السؤال
السلام عليكم.
شاب، عمري 27 سنة، لدي مشكلة نفسية وهي أنني لا أستطيع التركيز وسط الجماعة، لذا صرت أتهرب من المسؤوليات، فأصبح ليس لدي أي طموح في عملي؛ بسبب أنني أكره أن يركز أحدا علي أو أن أوضع تحت الضغوط وأرتبك، وصرت أتهرب أيضا من الزواج بسبب خوفي من المسؤوليات، وليس لدي أي استعداد اجتماعي، وأكره اليوم الذي يأتي فيه ضيوف إلى بيتنا؛ لأنني أتكلف معهم علاوة على أنني لا أنظم غرفتي باستمرار بسبب كسلي، ولا أحب أن يتطلع أي أحد على خصوصياتي مع أنني هادئ الطباع، وأعامل الناس بكل أدب ولكني أفضل الهروب من الأضواء والمسؤوليات؛ لأنني عندما أتحمل أي مسؤولية لا أستطيع التركيز وسط الجماعة من شدة القلق، وهذا رغما عني ولا أستطيع علاجه، فهل من علاج لمشكلتي؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في الشبكة الإسلامية.
أخي: الذي تعاني منه هو ظاهرة أكثر مما هو مرض نفسي، أرى أنه لديك أعراض بسيطة للرهاب الاجتماعي، لكن في ذات الوقت ضوابطك على نفسك وصرامتك حيالها أعتقد أنها مهتزة بعض الشيء، والإنسان لا بد أن يكون صارما مع نفسه ولا يطاوعها في التكاسل والتنصل من المسؤوليات، فنفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل.
والانضباط يأتي من خلال وضع برامج يومية، برامج يومية لإدارة الوقت، تحدد فيها الأنشطة التي يجب أن تقوم بها، وهذه الأنشطة تكون متنوعة ومشكلة: وقت للعمل، ووقت للترفيه عن النفس، ووقت للعبادة، ووقت للراحة، ووقت لممارسة الرياضة، ووقت للقراءة والاطلاع المعرفي، وهكذا، بهذه الكيفية تستطيع - إن شاء الله تعالى - أن يكون لك سلطان حقيقي على نفسك لتدفعها نحو الإيجابية.
وتذكر – أخي الكريم – أن الإنسان يجب ألا يكون متكاسلا أو متخاذلا اجتماعيا، الإنسان لابد أن يكون صاحب همة، وأن يكون يدا عليا دائما. هذا مهم أخي الفاضل.
وأنا متأكد أنك إذا انخرطت في أنشطة اجتماعية سوف ترتاح كثيرا، مثلا: أن تنضم إلى نادي رياضي، أن تحضر حلقة تلاوة مثلا بمعدل مرة في الأسبوع، أن تنضم لأي جمعية ثقافية أو خيرية، بهذه الكيفية سوف تجد نفسك أنك قد حصل لك نوع من الانصهار الاجتماعي الذي من خلاله تستطيع أن تنمي نفسك وتنمي شخصيتك.
الرياضة مهمة جدا، تجدد الطاقات النفسية والجسدية وحتى الاجتماعية. بناء نسيج اجتماعي متميز نعتبره أمرا ضروريا أخي الفاضل. وأرجو أن تعود بل تلزم نفسك بصلاة الجماعة في المسجد، أيضا تحسن الدافعية الجماعية لدى الإنسان.
أنت محتاج أن تضع خطة مستقبلية، ما هي الأشياء التي يجب أن تقوم بها؟ ما هي مشروعاتك؟ وتحددها حسب أسبقيتها وأهميتها، وتضع الآليات التي توصلك إلى مقاصدك. هذه مهمة جدا أخي الكريم.
بر الوالدين والحرص عليه يحسن الدافعية عند الإنسان، فأنصحك أيضا أن تحرص عليه.
أخي الكريم: سيكون أيضا من الجيد أن تتناول أحد الأدوية التي تساعدك في الخوف أو القلق الاجتماعي، وأنت تحتاج لدواء بسيط وبجرعة بسيطة.
الدواء الذي يسمى (زيروكسات CR) ويسمى علميا (باروكستين) بجرعة 12.5 مليجرام يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم 12.5 مليجرام يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم تتوقف عنه، أعتقد أنه سيكون جيدا وسوف يساعدك، بشرط أن تطبق معه النصائح النفسية والسلوكية التي ذكرتها لك سلفا.
كما أني أنصحك أن تقرأ حول التنمية البشرية، وكذلك الذكاء العاطفي أو ما يسمى بالذكاء الوجداني، هذه تساعدك على الأقل في امتلاك الخلفية النظرية لكيفية تنمية الذات وتطويرها وكيفية التعامل مع نفسك ومع الآخرين، ومن ثم تبدأ تطبق ما اكتسبته نظريا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.