أنا طالب في الجامعة وأفكر في تركها، ما نصيحتكم؟

0 137

السؤال

السلام عليكم.

شكرا لكل القائمين على هذا الموقع، وبارك الله في جهودكم.

أنا طالب في كلية الطب سنة ثانية، بعمر 21 سنة، رسبت في أول سنة، وذلك لأني لا أحب الدراسة التقليدية وطريقة المعلمين في تلقيننا للمعلومات بدون تجربة، مما أدى إلى تغيبي عن الجامعة، لأني لم أجد استفادة من الذهاب.

علما أني أحب العلم والتعلم، ودائم البحث، وعندي فضول بالمعرفة منذ صغري، وأحب العمل باليد وعن طريق التجربة، وتعلمت 3 لغات بجانب العربية عن طريق الممارسة وبإتقان.

طلب مني والدي أن أعيد السنة، وفعلا أعدتها، وأجبرت نفسي على الدراسة، ووصلت معي الحالة من إجبار النفس أن أبكي، لأني لا أطيق هذه الطريقة بالتعلم.

المناهج يوجد بها الكثير من الأشياء التي لا فائدة منها، وبعض المعلمين يصرون على تعقيد الأمور، ومعظم الطلاب يدرسون من أجل العلامة لا من أجل العلم نفسه، وبعد معانة السنة نجحت بمعدل مقبول.

أنا على يقين أني خرجت باستفادة أكبر من معظم الطلاب، وهذا ما كان واضحا عندما طلب منا بحث عن "التلقيح المخبري" فقد كانت إجاباتي على أسئلة المعلمين هي الأفضل.

أنا في السنة الثانية من دراستي، ولا أريد أن أتعرض لما تعرضت له في السنة الماضية من تعب أدى إلى إصابتي بالاكتئاب كمرض وحالات ذعر في سبيل الدراسة، (المقصود الدراسة وليس التعلم).

جربت جميع الطرق في تهوين الأمر وتسهيله، لكن نفسي لا ترغبه أبدا.

علما أني التزمت بالصلاة بيقين وخشوع منذ فترة، وإني محب لله وأشعر أن الله بجانبي، لأن قلبي لم يحسد ولم يؤذ، بل أحب ما يحب الله، وكنت دائما ارجع لله عندما ابتلى في معصية.

أفكر كثيرا بترك الجامعة، لكني لا أعلم ماذا سأفعل؟! لي رغبة بأن أصبح رجل أعمال شامل في معظم القطاعات، وما خاب من استشار.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فلا شك أن تخصص الطب والهندسة من التخصصات التي يطمع كل أب أن يدخل فيه أبناءه، ويتمنى لهم أن يتفوقوا فيه، وأن كلية الطب، ليست من الكليات التي يظن الكثير أنها حلم صعب المنال، بل هي في متناول يد الطالب المجتهد.

علما أن الكثير من الطلاب درسوا وتعبوا، ومع ذلك لم يستطيعوا الحصول على علامات تؤهلهم لدخول هذه الكلية، فأنت -ولله الحمد والشكر- قد وصلت إليها، فهذه محض فضل من الله سبحانه وتعالى، يستحق منك الشكر والحمد، لا التذمر والتململ.

أردت التركيز على هذه النقطة لتخفف موجة التذمر عندك، ولتعلم أن الله وضعك في مكان يقتضي منك أن تبذل المزيد من الجهد لتفلح فيه، ولترفع رأس أبويك عاليا.

قد تكون دراسة الطب في البداية ليست بالأمر السهل، لما فيها من معلومات دقيقة، ومسائل تتطلب منك الحفظ والتركيز، وقد يجد الطالب فيها بعض الأساتذة الجدد الذين ليس لديهم المهارة في توصيل المعلومات للطلاب بالطريقة الجيدة، ولكني أحب أن أطمئنك أن كونك دخلت كلية الطب فهذا يعني أن دماغك تستهوي المعلومات العلمية العملية لا الحفظية التلقينية.

لذا من الطبيعي أن تجد صعوبة في تقبل أسلوب الحفظ والتلقين، ولكن أليست هذه المعلومات النظرية هي سبيلك للانطلاق القوي في ميدان دراسة الطب، ألن تكون هذه المعلومات عونا لك حين تنطلق في التطبيقات العملية؟

أليس كل دراسة فيها النظري والعملي يسيران معا خطين متوازيين للإلمام بالمادة من كل نواحيها؟
لا شك أن الوصول إلى الهدف يحتاج منك إلى تجاوز العقبات والصعوبات، لا التعثر بها والوقوف أمامها عاجزا حيران.

لديك بفضل الله، من القدرة على الفهم والاستيعاب الشيء الكثير مما جعلك تتقن أكثر من لغة، وأنا أتعجب أنه بالرغم من هذه القدرات العلمية لديك كيف لم تستطع أن تتجاوز مرحلة عدم التفاعل مع مواد هذه الكلية؟! والسبب أن بعض الأساتذة لا يجيد توصيل المعلومة.

أنصحك أن تغير نظرتك إلى المنهاج الدراسي المقرر، والتخلي عن أفكارك السلبية حول كونه منهاجا لا فائدة منه ولا طائل، وأن أسلوب التلقين لا يؤتي ثمرا، وبدلا من الضيق والبكاء والاكتئاب، جاهد نفسك بالتحايل على المواد الحفظية حتى تصبح مقبولة لك كحد أدنى، تحد نفسك أنك قادر على الإبداع والتميز في كل المجالات، فكما أنك مبدع في الجانب العملي، أيضا بإمكانك أن تكون مبدعا في المواد الحفظية، وتذكر أن كثيرا من الأمور في هذه الحياة قد تضطر إلى أن تتجرع مرارتها وأنت مبتسم، لأنها مرحلة ترتقي بك خطوة نحو الهدف، وباتجاه الغاية.

ستقول لي: إن هدفك ليس دراسة الطب أصلا، وإنما تفعل ذلك مرغما تحقيقا لرغبة والدك، وحلمك أن تكون رجل أعمال شامل في جميع القطاعات.

هذا رائع، وحلم عظيم، لكن السؤال من قال لك إن الدراسة الجامعية، ودراسة الطب تحديدا يحول بينك وبين هدفك؟!
على العكس قد تكون لك نعم العون، وتؤمن لك الدخل المادي الوافر الذي بإمكانك الانطلاق منه.

انظر حولك لترى بأن عددا لا بأس به من المستثمرين إنما هم أطباء في الأصل، واستطاعوا بتميزهم وتفوقهم في دراستهم أولا، وفي مجال عملهم ثانيا أن يؤسسوا مشروعهم الاستثماري، وبإمكانك التعرف على بعض الشخصيات، وتحتك بهم، وتتعلم منهم، حيث تشحذ همتك لمتابعة دراستك وإكمال الطريق الذي بدأت.

لا أنصحك بترك الدراسة أبدا، بل عليك أن تصبر وتصبر حتى تنهي هذه المرحلة، ومع الأيام ستتعود على النمط التعليمي، إن شاء الله.

أسأل الله أن يجعلك من أهل الفلاح في الدنيا والآخرة، اللهم آمين.

مواد ذات صلة

الاستشارات