الأعمام والأخوال مهم في حفظ مصلحة صلة الأرحام، ومعلوم ارتباط وتعلق كل من الزوجين بأسرتهم واقعا، وتأثر الأقارب إيجابا وسلبا بسمعة الزوجين، ولذلك فإذا أمكن تحصيل زوج يحظى بصلاح أسرته وقبول عموم الأهل والأقارب، فلا شك أن ذلك هو الأفضل والأبعد عن متاعب كلام الناس وغيبتهم، والقطيعة بين الأهل والأرحام، كما أن احتمال تأثير أسرته السيئة عليه وارد واقعا وعلى المصالح الأكمل للزواج في الحال والمآل.
- والخلاصة : ضرورة الدخول في حوار حكيم وهادئ في سبيل إقناع الأقارب، فإن حصل فالحمد لله وعلى بركة الله، وإن لم يحصل، فإن المنبغي عدم إمضاء وإقرار هذا الزواج إذا ترتبت عليه هذه الموانع العرفية، وهي موانع معتبرة شرعا، والله تعالى أعلم.
أوصيكم باللجوء إلى الله تعالى بالدعاء، ولزوم صلاة الاستخارة، ومراجعة عقلاء الأسرة وحكمائهم، والله الموفق والمستعان.