ثقتي بنفسي ضعيفة جداً وعندي اكتئاب!

0 167

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة لا زلت طالبة في الجامعة تخصص هندسة، مستواي متدني كثيرا، وثقتي بنفسي معدومة أو لا تكاد تكون موجودة.

أشعر أن جميع من في الكلية ينظرون إلي بنظرات تهكم وسخرية، وأصدقائي القدامى فرحون بما آلت إليه حالتي، من عدم التوفيق!

كما أعاني من اكتئاب شديد جدا ولا أستطيع الذهاب إلى أي دكتور، لأن والدي يعتقدان بأن المجانين فقط هم من يذهبون، وهزأتني والدتي عندما فتحت الموضوع.

صرت أكره والدي وإخواني، ولا أحب المنزل، ولقد حاربت هذا الإحساس كثيرا، وحين أنجح أكرههم، لأنهم آذوني كثيرا، وما فهمني أحدهم يوما.

أتمنى الزواج كثيرا حلما، وأعتقد أن زوجي قد يفهمني، وقد يكون الحضن لي، لا أستطيع المذاكرة لأني حزينة جدا، وأشعر بضيق، وكأن شيئا ثقيلا وضع فوق صدري.

لا أستطيع المذاكرة لأي مشروع، فمستوى تفكيري أقل من ذلك، ولا أملك أفكارا إبداعية مهما حاولت، لذلك أحصل على أقل العلامات، وكل مرة لا يعجب الدكتور مشروعي، ويزداد الضيق ويتكابد الحزن علي، وعندما أدركت أني متأخرة عن الجميع وأن الجميع حصلوا على درجات عالية ومعدلات جيدة ومشاريع قدمت في مسابقات، وأنا في مكاني تكابد الحزن أكثر حتى إني أشهق لأخذ نفس، وأتنهد لإخراجه من قوة الضيق.

أصلي الحمد لله، ولكني أشعر أن علاقتي مع الله ليست كالسابق، أريد الطمأنينة، وأخشى من وساوس تتسرب إلى قلبي، رغم محاولاتي تجاهلها وكبتها، إلا أنها تتعالى.

أشعر أن الله لا ينظر إلي ولا يسمع دعائي القليل، وأشعر بضيق يمنعني حتى من الدعاء، والطب والصلاة بالليل ليطمئن قلبي، وصرت أضع أهدافا، وأحاول البدء ونسيان الماضي، وكل هذه لا تفيدني.

أريد حلا، بارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Double حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لا شك أن المشاعر السلبية عندما تسيطر على القلب فإنها تصبح مثل غشاوة تغطي عليه، فلا يعود صاحب هذا القلب يرى إلا السواد أنى نظر وكيفما توجه.

أدعوك لقراءة رسالتك التي أرسلتها إلينا ثانية، وتأملي في الكلمات السلبية التي جاءت فيها، وما هي إلا أسطر قليلة ومع ذلك قد فرغت فها الكثير مما تشعرين به من مشاعر سلبية، فكيف بحياتك الواقعية وما تعيشينه؟

لاحظي معي عباراتك التالية: مستواي متدن، ثقتي بنفسي معدومة، الآخرون ينظرون إلي نظرة تهكم وسخرية، عدم توفيق واكئتاب شديد، أكره والدتي وإخواني، لا أحب المنزل، أكابد الحزن، والله لا يسمع دعائي ولا ينظر إلي!

هل لاحظت كمية مشاعر الحقد والكراهية والحسد مع جلد الذات وعدم الرضى عن النفس، من خلال هذه العبارات؟ هل تعرفين مدى تأثير ذلك على عقلك وعلى شخصيتك؟

إنها تطبع على القلب، وتعمي العقل، وتوجه تفكيره ليكون سلبيا محضا، فينتقل صاحبه من فشل إلى فشل، ومن حزن إلى حزن، والمشكلة الأكبر، أنك تلقين على الآخرين مسؤولية هذه المشاعر، فترين الآخرين هم الذين يكرهونك، علما أنك ربما أنت التي لم تبادريهم بالحب يوما!

بنتي الفاضلة: انتبهي للملاحظات والخطوات العلاجية التالية:
ـ إن أول خطوة ينبغي عليك أن تقومي بها هو تطهير قلبك من مشاعر الحقد والبغضاء والحسد، فحينها ستنطلق قدراتك الإبداعية، وتبدعين في دراستك.

ـ أريد أن اطمئنك أنك في الحقيقة لا تحتاجين إلى طبيب نفسي، فأنت -ولله الحمد- بكامل الصحة والعافية العقلية، والدليل أنك تميزت وتفوقت في دراستك حتى وصلت إلى كلية الهندسة، هذا أكبر دليل.

إن كل ما تحتاجينه أن تتصالحي مع نفسك، وتغيري زاوية الرؤية، وتتخذي قرارا جازما بالتغيير الشامل لشخصيتك.

