السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شاب أبلغ من العمر 26 عاما، أعمل في شركة منذ 4 سنوات، ومشكلتي في هذه الشركة أني لا أكتسب من عملي فيها الخبرة اللازمة على الصعيد المهني، وأتحمل مسؤوليات عديدة ليست من اختصاصي، كما أن الراتب الذي أتقاضاه قد لا يمكنني من تكوين أسرة في الزمن القريب.
للأسف أيضا فإن أصحاب هذه الشركة شاربون للخمر، تاركون للصلاة، بل قد يشربون الخمر في مقر الشركة، حيث توجد زجاجات الخمر باستمرار في مكتب المدير، كما أن الجو العام للعمل مليء بالنميمة والغيبة والكراهية، وقد يتعدى الأمر إلى سب الذات الإلهية من بعض العمال، أو الموظفين وبناء على ذلك، فقد قررت ترك العمل في نهاية هذا العام.
مع العلم أني قد لا أجد عملا آخر في القريب العاجل؛ لذلك قد أضطر للعمل في البناء أو الزراعة.
آمل أن تنصحوني في الله، وشكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك -أخي الكريم- وردا على استشارتك أقول:
اعلم بأن الرزق بيد الله تعالى، وليس بيد البشر كما قال تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون* ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون* إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين)،
وقال سبحانه: (وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم ۚ وهو السميع العليم)، وقال: ( وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها).
من القواعد المسلمة في ديننا أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، يقول عليه الصلاة والسلام: (من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه).
لقد أمرنا الله تعالى بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقال: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ۚ وأولٰئك هم المفلحون)، ونهانا عن الجلوس في الأماكن التي يعصى فيها الله تعالى فقال: (وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتىٰ يخوضوا في حديث غيره ۚ إنكم إذا مثلهم ۗ إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا)، ولعن بني إسرائيل لأنهم لم يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر فقال: (لعن الذين كفروا من بني إسرائيل علىٰ لسان داوود وعيسى ابن مريم ۚ ذٰلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه ۚ لبئس ما كانوا يفعلون).
أرى أن قرارك الذي اتخذته قرار صائب كونك ترى المنكر، ولا تستطيع أن تغيره وعليك أن تكون متيقنا أن الله سيعوضك خيرا من هذا العمل، وعليك أن تعمل بالأسباب، ولو أن تعمل مؤقتا في أي عمل تكسب منه الرزق الحلال.
اعقد النية أنك تركت هذا العمل من أجل لله لما فيه من المنكر العظيم الذي لا تستطيع تغييره؛ كي تؤجر على ذلك ويعوضك الله خيرا منه.
الزم الاستغفار، وأكثر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فذلك من أسباب تفريج الهموم والكروب، ففي الحديث: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا)، وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكف همك، ويغفر ذنبك).
أكثر من التضرع بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجد، وتحين أوقات الإجابة، وسل الله تعالى أن يوسع لك في رزقك، وأن ييسر لك عملا خيرا من هذا العمل، وأكثر من دعاء ذي النون، فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دعوة ذي النون، إذ دعا وهو في بطن الحوت: (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين؛ فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له).
أكثر من تلاوة القرآن الكريم، وحافظ على أذكار اليوم والليلة يطمئن قلبك يقول تعالى: (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ۗ ألا بذكر الله تطمئن القلوب).
من أعظم أسباب جلب الحياة الطيبة قوة الإيمان، وكثرة العمل الصالح يقول تعالى: (من عمل صالحا من ذكر أو أنثىٰ وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ۖ ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون).
نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى لك التوفيق.