السؤال
أنا شاب أبلغ من العمر 36 سنة، أعاني منذ عشر سنوات من فكرة سخيفة تتمثل في إجبار الناس على عدم التركيز أثناء الحديث، أو التواصل مع الآخرين سواء داخل المحيط العائلي أو الخارجي، فهو شعور سلبي يقوم على تحطيم مؤهلاتي اللغوية، وأحيانا أتسائل عن ماهية وطبيعة الكلام، ونتيجة لذلك أصاب بالارتباك والشلل التام عن الحديث.
هل هناك من علاج سلوكي معرفي للتخلص من هذه الأفكار؟ خصوصا أن الحديث مع الناس يتطلب السرعة والانسياب التلقائي للأفكار؟
وشكرا جزيلا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إبراهيم حسن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
لإيجاد الحلول لأي مشكلة نعاني منها لابد بداية أن نقف على الأسباب، وعلى جذورها التاريخية؛ فأنت قلت في رسالتك: إن فكرة عدم التركيز في الحديث مع الآخرين تسيطر عليك منذ عشر سنوات..
- هل حاولت أن تعود بذاكرتك إلى الوراء وتتذكر ما هي الحادثة التي كانت بداية هذه المشكلة عندك؟!
- هل كنت تعاني من عدم تركيز الآخرين مع أحاديثك والاستخفاف بها، وقررت أن تكون معاملتك بالمثل؟!
- هل آراؤك ومقترحاتك لا تلقى أذنا صاغية من الآخرين؟!
- هل جربت أن تعالج نفسك بنفسك، وتجبرها على التركيز والإنصات للآخرين؟!
- هل تستطيع التركيز في مواضيع دون أخرى أم كلها عندك سواء؟
- هل تستطيع التركيز في مشاهدة برنامج وثائقي مثلا ؟
- ما الأشياء التي تدور في ذهنك وأنت تصغي للآخرين؟
الإجابة على هذه الأسئلة تساعدك في علاج مشكلتك، وتجعلك تدرك ما هي الأسباب التي تؤدي إلى فقدان التركيز، وأيضا توضح لك ما إذا كنت تعاني من عدم التركيز بشكل عام أم أنك فقط لا تحب التركيز فيما يقوله الآخرون.
من ناحية ثانية أيا كانت المشكلة التي تعاني منها، فالتواصل مع الآخرين، والقدرة على التركيز من المهارات المكتسبة، وبالتالي تستطيع بالتدريب والمران أن تكتسب هذه المهارة بل أن تبدع فيها.
لكن قبل أن تنطلق معنا في رحلة العلاج، عليك أن تفرغ كوبك تماما من الأفكار السلبية التي سمحت لها أن تسيطر عليك لعشر سنوات، فلا بد من التخلية قبل التحلية.
فبمجرد أن اكتسبت مهارة التركيز فيما يقوله الآخرون، واستوعبت حواراتهم ونقاشاتهم، تستطيع ببساطة أن تستعيد مؤهلاتك اللغوية، وتعالج ما تعاني منه من الارتباك والشلل التام عند الحديث حسب تعبيرك.
لذا أنصحك بمايلي:
لا شك أن الإنسان يستطيع أن يرفع من مستوى التركيز عنده، ويعالج التشتت والشرود الذهني، وإليك هذه الخطوات السبع:
1 ـ تدرب على أن تركز على شيء معين لفترة طويلة نسبيا، علق نظرك على لوحة فنية معلقة على الجدار .. ادرس كل دقائقها في اللون والظلال والحركات واللفتات حتى لا تغادر شيئا منها .. ثم اغمض عينيك وراجع اللوحة في ذهنك .. انظر كم التقطت منها وكم فاتك ، وأعد المحاولة، فإن هذا التمرين سيغرس فيك حالة التركيز .
2 ـ تدرب على تذكر طريقك المعتاد الذي تمشيه أو تقطعه من البيت إلى العمل وبالعكس مع التركيز على التفاصيل معلما معلما، فهذا التمرين سينمي لديك أيضا حالة الانتباه، ذلك أن التركيز وشد الانتباه يشبه إلى حد كبير أية قوة عضلية، أو عقلية تنمو بالمراس والمداومة، وحتى تنشط ذاكرتك دربها ومرنها دائما في التقاط المعلومات ومراجعتها؛ لأنك إذا أهملت ذلك أصيبت الذاكرة بالضمور .
3 ـ استمع إلى محاضرة و ركز في الأفكار الواردة فيها ثم حاول التأمل والتعمق فيها، ومناقشتها ولو بينك وبين نفسك.. أطل الوقوف عند فكرة معينة .. استغرق فيها، كما لو كنت تتأمل مشهدا أمامك، فهذا يساعدك على التركيز وتثبيت الانتباه وجمعه.
4ــ ـ تتبع موضوعا ما، أو حدثا ما خطوة خطوة، منذ ولادته وحتى ختامه.
5 ـ درب دماغك وقو حافظتك عن طريق حفظ القرآن والأحاديث الشريفة والحكم وأبيات الشعر الجميلة، والنكات الظريفة، والقصص المعبرة، فإن الذاكرة إذا قويت في جانب فإنها يمكن أن تقوى في جانب آخر.
7 ـ وجه اهتمامك لما يقوله محدثك لا لما يلبسه أو لما تحمله من ذكريات الماضي عنه .. واحصر ما يقوله في نقاط ..
ويمكنك أن تعمد إلى كتابة ملخص بما يقول حتى تتمكن من الرد على كل النقاط أو أهم ما ورد في حديثه.
هذه الخطوات ستعينك في التركيز، والطلاقة بالحديث بإذن الله، وللفائدة راجع علاج التشتت وعدم التركيز سلوكيا: (226145 - 264551 - 2113978).
أسأل الله أن يرزقك البيان والإفصاح في القول اللهم آمين.