السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عمري 28 سنة، وأعاني من الرهاب، منذ خمس سنوات وأنا حبيس المنزل، أخاف من أشياء كثيرة، كالذهاب إلى المسجد، أو الذهاب إلى أي مكان يبعد على المنزل قليلا، عندما أبتعد أشعر بالخوف الشديد، وأتعرق، وتكون دقات القلب قوية، وأعاني من الإغماء.
ذهبت للطبيب النفسي وشرحت له حالتي، صرف الدواء لأربعة أشهر، وطلب العودة إليه، لم يتغير أي شيء، عدت إلى الطبيب وقام بإعطائي الدواء نفسه لستة أشهر أخرى.
أقلعت عن الدواء بعد شهرين من المرحلة الثانية بمعجزة، بعد أن كنت لا أستطيع النوم إلا به، وأكون في كامل يومي وأنا مخدر.
عملت الرقية الشرعية -والحمد لله- لم يكن هناك سحر ومس، وحالتي لم تتحسن، أصبحت أفكر كثيرا في الانتحار، فلم أعد أحتمل الحياة.
أرجوكم ساعدوني.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Abdou حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
اسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، عليك أن تستعيذ بالله تعالى من الشيطان الرجيم، ومن هذه الأفكار الشريرة أي الفكر الانتحاري، و-يا أخي الكريم- لا تنس أنك رجل مسلم، وأننا جميعا تحت رحمة الله، وأن الحياة طيبة، وتذكر قوله تعالى: {ولا تقتلوا أنفسكم أن الله كان بكم رحيم}.
أخي: الإنسان مهما أصيب بالكدر والكرب فالفرج يأتي من عند الله تعالى، وهذا الذي تعاني منه من خوف ورهاب يمكن التخلص منه -أخي الكريم-، لابد أن تطرح على نفسك لماذا أخاف؟ أنا لست بأقل من الآخرين؟ لماذا لا أكون مثل بقية خلق الله؟ لابد أن تطرح على نفسك هذا السؤال، لأن ذلك سوف يدعم الشعور الإيجابي عندك، وهذا الشعور الإيجابي سوف يدفعك -إن شاء الله تعالى- لتخرج مما أنت فيه.
واعلم -يا أخي الكريم- أن المسجد هو مكان الأمان، ومعظم الصلاة مع الجماعة فيها الأجر والثواب -بإذن الله-، فيها الطمأنينة، فيها التواصل الاجتماعي الفعال مع أصلح الناس -إن شاء الله تعالى-، لا بد أن تجري حوارا فكريا مع نفسك، لا تقبل الذي أنت فيه، والله تعالى حبانا بالقدرة على التغيير، الله أعطانا القدرة، أعطانا الخبرة، أعطانا المهارات قد تكون مخفية، وعلينا أن نخرجها من خلال تدبرها والتأمل فيها، والإصرار على أن نكون إيجابيين نحرص على هذا.
أخي الكريم: أريدك أن تتواصل مع أحد أصدقائك أو أحد أرحامك القريبين إليك، وليكن رفيقا لك يلازمك في الخروج، هذا في الأيام الأولى لمدة أسبوع أو أسبوعين فقط، وبعد ذلك سوف تجد أن الأمر قد أصبح أسهل كثيرا، أمر آخر مهم جدا وهو أن تمارس شيئا من الرياضة، رياضة المشي مثلا، وسبح واستغفر الله، صل على الرسول -صلى الله عليه وسلم- هذا -يا أخي- يدعم مشاعرك الإيجابية.
يجب أن تكون لك برامج يومية، قرر مثلا أن تقوم بزيارة أحد أرحامك من كبار السن، واذهب إذا دعاك أحد الإخوة لفرح أو لعزومة أو لشيء من هذا القبيل، لب الدعوة، ولا حرج في ذلك أبدا، إذا سمعت بمريض اذهب وقم بزيارته، إذا سمعت بأن شخصا قد توفي إلى رحمة الله امش في جنازته، ففيها أجور عظيمة وفيها تمازج اجتماعي ممتاز، وأرجو أن تقتنع تماما أن الإنسان حين ينجز أي إنجاز اجتماعي من الشاكله التي تحدثت لك عنها سوف يحس بمكافأة داخلية عظيمة، هذا نسميه بالمردود الإيجابي.
بالنسبة للعلاج الدوائي -أخي الكريم- الأدوية موجودة وهي تساعد كثيرا، راجع الطبيب مرة أخرى وأفضل دواء لعلاج الرهاب الاجتماعي -إن كان تشخيصك صحيحا- هو عقار زوالفت، والذي يسمى علميا سيرترالين أو عقار زيروكسات والذي يسمى علميا باروكستين، هما من أفضل الأدوية التي تعالج الرهاب الاجتماعي، بل لا رهاب بعدهما، كما أن هذه الأدوية محسنة للمزاج، لكن أريدك أن تراجع طبيبك مرة أخرى وتطبق ما ذكرته لك أيها الفاضل، وتتناول الدواء حسب ما يصفه لك، الزوالفت أو الزيروكسات لا يؤديان إلى التخدير أبدا، أدوية سليمة وبسيطة وفاعله جدا.
موضوع العين والسحر -يا أخي الكريم- هذا موجود، لكن الله خير حافظ، والمسلم مكرم ولا شك في ذلك، من يحرص على صلاته وأذكاره ويتوكل على ربه ويتلو قرآنه لا يصيبه من هذه شيء أبدا، اجعل لحياتك معنى -يا أخي الكريم-، فالحياة جميلة اخرج للعمل، التواصل الاجتماعي، كن شخصا فاعلا ونافعا لنفسك ولغيرك.
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.