أخاف من المشكلات وأضعف عند المواجهة، فكيف أتجاوز ذلك؟

0 125

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

منذ أن كنت صغيرا وأنا أعاني من الخوف، الخوف من العراك، أو الظلام، أو المرتفعات، لكنني تشجعت وقررت التخلص من مخاوفي عن طريق مواجهتها، قمت في الليل وجلست وحيدا والنور مغلق بشكل تام، وهنا تمكنت من التخلص من هذا الخوف.

ولحل قضية الخوف من المرتفعات، قررت الذهاب للأماكن المرتفعة، وتخلصت من هذا الخوف.

مشكلة الخوف من العراك هي نقطة ضعفي، دائما أحاول تفادي المشاكل حتى لا أتعرض لهذا الخوف، لكن المشاكل تبحث عني، أنا لا أخجل من قول كلمة الحق، لكن عندما يتحول الأمر إلى عراك أتجمد وأشعر برغبتي في البكاء.

لا أريد أن أكون صاحب مشاكل، ولا أريد أن أكون جبانا أيضا، حاولت أن أواجه خوفي من القتال، لكنني تعرضت للضرب، لأنني ضعيف جسديا ونحيف جدا، فزاد ذلك من مخاوفي، عندما واجهت الظلام والمرتفعات لم يكن هناك أي ضرر، فلذلك هذا الخوف زال عندما واجهته، لكن على عكس القتال زادني خوفا، أريد طريقة فعالة للعلاج، وكما سبق وأخبرتكم لا أريد ولا أحب المشاكل، لكنني لا أريد أن أكون جبانا.

وأتمنى لكم التوفيق.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ NO ONE حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أعجبني في شخصيتك أنك تحاول أن تعالج نفسك بنفسك، كما أنك و-لله الحمد- يبدو أنك على قدر عال من الوعي والإدراك، كما أنك تملك قوة العزم والإرادة، حيث تمكنت من التخلص من مخاوفك من المرتفعات ومن الظلمة بجهد شخصيا منك.

فمن قال لك أن المشاجرات أو المشاركة فيها أمر محمود؟ فعلى العكس تماما، ربما قد تكون سببا في إيذاء الطرف الآخر من حيث لا تدري تحت عنوان الدفاع عن النفس، ورد الاعتداء، ولا أظنك حينها ستكون مرتاحا.

فلن تكون قويا إن أنت تمكنت من التغلب على خصمك بقوة الجسد، بل هذا قمة الضعف، وانعدام الحجة، بينما حين تملك نفسك من الغضب و العصبية، وتحل المواقف بهدوء وعقلانية ومنطق، هنا القوة على الحقيقة، وهذا ما أكد عليه نبينا -صلى الله عليه وسلم- في الحديث النبوي الشريف بقوله: (ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب)، [متفق عليه].

وأدعوك إلى قراءة هذه القصة والتأمل في أبعادها:
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه-: (أن رجلا شتم أبا بكر والنبي -صلى الله عليه وسلم- جالس، فجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- يعجب، ويتبسم، فلما أكثر رد عليه بعض قوله؛ فغضب النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقام فلحقه أبو بكر، فقال: يا رسول الله، كان يشتمني وأنت جالس، فلما رددت عليه بعض قوله غضبت وقمت، قال: إنه كان معك ملك يرد عنك، فلما رددت عليه بعض قوله وقع الشيطان؛ فلم أكن لأقعد مع الشيطان. ثم قال: يا أبا بكر، ثلاث كلهن حق: ما من عبد ظلم بمظلمة، فيغضي عنها لله عز وجل إلا أعز الله بها نصره، وما فتح رجل باب عطية يريد بها صلة إلا زاده الله بها كثرة، وما فتح رجل باب مسألة يريد بها كثرة إلا زاده الله عز وجل بها قلة)، أخرجه أبو داود (4896)، وأحمد (9251).

فلماذا البكاء، ولماذا تنعت نفسك بالجبن بل على العكس أنت في قمة القوة.

ذكرت أن المشاكل دائما تبحث عنك، وهنا أنصحك أن تبتعد عن رفقاء السوء، وتلزم الصحبة الطيبة، فالأصدقاء الطيبون الصالحون لا أظن أنهم يلجؤون للعنف لحل مشاكلهم، ولا أظن أنهم يعتبرون الضرب وسيلة للتفاهم، وهكذا ستضمن لنفسك ألا تقع في مشاكل تضطرك إلى الضرب.

ومع ذلك لا مانع أن تلجأ إلى ممارسة الرياضة التي تقوي عضلات جسمك، من خلال الاشتراك في ناد رياضي مما يزيد ثقتك بنفسك، ويجعلك قوي الجسد، واثقا بنفسك أكثر، لا تهاب أحدا.

ولا أحد يمنعك من قول كلمة الحق، ولكن قول كلمة الحق يحتاج إلى أسلوب محبب، وطريقة ودية، وإلى قوة الحجة والبرهان، والقدرة على إدارة الحوار بين التسديد والتقريب، وجذب الآخرين، والابتعاد عن الجدال العقيم الذي لا يجدي نفعا، فهذا سيساعدك أيضا على تجنب المشاكل مع الآخرين.

أما أن تكون جافا غليظ القول، حادا في مواقفك فمن الطبيعي أن ينتهي الحوار بالعنف، فبعض الناس لا يتقبل أن تقول له أنت مخطئ.

أسأل الله أن يرزقك الحكمة في القول والعمل، اللهم آمين.

مواد ذات صلة

الاستشارات