كيفية تجاوز حالة الاكتئاب بعد تجارب مريرة مع المرض والمشاكل الأسرية

0 370

السؤال

بسم الواحد الأحد
السلام عليكم.
سيدي الدكتور العزيز، عمري الآن حوالي 54، ووزني 84، وطولي 176، (أبدو أصغر من سني بكثير بحمد الله، وشكلي عموما صحي، لا أسرف في الأكل أو النوم، جسمي رياضي إلى حد كبير، ولكن توقفت عن الرياضة منذ زمن).

مررت منذ 9 سنوات بظروف أسرية صعبة، حيث انفصلت عن زوجتي غير السعودية بعد ولادتها لطفلتنا الأولى، حيث أرسلتها لأهلها للراحة فغدروا بي ومنعوها من العودة وبدؤوا في ابتزازي ماليا لشراء بيت لها في بلدهم...إلخ، رغم محاولاتي المتكررة ورغم أن علاقتي مع زوجتي كانت جيدة إلا أنها وقعت تحت سيطرة أمها المسيطرة على البيت كله (خاصة أنها كانت تمر باكتئاب ما بعد الحمل والولادة) وهي تصغرني كثيرا.

على أي حال لم ترجع، وبقيت أنا كل هذه السنين بمفردي، اعتزلت الناس، بعد أن استقلت من وظيفتي المرموقة، أحس دائما بأنني طعنت من الظهر وأنه غدر بي، لأنني لم أبخل ولم أقصر تجاهها بشيء.

ثم أجريت لي عمليتان جراحيتان آخرها عملية لإزالة ورم في المخ، أنهكتني تماما، مع أن الورم كان سليما، أقصد غير خطر أو سرطاني، أتعاطى أدوية عديدة للضغط وللكلسترول (زوكور وغيره من مخففات الكلسترول)، وكذلك دواء اسمه (بلنديل لتخفيف الضغط)، ودواء آخر نسيت اسمه ـ والضغط تحت السيطرة الآن وكذلك الكلسترول ـ كما أتعاطى دواء اسمه إبانوتين، بعد عملية إزالة الورم.

منذ إجراء العملية الأخيرة ازدادت عزلتي للناس، وأصبحت لا أحب حتى الخروج من البيت، وأفكر في الموت بل وأتمناه، ولكن أنا مسلم، أخاف الله وأقوم بكل واجباتي الدينية، لا أسكر ولا أرتكب المحرمات، ولم أفكر يوما في الانتحار ولكن أسأل الله أن يختارني، فلقاؤه أفضل من معاناة مع البشر ومعاناة مع المرض، أعرف أنني أعاني من الاكتئاب، ولا أريد زيارة الأطباء النفسانيين، وفي نفس الوقت أريد الخروج من هذه الحال، فأنا أكاد أصاب بالجنون. أسأل الله أن يوفقكم لوصف ما ترونه مناسبا من الدواء السهل الحصول عليه في السعودية أو في سوريا.


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ رباني حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الحمد لله أن عملية إزالة الورم كانت ناجحة، ومن فضل الله ورحمته أن الورم ورم حميد.

قصدت أن أبدأ بذلك؛ لأني على اطلاع بصعوبة أورام الدماغ وتبعاتها، وبما أن الورم الذي أزيل منك هو ورم حميد فهذا في حد ذاته شيء يشرح له النفس، ولله الحمد والمنة والفضل.

لا شك أن الأسباب المهيئة للاكتئاب النفسي موجودة، ففراق الزوجة عامل أساسي في ذلك، ولكن يا أخي أنت والحمد لله عشت معها بمعروف، وقدر عليك أن تفارقها، ولمواجهة ذلك أنصحك أيها الأخ الكريم بأن ترضى بما حدث، أو أن تسعى لإرجاعها عن طريق من تثق فيه من أهلك وأهلها، أما البديل الثالث، فهو أن تبحث عن امرأة صالحة تناسب عمرك وظروفك الصحية ومجتمعك، ونسأل الله تعالى أن يجعلها لك خير معين.

لقد أحزنني كثيرا أيها الأخ العزيز أنك أصبحت تتمنى الموت، فالموت حق، والأعمار بيد الله، فهو المعطي وهو الآخذ، وديننا الإسلامي نهانا عن تمني الموت لضر نزل بنا، فأرجو أن لا تفكر في الانتحار مطلقا، فهو إثم عظيم، وبجانب ذلك أرى أنك لو دققت وبحثت في حياتك، فستجد أن هنالك أشياء جميلة في هذه الدنيا تجعل الإنسان يتمسك بالحياة ويسعى لاستمراريتها.

الاكتئاب النفسي من الأمراض الشائعة جدا الآن، ولكن مع المتغيرات الجديدة في الطب النفسي وما تم اكتشافه عن كيمياء الدماغ، والأدوية الحديثة، أصبح علاجه متيسرا وسهلا، ونسبة النجاح فيه تصل إلى 90% تقريبا.

هنالك أدوية عديدة مضادة للاكتئاب، وأرى أن الدواء الأفضل في حالتك هو (زيروكسات) وهو متوفر بالسعودية، ويمكن أن يكون متوفرا بسوريا أيضا، والجرعة التي أرجو أن تبدأ بها هي نصف حبة ليلا لمدة أسبوعين، ثم ترفع الجرعة لنصف حبة كل أسبوعين أيضا، حتى تصل إلى حبتين في اليوم، وتستمر على ذلك مدة ستة أشهر، ثم تخفض الجرعة لتصبح حبة ونصف، وتستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم بعد ذلك تنتقل للجرعة الوقائية، وهي حبة واحدة ليلا لمدة عام.

هنالك أدوية بديلة مثل (بروزاك) أو (سبرالكس)، والأدوية التي تتناولها أنت الآن للكليسترول وضغط الدم ممتازة جدا، أما الدواء الذي يسمى بـ(إبانيوتين) فهو قد أعطي لك كنوع من الوقاية من أي نوبات صرعية، وذلك نسبة لجراحة المخ التي أجريتها.

أيها الأخ الكريم، يا حبذا لو مارست رياضة المشي، فهي سوف تفيدك كثيرا من الناحية النفسية، كما أنها تقلل من نسبة الكليسترول وضغط الدم.

وبالله التوفيق.



مواد ذات صلة

الاستشارات