أعيش في دوامة مشاعر متناقضة، فماذا أفعل؟

0 143

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاة جامعية ملتزمة ومن عائلة متدينة ومتفوقة دراسيا، مشكلتي من الجانب العاطفي، لدي حلم صغير منذ طفولتي وهو أن أجرب الحب، ولكن هذا الحلم كان يدور كفكرة، وكنت أعلم أنه سيتحقق من تلقاء نفسه مع الأيام.

ولكنني منذ سنة لاحظت أخلاق شاب يكبرني بسنتين، وكيف هو متميز في مجالات عدة، وقد كان قدوة لي ودافعا لانطلاقي بعد أن عانيت مشاكل نفسية، وذلك دون أن يعلم ودون أن يحصل حتى حوار بيننا، ولكن كانت مشاعري تتضارب وكنت أعتبر نفسي صغيرة، وأنني لن أخون عهدي تجاه نفسي وأهلي وربي، ولكن علمت بعد ذلك بأنه يفكر بي، وهو معجب، هنا تناسيت كل مبادئي وقد سقطت في دوامة المشاعر، كأنني كنت بانتظار أية حركة!

لم يحصل أي نقاش بيننا أو كلام، مجرد مراقبة، ولكن مشاعرنا ازدادت وظهرت أمام الناس، فصحوت من غفلتي، ما الذي أفعله؟ وماذا فعلت بالشاب؟ لقد تغير بشكل كبير من الشاب الهادئ الوقور الذي لا يهتم سوى بالدراسة إلى شاب كثير النظر كثير الحركة غير متزن والجميع يتحدث عنه بالسوء أمامي.

دوامة المشاعر تتعب نفسيتي وترهقني، أريد إعادته لوعيه، أريد أن أبتعد عنه دون أن أؤذيه، وفي نفس الوقت أحتاجه، لأنني لا أتخيل نفسي لغيره، فما الحل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رنا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لقد ابتدأت رسالتك بقولك: إنك فتاة جامعية ملتزمة ومن عائلة متدينة ومتفوقة دراسيا، وهذا شيء رائع والحمد لله من قبل ومن بعد.

أما ما ذكرته من مشكلتك في الجانب العاطفي وحلمك منذ طفولتك أن تجربي الحب، وأن هذا الحلم كان ولكنه يدور كفكرة، ولم تسمحي لنفسك أن تحققيه بالواقع ليقينك أنه سيأتي من تلقاء نفسه مع الأيام، وهذه أيضا قناعة تدل على أنك فتاة واعية ومدركة، وتحافظ على نفسها.

أما حلمك؛ فاعلمي أن الحاجة إلى الحب والعاطفة أمر فطري عند الإنسان بشكل عام، والأنثى بشكل خاص، ويقع عبء كبير من هذه المسؤولية على الأهل، ولاسيما الوالدين والإخوة بالاهتمام بالفتاة، ومنحها الحب والعاطفة؛ الأمر الذي يشبع هذا الجانب عندها ويجعلها أكثر قدرة على التوزان النفسي والعاطفي.

أنت -ولله الحمد- كنت كذلك حتى التقيت بذاك الشاب، فالكلام والمبادئ أمر سهل على الإنسان يسن منها لنفسه ما يشاء وأنى شاء، ولكن القوة تكمن حين يتعرض لموقف ما، هل يتهاوى ويسقط أم يبقى قويا صامدا ثابتا على مبادئه وقيمه؟!

- هل سألت نفسك إن كان الله -سبحانه وتعالى- راضيا عنك وأنت مشغولة الفكر والذهن بذاك الشاب مراقبة لحركاته وسكناته؟ هل استشعرت مراقبة الله -سبحانه وتعالى- لك في تلك اللحظات وأنت استفتحت رسالتك أنك فتاة ملتزمة ومن أسرة ملتزمة؟

- لذا أنصحك بما يلي:
1- أن تقطعي علاقتك بذاك الشاب مباشرة، وتتجنبي الأماكن التي من الممكن أن تلتقيا فيها، ولا يسول لك الشيطان بحججه الواهية أنك لا تريدين أن تؤذيه، فلا أظن أن التعلق قد بلغ مبلغه من الشاب ولا سيما أنك ذكرت أنه لم يحصل بينكما أي نقاش أو كلام وإنما محض مراقبة.

2- تذكري عهدك تجاه نفسك وأهلك وربك، واحرصي على تقوية صلتك بالله سبحانه وتعالى، فإن لم يكن لك مجلس علم تحضريه، فالتزمي بحلقات العلم في المساجد، وتقربي من معلمة مربية صالحة في المسجد، واطلبي منها النصح والإرشاد، وكذلك احرصي على حضور المحاضرات والندوات الدينية، وقراءة الكتب التي تتحدث عن محبة الله وما أنعم به علينا؛ كل ذلك سيقوي صلتك بالله -سبحانه وتعالى- فينمي عندك الوازع الديني أولا، وثانيا سيمتلئ قلبك بحب الله -عز وجل- وحب رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وهذا الحب سيغنيك عن الحب الحرام، وسيكون الحافظ والحصن الحصين لك حتى يكرمك الله بالزواج والحب الحلال.

3- وأما أن تشغلي عقلك وتفكيرك كيف تصلحين من حالته التي أصبحت ملفتة للنظر، فأنت لست مسؤولة عن ذلك.

4- تذكري أنك طالبة متميزة متفوقة، فالأجدى لك الآن والأكثر نفعا أن تركزي في دراستك وتضعي لنفسك هدفا من دراستك لهذا العام، بأن تكوني الأولى على كليتك، وثقي بأنك قادرة على ذلك، وليكن هدفك مكتوبا، وضعيه أمام ناظريك لتتذكريه دائما، وتحدي نفسك بأنك ستكونين الأكثر تفوقا لهذا العام؛ ذلك سيصرفك عن التفكير في ذاك الشاب، ويجعلك تركزين على هدفك وعلى نجاحك.

5- عن أبي سعيد وأبي هريرة قالا: قال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم: ((إن الله يمهل حتى إذا ذهب ثلث الليل الأول نزل إلى السماء الدنيا فيقول: هل من مستغفر؟ هل من تائب؟ هل من سائل؟ هل من داع حتى ينفجر الفجر؟)) رواه مسلم، فاستغلي هذا الوقت بالصلاة، واسألي الله ما شئت، وألحي بالدعاء؛ فإن الله يحب الملحين بالدعاء، وكوني واثقة بأن الله سيعطيك سؤلك.

6 ـ وأما قولك: إنك لا تتخيلين نفسك بدونه: فهذا من الإعجاب والتعلق غير المتوازن ولا سيما أنه أصبح على حد قولك شخصية يتكلم الناس عنه بالسوء، فكيف تتعلقين به، ولا سيما أن تعلقك هذا إنما هو من طرف واحد، فلو كان صادقا هو في إعجابه بك والظرف مناسب للزواج لطلبك من أهلك بالطريقة الشرعية المعروفة.

أسأل الله أن يرزقك زوجا صالحا تكوني قرة عينه وقلبه، ويكون قرة عينك وقلبك اللهم آمين.

مواد ذات صلة

الاستشارات