شرود وسرحان وعدم تركيز وشعور بالحزن..ما تشخيص مشكلتي؟

0 2

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولا: جزى الله العاملين في هذه الشبكة خير الجزاء، ووفقهم إلى كل خير.

أنا شاب أعزب، وبعمر 20 عاما، أعاني منذ فترة طويلة من كثرة الشرود والسرحان والتفكير العميق، وخصوصا عند المذاكرة أو عندما أكون بمفردي، كما أعاني من الأرق منذ الطفولة، دون سبب ظاهر، وألاحظ أنني أراقب نفسي كثيرا عندما يعطلني هذا الأرق أو الشرود.

لاحظت أيضا تشتتا في الأفكار قبل النوم، غالبا ما يكون في صورة حديث داخلي مع أصدقاء أو مع أشخاص لهم علاقة بالفكرة التي تؤرقني، وقد تكون تلك النقاشات الداخلية في بعض الأحيان تافهة وعشوائية، وفي أحيان أخرى بناءة وعميقة.

كثيرا ما أتخيل نفسي في مواقف مختلفة بعمق شديد؛ وهذا يفيدني أحيانا في حسن التصرف إذا ما واجهت موقفا مشابها في الواقع، أو أفيد به الآخرين ممن يمرون بتجارب سبق أن تخيلتها.

أحيانا أتخيل مواقف صعبة، كأن أواجه لصا، وأتفاعل داخليا مع الموقف، رغم وجود أناس حولي، لكن لا يلاحظ أحد منهم شيئا، وقد تظهر علي فقط ابتسامة خفيفة أو عبوس بسيط.

حين أكون بمفردي، قد أتخيل مواقف حزينة كفقدان أحد المقربين، ويصل الأمر أحيانا إلى نزول دموعي تأثرا، لكنني أميز جيدا بين الخيال والواقع، وأتوقف فور إدراكي لذلك.

أشعر أحيانا برغبة في البكاء دون سبب واضح، لكنني لم أفكر في الانتحار أبدا، ولله الحمد.

أعاني كذلك من كثرة التفكير والعيش في الماضي، سواء في لحظاته السلبية أو الإيجابية، وأحيانا أعيش في تصورات مستقبلية.

من الأمور اللافتة أنني أحيانا أشعر بمشاعر متناقضة خلال ساعة واحدة؛ كأن أشعر بحزن بعد سعادة أو العكس.

عند النوم، أعاني من كثرة حركة اللسان دون وعي، وإذا حاولت إبقاءه ساكنا، أشعر بعدم الراحة، كما أعاني من كثرة التقلب في الفراش، وعدم الشعور بالراحة في وضعية نوم واحدة، أشعر أن نبضات قلبي تتسارع أحيانا، وتهدأ قليلا إذا قمت لتناول الطعام.

تنتابني رغبة شديدة في المشي داخل الغرفة قبل النوم، وأكره المذاكرة، وأميل أكثر إلى الاجتماع بالأصدقاء، و"التمشية"، والحوار البناء، والمزاح، وأتذكر أنني قلت ذات مرة لأحد الأصدقاء: "مشكلتي مع المذاكرة أنني لا أستطيع أن أذاكر وأنا في قمة نشاطي، أو عندما أكون مرهقا، أو متعكر المزاج، أفضل وقت لي هو عندما أكون في منتصف طاقتي ومزاجي".

عادة ما أستيقظ بطاقة عالية جدا بعد النوم أو القيلولة، لكنها تستهلك بسرعة، فلا أتمكن من استغلالها في المذاكرة بسبب الشرود.

بعد اللقاءات الطويلة مع الأصدقاء، غالبا ما أصاب بالأرق؛ لأن نقاشاتنا أحيانا تدور حول أمور فكرية.

كثيرا ما أبتسم بشكل لا إرادي أثناء الشرود، وأتوقف عن ذلك عند دخول أحدهم الغرفة أو عند وجودي مع الأسرة أو الأصدقاء.

أعاني من شعور بالحزن أو اكتئاب بعد الرجوع من السفر، سواء كان مع العائلة أو الأصدقاء.

أنا من أسرة مستقرة وهادئة، وكنت منذ الطفولة هادئا جدا خارج المنزل، سواء في المدرسة أو الجامعة، أما داخل البيت فأنا غالبا هادئ، وأحيانا أحدث بعض الضجيج.

كانت صداقاتي قديما محصورة في جيران الطفولة، لكن بعد مجيئنا إلى مصر انقطعت تلك الصلات، ثم بقيت بلا أصدقاء لمدة 3 سنوات، ثم تعرفت إلى صحبة صالحة -بإذن الله- لمدة 3 سنوات أخرى، إذ إنني أكون علاقاتي ببطء شديد.

