ما مدى صحة إجماع مؤتمر فرنسا سنة 673 بأن المرأة إنسان ليس له حقوق؟

0 135

السؤال

السلام عليكم.

انعقد بفرنسا عام 673 مؤتمر أوروبي حول تحديد الطبيعة القانونية للمرأة هل هي إنسان أم حيوان، فإذا كانت إنسان فهل تستفيد من جميع الحقوق أم ﻻ؟ وإذا كانت حيوانا فﻼ تستفيد من الحقوق، وبعد نقاشات حثيثة توصلوا بالإجماع أن المرأة إنسان، ولكنها ﻻ تستفيد من الحقوق!

ما مدى صحة هذا الكلام؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Ali حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد :

بارك الله فيك، وزادك من العلم النافع والعمل الصالح، وحسن الدعوة إليه، والغيرة والثبات على دينه، وهدانا وإياك صراطه المستقيم .. آمين.

لا شك أن هذا المؤتمر الأوروبي المنعقد حول هذا الموضوع المهين لكرامة المرأة في عصور قديمة ليدل دلالة قاطعة على فضل حضارة وعقيدة وشريعة الإسلام على ما سواها من الملل والأديان السماوية، وكذا القوانين والمذاهب الأرضية البشرية التي تنتقص من آدمية وإنسانية وكرامة المرأة وتعدها سلعة ومتعة رخيصة وعارية فحسب كما في دلائل التاريخ والواقع أيضا، وحسبنا هذا المؤتمر في الدلالة على هذا الإسفاف والانحطاط الفكري والأخلاقي.

فقد بلغت المرأة في الإسلام مكانة كريمة ومنزلة عالية لم تبلغها فيما سواها من الأديان والملل والشرائع السماوية والقوانين والمذاهب الأرضية البشرية؛ إذ إن تكريم الإسلام للإنسان تشترك فيه المرأة والرجل في أحكام الله وفي الثواب والجزاء في هذه الدنيا سواء، كما في هذه الآيات الكريمة: (ولقد كرمنا بني آدم)، (للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون)، (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف)،(والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض)، (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أوكلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاكريما * واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا)، (فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى)، (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون)، (ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا).

(والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض)، (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف)،(وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أوكلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما - واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا).

فالمرأة في الإسلام وفي المجتمع المسلم كالرجل ولا فرق في الإنسانية وحقوقها وواجباتها إلا في مسائل يسيرة بحكم استعدادها الفطري والبدني فحسب.

فالإسلام يقرر بما لا يدع مجالا للشك إنسانية المرأة؛ إذ هي أصل الإنسان (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى)، ويقرر النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك بقوله: "إنما النساء شقائق الرجال"، ويقرر القرآن أهلية المرأة للإيمان والعبادة والتكليف في الدنيا، ومن ثم فالمحاسبة والجزاء في الآخرة (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة * ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون)، (فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض).

ويجعل القرآن الكريم آدم وزوجته شريكين ولا فرق في خطيئة طاعة الشيطان والأكل من الشجرة، وفي التوبة منها، شريكين في جزائها قال سبحانه: (فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه)، (قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكون من الخاسرين)، (تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسئلون عما كانوا يعملون).

وقد نعى الله تعالى على عرب الجاهلية كرههم لميلاد البنات (وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم * يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون)، (وإذا الموؤودة سئلت* بأي ذنب قتلت).

وكما أوصى الإسلام بالمرأة فحذر من وأدها مولودة، فقد أمر بالإحسان إليها بنتا، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- : "من بلي من هذه البنات شيئا فأحسن إليهن كن له سترا من النار" وذكر ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين فذكر منهم" الرجل تكون له الأمة فيعلمها فيحسن تعليمها، ويؤدبها فيحسن أدبها، ثم يعتقها فيتزوجها، فله أجران "كما أمر الله ورسوله بالإحسان إلى الأم في نصوص كثيرة خصت في بعضها بمزيد تأكيد عن الأب، وأما كون المرأة زوجا فبدليل جعلها صاحبة الحق في أمر نكاحها (فإن طلقها فلا تحل له من بعد تنكح زوجا غيره)، (وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف)، ويقول: (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة). كما جعل الله -عز وجل- مهرها حقا لها تتصرف فيه وفق مشيئتها لكمال أهليتها في التصرف وفي دفع المهر إليها من الكرامة ما لا يخفى، وجعل الله لها من الحقوق على زوجها ما يناسب دورها (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة)، وهذه الدرجة ليست لقعود جنس النساء عن جنس الرجال، بل هي لما أودعه الله في الرجل من استعدادات فطرية تلائم مهمته ودوره في المجتمع (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله به بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله)، ويحث القرآن على الإحسان إلى الزوجة وحسن العشرة لها حتى عند كراهيتها (وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا).

فالمرأة في الإسلام وفي المجتمع المسلم كالرجل ولا فرق في الإنسانية وحقوقها وواجباتها إلا في مسائل يسيرة كما سبق للفوارق الطبيعية بينهما.

هذا وأوصيك - أخي الفاضل - بالمزيد في الاطلاع على الكتب والمراجع الإسلامية المقررة لمكانة المرأة في الإسلام، وطلب العلم النافع، ومجالسة الراسخين في العلم ممن يملكون العلم الشرعي العميق، والوعي والفكر الإسلامي الوثيق والدقيق، ومتابعة المحاضرات والدروس والبرامج النافعة والمفيدة، ولزوم ذكر الله تعالى والدعاء بالتوفيق والثبات، ولزوم الصحبة الطيبة، والأعمال الصالحة، والسيرة النبوية، وقراءة القرآن لتحصيل عون وتوفيق الرحمن وتعميق وترسيخ العلم والوعي والإيمان ودفع الشبهات ووساوس الشيطان.

والله الموفق والمستعان والهادي إلى سواء السبيل.

مواد ذات صلة

الاستشارات