السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ماذا يجب على أم أن تفعل إذا كان ابنها متزوجا من امرأة مهيمنة عليه، تتلاعب به، حيث تحركه كيف ومتى شاءت، تدير كل شيء في بيته، وتقطع كل صلة له بعائلته.
هذه المرأة تهدد ابني أنه إن لم يحسن مدخوله الشهري فستتركه، وتذهب بابنته معها، فاضطر أن يجمع بين عملين ليأتيها بالمزيد من النقود، فصار المسكين يعمل من الساعة 9 صباحا إلى الساعة 11 ليلا، ولم يعد عنده أي اهتمام لا بعائلته ولا بنفسه.
إن زوجة ابني تصلي وتصوم، ولكنها لا تلبس الحجاب الشرعي، وابني يتحمل كل ما يصدر منها من أجل ابنته منها! أليس تصرف هذه المرأة غير منطقي؟ وبماذا تنصحون ابني؟
بارك الله فيكم، وأشكركم على توضيح هذه المسألة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك - أختي الكريمة - في موقعك، وردا على استشارتك نقول:
يظهر أن العلة في هذه المشكلة مركبة، فكما أن هذه المرأة صاحبة شخصية متسلطة، اكتسبت شخصيتها من خلال تربيتها، ومن خلال ملاحظة صفات أسرتها، فكذلك هذا الشاب اكتسب صفات سلبية قد تكون من خلال ما ربي عليه، أو أنه اكتسب تلك الصفات من بعض من عاش معهم.
وعلاج هذه القضية - والله أعلم - ينبغي أن يسير في مسارين:
المسار الأول: هو إعادة برمجة الصفات التي يحملها هذا الشاب، بحيث يشجع على أن تكون شخصيته قوية، يراعي التوازن في حياته، ويعرف ما يضره وما ينفعه، ويعطي كل ذي حق حقه.
ينبغي ألا يظهر نقاط ضعفه لزوجته؛ لأنها تستغل تلك الصفات في الضغط عليه ونيل مآربها من خلالها، وعليه أن يجتهد في معرفة صفات زوجته ونقاط ضعفها، فيعالجها من خلال ذلك، بأن يضيق عليها من خلالها، فسيجدها ترضخ لتوجيهاته.
وعليه أن يبين لها أن أمه خط أحمر لا يجوز لأي أحد أن يقترب منه؛ لأن الأم لا يمكن استبدالها، بخلاف الزوجة، فلو قدر الله أن فارقها فسيجد غيرها.
ينبغي أن يذكرها بأن حقوق من حوله لها سلم وأولويات، فحق الوالدين مقدم على حق غيرهم، وطاعة الوالدين مقدمة على طاعة غيرهم إلا طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، يقول نبينا (ﷺ): إن لربك عليك حقا، ولنفسك عليك حقا، ولأهلك عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه، ومن حق النفس عدم تكليفها فوق طاقتها، وإلا كان صاحبها معتد عليها.
وتقوية إيمان هذا الابن من خلال إلصاقه بالرجال الصالحين، بحيث يهتمون به ويركزون على تقويم جوانب النقص في صفاته.
المسار الثاني: محاولة الاقتراب من زوجته، وذلك عبر من تثق بهن، وتقبل توجيهاتهن، ومحاولة التأثير عليها وعلى سلوكياتها العدوانية، وتذكيرها بالله تعالى، وتخويفها بأن الجزاء من جنس العمل، فهل تحب أن تتعامل زوجة ابنها مع ابنها كما تعامل زوجها؟
وتذكيرها أن من واجبها أن تعين زوجها على طاعة وبر والديه، لا أن تجعله عاقا لهما؛ لأنها إن كانت تريد له الخير وبركة الرزق وسعته فذلك يكمن في بره لوالديه، كما في الحديث: من سره أن يبسط له رزقه، أو ينسأ له في أثره، فليصل رحمه.
يجتهد في التواصل مع والديها وتبصيرهما بما تفعله ابنتهما، وتخويفهما من أن ذلك قد يؤدي إلى هدم بيتها إن بقيت على ما هي عليه ما لم ينصحاها ويحسنا توجيهها، سواء كان التواصل مع والديها من خلالكم، أو من خلال أناس يقبل والديها نصحهم، شريطة ألا يخبران أنكم من طلبتم ذلك من أولئك الناس.
وعليكم بالتضرع بالدعاء بين يدي الله تعالى في حال السجود أن يهدي الله هذه المرأة ويلهمها الصواب، وأكثروا من دعاء يونس عليه السلام، فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له، يقول رسول الله (ﷺ): دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت (لا إله إلا أنت سبحانك، إني كنت من الظالمين) إنه لم يدع بها مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له بها.
الزموا الاستغفار وأكثروا من الصلاة على النبي (ﷺ)، فذلك من أسباب تفريج الهموم وتنفيس الكروب، ففي الحديث: من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، وقال (ﷺ) لمن قال له: أجعل لك صلاتي كلها؟ إذا تكفى همك، ويغفر لك ذنبك.
نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى أن يجعل لكم من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، إنه سميع مجيب.