السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
منذ سنة كنت متعبة جدا، ذهبت إلى العديد من الأطباء، في كل يوم يتعبني شيء في جسمي وأذهب بسببه إلى الطبيب، وفي كل مرة يخبرني الأطباء بأنني سليمة.
ذهبت لأحد المشايخ وقال بأن لدي القرينة، وأعطاني آيات قرآنية، وطلب أن أقرأ الآيات على زيت الزيتون، وأن أواظب على قراءة سورة البقرة لمدة سبعة أيام، انتظمت بالعلاج، ولا يوجد أي تحسن.
زرت العديد من الأطباء بلا فائدة، وقررت الذهاب لشيخ دين آخر، قرأ علي بعض الآيات مع الرقية الشرعية، وجسمي كان يتنفض حينها.
أخبرني الشيخ بأنني وقعت على بيت من بيوت الجن، وأنني أعاني من المس، ومسحورة، قام الشيخ بدق أوراق السدر وخلطها مع زيت الورد والماء والورد، شربت منه واغتسلت، ثم أعطاني ورقة وطلب وضعها في الماء تحت النجوم، وأن أغسل جسمي باليوم التالي وأشرب منه، وأعود للشيخ في بداية الشهر الهجري.
ذهبت للشيخ وبدأ يقرأ القرآن مع تشغيل رقية المس والسحر أكثر من خمس مرات، وأنا مغمضة العينين، فرأيت عيونا كثيرة تضيء وتنطفئ، أخبرت الشيخ بما أرى، وطلب مني أن لا أخاف، واستمر الشيخ وهو يقرأ، ثم مسك الدبوس وشك به أصابع رجلي اليمنى، لأن الجن كانوا مسلمين، وأنا دائما كنت أشعر بالألم في نصف جسمي الأيمن.
أعطاني حجابا وطلب أن أضعه بين ملابسي، أهلي يخبرونني بأنني أصبحت هادئة بخلاف طبيعتي السابقة العصبية، عانيت من الوسواس القهري ومخاوف الموت والمرض، والآن أنا متفائلة ولدي حماس ونشاط، ولكنني في بعض الأحيان أرى الكوابيس -الجاثوم- وأمي كذلك ترى كوابيس الجاثوم، ولكنني خائفة، فعندما كنت مريضة كنت أحلم بالجاثوم يوميا، وكنت أخاف من النوم، وأخبرني الشيخ بأن الجن مسلمون، علما أن جانب وجهي الأيمن ممتلئ بالحبوب المتسخة، وأنا خائفة من عودة الأعراض من جديد.
والدتي تقول لا مشكلة من آلام الجانب الأيمن لأن العارض كان هناك، وكل شيء يحتاج إلى وقت للتعافي، لكنني أشعر بأنني لم أتعاف، وأشعر بالخوف والقلق، علما أنني أنام علي وضوء، وأقرأ سورة الملك والمعوذتين والإخلاص وآية الكرسي، وأحافظ على أذكار النوم، ومع هذا كله إلا أنني أرى الجاثوم بمنامي، وأنا منذ فترة لم أحلم به، وكنت أنام جيدا، رأيته منذ ثلاثة أيام، وخائفة من عودة الأعراض، وأشعر بأنني لا يمكن أن أشفى.
ذهبت للدكتورة النفسية بعد الشيخ، فأنا متعبة جدا، ولم أصدق إصابتي بالمس والسحر، وصفت لي الطبيبة أدوية الاكتئاب وأوقفتها منذ أسبوعين أو أكثر.
أفيدوني، هل العارض الذي أعانيه خرج ولن يعود مرة أخرى كما طمأنني الشيخ، وما أشعر به الآن هل هو أمر عادي أم لا، وسخونة نصف وجهي الأيمن والحبوب المنتشرة هل هي أمر طبيعي؟
شكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Mai حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك، وردا على استشارتك أقول:
إن مسألة المس والتلبس من المسائل الشائكة التي يستغلها الكثيرون من النصابين الذين يريدون أكل أموال الناس بالباطل، ولا يستطيع استكشافها إلا القليل من الرقاة الشرعيين الذين يتصفون بتقوى الله تعالى، وكثرة الممارسة لعمل الرقية التي تكسبهم خبرة في التعامل مع تلك الحالات.
