السؤال
السلام عليكم
أنا بعمر 24 سنة، متزوجة وأم لطفل بعمر 7 أشهر، أعاني من الرهاب الاجتماعي وأخاف من التجمعات، ولا أستطيع التكلم مع الآخرين، فأنا دائما صامتة وغامضة لا أبدأ بالكلام أبدا، حتى مع زوجي الذي قال لي: لماذا لا تتحدثين معي؟ لماذا لا تتكلمين عن نفسك وعن طفولتك؟ مع أني أبذل قصارى جهدي في الحديث معه، ولكن هذه هي طاقتي بالكلام!
كرهت نفسي وشخصيتي، أتمنى أن أتحدث مثل الآخرين، وأعبر عن رأيي، أصبحت أقارن نفسي بالنساء الأخريات وقدرتهن على الكلام، أصبحت أحب مراقبة حياة النساء ومعرفة أسرارهن، فأنا أحتقر نفسي جدا، وأفكر لماذا أنا لست مثلهن، كما أن ليس لدي أي اهتمامات في هذه الحياة، أعيش حياتي بدون هدف.
أعاني من رهاب وقلق واكتئاب وعدم الثقة بالنفس، وأشعر بالدونية، وأنني لا أصلح للزواج وتحمل مسؤلية بيت وزوج وطفل، فأنا غبية جدا لا أعرف كيف أفكر وأتصرف في كثير من الأمور، وهذه الأعراض معي من قبل الزواج، ولكن ازدادت حدة بعد الزواج، وأعاني من التشتت وعدم التركيز، فأنا لا أستطع مشاهدة برنامج لمدة نصف ساعة متواصلة، ولا قراءة كتاب فأنا مشتتة.
كذلك أعاني من قلق واكتئاب الذي ازداد بعد الولادة، حتى أصبحت أفكر في الطلاق، حتى أترك لزوجي فرصة حياة طبيعية مع أخرى، حيث أشعر بأنني لا أحب زوجي، فأنا تعيسة ومهملة لنفسي وطفلي وزوجي، وبيتي دائما متسخ، ودائما أسبب المشاكل وأغضب من أي شيء يقوله زوجي، وأبكي من أي انتقاد بسيط، حتى أنه بدأ لا يهتم بي، مع أنه كان يحبني.
أرجوكم أفيدوني، فأنا تعبت جدا، وأصبحت الحياة مملة، أرجوكم ساعدوني، هل هناك علاج لحالتي؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ njood حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأول ما أنقله لك من بشرى هو أن حالتك يمكن أن تعالج، وأنت قمت بسرد واضح وجميل لحالتك.
من الواضح أنك إنسانة طيبة وصاحبة قيم، ومشكلتك الأساسية هي النظرة السلبية لنفسك، وعدم تقديرها التقدير الصحيح، بل أعتقد أنه لديك صعوبة في فهم ذاتك، الإنسان الذي لا يفهم نفسه أو ذاته بشكل صحيح لا يمكن أن يطورها.
أحد السلبيات البارزة جدا فيما ذكرته هو أنك لا تصلحين للزواج وتحمل المسؤولية، هذا قمة التفكير السلبي، أصلا إن لم تكوني زوجة صالحة تتحمل المسؤولية لما أقدم زوجك على الزواج منك، هذا أمر بديهي.
أنا أتفق معك أنه لديك مزاج اكتئابي قلقي، ربما يكون البناء النفسي لشخصيتك ساعد على ذلك، الشخص الحساس اللطيف، صاحب القيم، الذي يتجنب التواصل الاجتماعي المكثف، شيء من الخجل، شيء من الحياء، شيء من انطواء الشخصية، أعتقد أن كل هذا لديك، وهذا جعل بناءك النفسي ليكون تربة خصبة جدا لظهور الأعراض القلقية وأعراض المخاوف وشيء من الاكتئاب، لا أراه اكتئابا عميقا، إنما الجانب الفكري هو الاكتئاب لديك، وليس الجانب السلوكي الحقيقي.
قطعا أنت الآن من الناحية النفسية لا زلنا نعتبرك في مرحلة النفاس، لأن اكتئاب ما بعد الولادة قد يحدث، حتى بعد عام كامل من الولادة، فإذا أنت في لحظة هشاشة نفسية حسب المرحلة الحياتية التي أنت فيها.
هذا هو تشخيص حالتك، والعلاج – أيتها الفاضلة الكريمة -: أنت محتاجة لعلاج دوائي، لا شك في ذلك، وتوجد أدوية فاعلة وممتازة وسليمة حتى بالنسبة لإرضاع الطفل، أنا أفضل أن تذهبي إلى طبيب نفسي أو حتى طبيب الأسرة، وإن لم تستطيعي فعموما سأذكر لك الدواء الذي يناسبك وبالجرعة المطلوبة وللمدة الصحيحة.
الدواء الذي أنصح به يسمى (سيرترالين) هذا هو اسمه العلمي، ويسمى تجاريا (زولفت)، والجرعة في حالتك هي: أن تبدئي بنصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجراما – ليلا لمدة عشرة أيام، ثم تجعلينها حبة واحدة ليلا – أي خمسين مليجراما – ليلا لمدة شهر، ثم تجعلينها حبتين ليلا – أي مائة مليجرام – وهذه هي الجرعة العلاجية في حالتك، علما بأن الجرعة الكلية هي مائتي مليجرام في اليوم – أي أربع حبات، لكن أنت لا تحتاجين لهذه الجرعة.
استمري على جرعة الحبتين ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم انتقلي للجرعة الوقائية وجرعة التوقف، بأن تجعلي الجرعة حبة واحدة – أي خمسين مليجراما – ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم تجعلينها خمسة وعشرين مليجراما ليلا – أي نصف حبة – لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم تتوقفين عن تناول الدواء.
الدواء دواء رائع، وفاعل، وسوف تشعرين بفائدته العلاجية بعد ستة أسابيع من بداية الجرعة، أي فترة البناء الكيميائي.
الجوانب الأخرى – أيتها الفاضلة الكريمة – هي: يجب أن تصري على الإيجابية في فكرك، الحمد لله أنت متزوجة، لديك زوج، لديك ذرية، هذه نعمة عظيمة. وأنصحك أن توزعي وقتك، وأن تقسميه بصورة صحيحة، وأن تمارسي شيئا من الرياضة، وأن تكوني سيدة ذكية ولبقة، فالرجال لا يتحملون المرأة غير الفعالة، وأنت -إن شاء الله تعالى- لديك القدرة أن تكوني فعالة.
احرصي على صلاتك في وقتها، نامي النوم الليلي المبكر، واستيقظي مبكرا، واحرصي على الأذكار وتلاوة القرآن والدعاء، و-إن شاء الله تعالى- أمورك سوف تصبح أفضل كثيرا مما هي عليه الآن.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.