السؤال
هل أستحق دراسة الماجستير؟ أشعر أني غير متمكنة، عندما يتحدثن زميلاتي عن مواضيع في التخصص ويتناقشن أشعر أني لا أفهم أي كلمة مما يتحدثن فيه، ولكن في المقابل عند إعطاء الدكاترة واجبات أو اختبارات لنا تكون درجاتي مرتفعة بنفس درجاتهن، وفي بعض المواد أنا أعلى، لكن في المناقشات الفورية لا أستطيع أن أفهم بدون تحضير مسبق.
هل هذا طبيعي أم علي الاجتهاد أكثر؟ أم أترك الماجستير؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ nona حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
اعلمي أن تحصيل العلم عملية تراكمية تتكون لدى الشخص وتنمو شيئا فشيئا من خلال البرامج التي يشارك فيها، كما أن المحصلة العلمية تخلتف من شخص لآخر تبعا لاهتماماته ورغباته، فقد يرغب في فن دون آخر، كما أن القدرات تختلف من شخص لآخر، وكذا الاهتمامات، فبعض الأشخاص يميل إلى التفكير والاستنباط، والآخر يميل إلى الحفظ، وثالث يميل إليهما معا.
كما أن الدراسات العليا تختلف في طبيعتها وأساليبها ومحتواها عن الدراسات الجامعية الأولى، خاصة في وطننا العربي والإسلامي الذي غالبا ما يستخدم أساليب تعليمية تقليدية كالإلقاء والحفظ، ونادرا ما يستخدم أساليب الاستنباط والتفكير! مما يجعل الطالب يتخرج من الدراسة الجامعية الأولى وقدراته في البحث والاستنباط غير متناسبة مع مستواه الدراسي!
لذا: فحالتك طبيعية جدا طبقا للواقع الدراسي في العالم العربي والإسلامي والذي يؤخر مرحلة البحث والاستنباط والتفكير والاستدلال إلى ما بعد الدراسات الجامعية الأولى، ثم تأتي الدراسات الجامعية الثانية التي تسمى (بالماجستير)، ويبدأ الباحث يتدرب على هذه الطريقة من التعلم، ويشعر بمشقة في البداية، ولكنه -بإذن الله تعالى-، يتجاوزها، خاصة إذا كانت لديه إرادة وعزيمة وتصميم، ووفق بمدرسين جادين يوجهونه إلى الطريق السليم في تلقي العلوم واستنباطها، ويشجعونه على البحث ويدربونه عليه.
وغالبا يتم ذلك في ما يسمى (بالمرحلة التمهيدية)، وهي سنة دراسية في بعض الجامعات أو سنتان في جامعات أخرى، يدرس فيها الباحث دراسات منهجية معمقة وبرامج بحثية تطبيقية، ومن خلالها يتدرب على كتابة الرسالة العملية وكيفية اختيار الموضوعات ومناقشة الأفكار.
لذا: أنصحك بالجد والاجتهاد والمثابرة والتفاؤل وعدم اليأس، فقدراتك العلمية جيدة كما تقولين أنك تفهمين الدرس وتجيبين عليه، وتأخذين أعلى الدرجات، ولا فرق بينك وبين زميلاتك في هذه الجوانب.
وما عندك من قصور الآن هو في طريقة كتابة البحوث واستنباط الأفكار، وهذه ليست معضلة، بل أمرها سهل جدا، فبالتدرب والتأهيل والمتابعة والاستمرار تتجاوزين -بإذن الله تعالى-، هذه المشكلة.
واعتبري أن هذه المرحلة هي المهمة في تطوير قدرتك البحثية والعلمية، واجتهدي في تحصيل ما ينقصك من المهارات، وأسألي من أساتذتك عما يشكل عليك، ودربي نفسك على النقاش والحوار والتفكر والاستنباط للمسائل، وأكثري من الاطلاع والقراءة في رسائل علمية ممثلة لما يطلب منك تحضيره، وأكثري من القراءة والاطلاع في مناهج إعداد البحث العلمي.
واقرئي أيضا شيئا من الكتب التي تشجع على التفكير وكيفيته، وستجدين -بإذن الله- تحسنا كبيرا في قدراتك العلمية والبحثية، وتتجاوزين هذه المشكلة.
وفقك الله لما يحب ويرضى.