بعض الممتهنين بمهنة الرقية، والذين لا يريدون ترك أي حالة تأتي إليهم، والذين همهم تحصيل المال يلبسون على الناس ويخلطون الحق بالباطل، والقرآن بالرقى والأعمال الشركية أو البدعية التي ليست من الأسباب الشرعية للمداواة.
لا يكون الذهاب إلى أولئك أي راق إلا بعد التأكد من أن المرض ليس عضويا، لأن الله ما أنزل من داء إلا وأنزل له دواء، علمه من علمه وجهله من جهله، ولهذا كانت وصية النبي -صلى الله عليه وسلم- لأمته بالتداوي.
قلت إن الراقي قال لك: (وقعت على بيت من الجن وعندك مس وأن شخصا عمل لك سحر ومشيتي عليه)، لا ندري كيف عرف أنه بيت من الجن وأنك مشيت عليه، بل هذا من التهويل من أجل أن تستسلموا له وتنفذوا ما سيقوله لكم وتعطونه ما يريد.
قلت إنه أعطاك ورقة وقال لك: (ضعيها في ماء تحت النجوم وثاني يوم اغسلي جسدك واشربي منها وأمرك أن ترجعي إليه أول الشهر الهجري)، فلا ندري ما هي هذه الورقة، وهل وضع فيها شيء ثم إن هذه الكيفية التي وصفها لك ليست من العلاج ولا الأسباب الشرعية في شيء، بل هي نوع من الدجل والتلبيس.
لم يؤثر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا عن الصحابة الكرام وتابعيهم والصالحين من بعدهم أنهم كانوا يصفون مثل هذه الطريقة، فالذي يظهر أنكم وقعتم ضحية، وأنكم لم تبحثوا عن الراقي الأمين والثقة.
رؤيتك لعيون كثيرة تضيء وتنطفئ أثناء تشغيل الرقية مجرد توهم نتيجة طول فترة تغميض العيون، وللخوف الذي انتابك أثناء الرقية، وكون عقلك مركز على حالتك.
التشبيك بين أصابع رجلك بالدبوس ليست من الطريقة الصحيحة للرقية، وإنما هي من ابتداعات هذا الشخص واختراعاته أراد أن يلبس عليكم بها.
من الأدلة على أن هذا الشخص ليس أمينا، كونه أعطاك ما أطلقت عليك حجابا، وأمرك أن تضعيه في ملابسك، وما يدرينا فلربما كان ذلك الشيء نوع من أنواع السحر.
رؤيتك للكوابيس وظهور حبوب كثيرة في نصف وجهك وشعورك بالحرارة فيه مؤشر غير جيد، فأنصحكم أن تبحثوا عن راق أمين وثقة، ويمكنكم البحث عنه بواسطة بعض أهل العلم المشهورين بالعلم والتقوى، ومن ثم تعرضون عليه حالتكم من أجل أن يشخص الحالة، فإن تبين أنك مصابة بالسحر مثلا فاستمروا بالرقية حتى تشفوا -بإذن الله-.
الرقية الشرعية تكون بقراءة القرآن والأدعية المأثورة وغير المأثورة التي ليس كلماتها مسموعة ومفهومة، وليس فيها محذور شرعي.
وثقي صلتك بالله تعالى واجتهدي في تقوية إيمانك من خلال الإكثار من العمل الصالح فبذلك تستجلب الحياة الطيبة، يقول تعالى: {من عمل صالحا من ذكر أو أنثىٰ وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ۖ ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون}.
أكثري من الاستغفار والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فذلك من أسباب تفريج الهموم ففي الحديث: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا)، وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكف همك ويغفر ذنبك).
والله الموفق.