هذا العام، انتقلنا إلى منزل جديد في مدينة أخرى، وهو منزل معزول، بعيد عن الصحبة والجامعة التي كنت أرتادها، وقد لاحظت ازدياد الأعراض النفسية مع هذا التغير، لكنني ما زلت على تواصل مع أصدقائي القدامى، ونلتقي كل 10 أيام تقريبا.

أعاني من التبول اللاإرادي منذ الطفولة؛ مما يرجح أن هذه الأعراض النفسية ليست ناتجة فقط عن التنقلات أو التغيرات الحياتية، بل قد تكون جزءا من تركيبة شخصيتي أو مرضا نفسيا قديما، كما أنني كنت أمشي وأنا نائم في مرحلة الطفولة.

رغم كل ذلك، أفرق تماما بين الواقع والخيال، لكنني أكثر العيش في الخيال، خاصة عند العزلة، وأغوص في ذكريات الماضي أو أوهام المستقبل.

بدأت مؤخرا علاج التبول اللاإرادي منذ نحو شهرين، وقد تحسنت حالتي بشكل ملحوظ.

أشك –بشكل ضعيف– أن الاضطراب النفسي ازداد نتيجة أحد أمرين:
إما بسبب دواء إمبرامين (Imipramine).
أو بسبب اضطراب نومي واقتراب الامتحانات.

ما سبب هذه الأعراض؟ وهل يمكن تصنيف حالتي كمرض نفسي؟ وإن كانت كذلك، فإلى أي درجة؟ وما علاج حديث النفس، الأرق، والتشتت قبل النوم أو عند المذاكرة؟

هل عدم تناول الأدوية قد يؤدي إلى تدهور الحالة؟ وما هو العلاج السلوكي المناسب لهذه الحالة؟ وهل يؤثر زيادة أو تقليل التواصل مع الأصدقاء، سواء إلكترونيا أو هاتفيا أو من خلال اللقاءات، على الحالة؟ وهل له أثر إيجابي أو سلبي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

قرأت استشارتك بتمعن ودقة، وقد وصلت إلى أنك لا تعاني من اكتئاب شديد، أو قلق وتوتر شديد أيضا، ولكنك تعاني من اعتلال في المزاج؛ مما أدى إلى الشرود الذهني والسرحان، ومشاكل المذاكرة، وقلة التركيز، وأيضا أحيانا تعاني من تقلب المزاج، إذ يكون هناك نشاط في بعض الأحيان ورغبة في الحركة، وأحيانا – كما ذكرت – تختفي هذه الأعراض مع وجودك وجلوسك مع الأصدقاء.

التبول اللاإرادي – أخي الكريم – لا يعني أنك تعاني من أي اضطراب نفسي، ما هو إلا تأخر في السيطرة العليا على التبول، أو السيطرة بواسطة المخ على البول، فالتبول له سيطرة محلية في المثانة وسيطرة عليا في المخ، والتبول اللاإرادي ينتج عن تأخر في السيطرة، والـ (إمبرامين) يعالج هذا بطريقة غير معروفة، وهو في نفس الوقت دواء مضاد للاكتئاب، ولا يحدث هذه الأعراض التي ذكرتها، بل قد يكون مفيدا في علاجها في بعض الأحيان.

حديث النفس يعني أن الإنسان غير مرتاح – كما ذكرت – ويبحث عن حلول لأعراض اعتلال المزاج، وحديث النفس، والسرحان.

التواصل مع الأصدقاء والحياة الاجتماعية المتوازنة مفيدة جدا للشخص ومكملة للحياة، إذ الأصدقاء يساعدون الشخص من الخروج من الملل والانعزال، ولا يمكن أن يكون الأصدقاء الجيدون والمفيدون ضررا لحياة الإنسان، إلا إذا كانوا أصدقاء سوء، وقد صدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين قال: (مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحا منتنة) أو كما قال صلى الله عليه وسلم.

تحتاج إلى علاج نفسي في المقام الأول – أخي الكريم – وقد يكون علاجا نفسيا تدعيميا أكثر منه سلوكيا، على أي حال: تحتاج إلى تقييم من قبل المعالج النفسي، وهو بعد هذا يحدد الوسيلة التي يتبعها في علاجك، إذا كان علاجا تدعيميا أو علاجا سلوكيا.

وفقك الله وسدد خطاك.

مواد ذات صلة

الاستشارات