ـ أنصحك أن تجلسي مع نفسك جلسة مصارحة، واكتبي ما هي الأشياء التي تتمنين أن تتحقق، وما هي العادات الإيجابية لديك، وما هي العادات السلبية التي تودين التخلص منها، ومن ثم ضعي استراتيجيات وخطوات لتحقيق ذلك.

ـ على سبيل المثال أبدأ معك من أول مشكلة لديك: ألا وهي مشكلة التدني الدراسي، ذكرت لك أعلاه أنك طالما وصلت إلى كلية الهندسة، فهذا يعني أن لديك قدرات عقلية هائلة، ولكن يبدو أنك لا تستغلينها كما يجب.

ـ إن من أهم الأشياء التي تساعد على التفوق في المرحلة الجامعية، الالتزام بحضور المحاضرات والحرص على الصفوف الأولى، مع التركيز على المادة التي تلقى والتفاعل معها من خلال الحوارات والنقاشات، وكذا التوسع من خلال القراءة والاطلاع، حينها سيكون لديك إلمام تام بالمادة، مما يساعدك على الدراسة، والحصول على أعلى الدرجات.

ـ انتبهي لإدارة الوقت، وعدم تأجيل واجبات اليوم إلى الغد، فلا تؤجلي دراستك إلى وقت الامتحانات، لأن تراكم الواجبات يشعرك بضغوط كثيرة، وتصابين بالإحباط لأنك لن تستطيعي أن تدرسي كل المواد في ذات الوقت، وبالتالي تفقدين التركيز والقدرة على الاستيعاب.

ـ احرصي على الثقافة والاطلاع، سواء من خلال الكتب أو عبر النت، فعلى صفحات الإنترنت ستجدين نقطة الانطلاق للكثير من الأفكار الإبداعية، فهي مجال واسع تعكس لك تجارب الآخرين وأفكارهم، فاطلعي واقرئي، وخذي أفكارا من هنا وهناك، وتعرفي إلى طالبات السنوات السابقة، وسليهم عن مشاريع تخرجهم، كل ذلك سيولد عندك أفكارا إبداعية تعينك في مشاريعك.

ـ اعلمي أن الصورة التي تحبين أن تريها في أعين الآخرين أنت تعكسينها، فكما ترين نفسك يراك الآخرون، فإن كنت ترين نفسك ضعيفة الشخصية، عديمة الثقة بنفسك، ومحط للسخرية والتهكم، فسيراك الآخرون كذلك.

أما إن كنت ترين نفسك قوية، ناجحة، ومتميزة في أفكارك ومشاريعك، ومتفوقة في دراستك فسيراك الآخرون كذلك.

ـ تصالحي مع ذاتك، وغيري نظرتك إلى نفسك، فهذا سيكون -بإذن الله- بداية الطريق إلى التميز والإبداع، أما الاستسلام للمشاعر السلبية، والحقد والكره والحزن والاكتئاب لا يولد إلا فشلا وتراجعا دراسيا واجتماعيا.

ـ انظري إلى الآخرين بعين محبة، وشاركيهم الفرحة في نجاحهم، بدل أن تنزوي عنهم، وتتجرعي مرارة الحسد، بل على العكس أثني عليهم، وعلقي على إنجازاتهم بشكل إيجابي، وهكذا ستكسبين قلوبهم ومحبتهم، وسيكونون عونا لك في دراستك ومشاريعك.

ـ كذلك والدتك وإخوانك، بادريهم بالمعاملة الطيبة، والأخلاق الحسنة، وتوددي إليهم، أخرجي مشاعر الكره من قلبك، وبري والدتك، فبر الوالدين يفتح أمامك أبواب الخير والتوفيق والتيسير، ويغلق أبواب الشر والتعسير.

أما فكرة الزواج فنعم، إن الزواج سنة كونية، وبه تكمل الفتاة دينها، ولكن ليس من الحكمة أن يسيطر على تفكيرك لدرجة الإرباك الذهني، فربما يكون سيطرة فكرة الزواج، وانشغال تفكيرك به، هو السبب مما تعانين به من ضعف دراسي وتشتت.

الزواج قدر من أقدار الله يجريه الله في أليق الأوقات به، فاطمئني وقري عينا، وركزي على دراستك ونجاحك وتفوقك.

أما قولك أشعر أن الله لا يسمعني، فمعاذ الله، إنه ربنا سميع بصير، يرى مكاننا، ويسمع دعاءنا لا يشغله سمع عن سمع، ولا يخفى عليه شيء من حالنا، وإنما يحب الله أن يسمع صوت عبده فيعجل له العطاء أو يؤجله لحكمة يراها.

لذلك اصبري واحتسبي واستغفري الله، والتزم الطاعات والقربات، والمحافظة على الصلوات في أوقاتها، وأكثري الدعوات بصدق القلب، وقوة اليقين، وأحبي الله ، من خلال تأمل نعمه عليك، وأحسن الظن بالله، وفي لحظة ما ستجدين نفسك في وسط الحلم الذين طالما كنت تتمنيه.

أسأل الله أن يجعلك من أهل الفلاح والصلاح في الدارين اللهم آمين.

مواد ذات صلة

الاستشارات