السؤال
السلام عليكم
أنا فتاة، عمري 19 سنة، أحببت شخصا كثيرا، أحببته أكثر من نفسي وإلى الآن أحبه، لكن خطئي أنني كذبت عليه في موضوع لم يكن عن قصد، ولم تكن نيتي سوء، لكنه تأذى كثيرا بسببي، وبعد أن اكتشف ما فعلته تضايق مني كثيرا، وطلب مني نسيانه نهائيا، وقال كلمه واحدة فقط "الله يسامحك" رغم أني أخطأت كثيرا بحقه، وأنا جدا نادمة، ولا أستطيع العيش بدونه، لكنه يرفض أن يكلمني ثانية.
أنا معترفة بخطئي، وأصبح الموضوع يعذبني، ضميري يعذبني طوال الوقت، لا أستطيع حتى النوم في الليل، كل ما أتمناه أن لا أخسر هذا الشخص، رغم أنني أفقد الأمل؛ لأنه لا يريد أن يتحدث إلي مطلقا.
رغم اعتذاراتي المتكررة له، وأسفي الشديد ماذا أفعل كي لا أخسر هذا الإنسان؟ وهل من الممكن أن يعود؟ كيف أجعله يستعيد الثقة بي؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بارك الله فيك – أختي العزيزة – وأشكر لك حسن ظنك وتواصلك مع الموقع, سائلا الله تعالى أن يفرج همك ويحقق أمانيك في الخير.
- بالنسبة لمحبتك للشخص, فمن المهم أن تكون وفق الوسائل المشروعة, حيث لا تكون بالتواصل غير المشروع, كالخلوة, وتبادل عبارات الغزل, أو التوسع في الكلام لغير حاجة ونحوها, ذلك لكونكما أجنبيين عن بعضكما، وقد نهى الشرع عن قربان الفاحشة بالوسائل المؤدية إليها مع مرور الزمن, حيث قال تعالى: (ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا).
- كما ومن المهم في اختيار زوج المستقبل, أن يكون على دين وخلق حسن لتحقيق مقاصد الزواج الشرعية.
- وأما بصدد عدم مسامحته لك لكونك كذبت عليه عن غير قصد وسوء نية, فإن هذا يعتمد على مدى فداحة وخطورة الكذبة وعظيم تأثيرها, فأما إن كانت غير بالغة, فمن محاسن الأخلاق أن يتسامح هذا الشاب معها لاسيما مع ثبوت صغر سنك وإدراكه لقيمته عندك, وتكرر اعتذارك واعترافك بخطئك, ولاسيما إن كانت لأول مرة؛ وقد صح في الحديث : (كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون).
- وبصدد ما يجب عليك فعله لاستعادة ثقته وعدم خسارته, فمن المهم أولا أن تحرصي على اللجوء إلى الله تعالى بالدعاء وصلاة الاستخارة, (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء).
- كما أوصيك بلزوم الهدوء والصبر وعدم الإلحاح عليه بتوسيط الجهة المعتبرة والموثوقة لديك ولديه ممن يتحلون بالأمانة والحكمة, فإن أصر على الهجر والقطيعة, فمن الواجب عليك الرضا بقدر الله ولزوم الصبر واستشعار الأجر عليه, وعدم المبالغة في حمل الهم والحزن لدرجة تعذيب الضمير وفقدان النوم ونحو ذلك, وتذكر حكمة الله تعالى في ذلك, ومشيئته, فما يدريك فلعل في تركه خيرا, حيث وقد بذلت جهدك واعتذارك: (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون).
- فإن كان رغم ما يظهر منه من خير لا يتحلى بأخلاق العفو والحلم والصبر والمسامحة ومراعاة النفسيات والعشرة، فربما كان من الخير تركه وعدم التأسف عليه؛ ذلك أن العلاقات عامة, ومنها الزوجية لابد فيها من التحلي بأخلاق العفو والتغافل والتغافر والمسامحة, وما أجمل قول الإمام الشافعي- وراجعي الأبيات في مظانها – ومنها قوله رحمه الله :
"إذا المرء لا يرعاك إلا تأسفا ** فدعه ولا تكثر عليه التأسفا
ففي الناس أبدال وفي الترك راحة ** وفي القلب صبر للحبيب ولو جفا"
- وفي سبيل مقاومة الهم والضيق, فمن المهم أن تحسني الظن بربك تعالى, وتتحلي بالثقة بالنفس وقوة الإرادة.
وأن تحرصي على لزوم الذكر والشكر والطاعة والصحبة الطيبة، والترويح على النفس بشغل الوقت فيما يعود عليك بالفائدة في لزوم القراءة، ومتابعة المحاضرات والبرامج المفيدة, وفي الحديث: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف.. احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز, ولا تقل: لو أني فعلت كذا وكذا كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل ؛ فإن (لو) تفتح عمل الشيطان) رواه مسلم.
- أسأل الله تعالى أن يفرج همك، ويشرح للرضا بأمره وقدره صدرك، وييسر أمرك، وينير عقلك، ويزكي نفسك، ويطهر قلبك، ويستر عيبك، ويغفر ذنبك، ويرزقك راحة النفس، والثقة بالرب، والزوج الصالح والحياة السعيدة, والله الموفق والمستعان.