فقدت التزامي وضعفت أمام الإنترنت والمواقع الإباحية، أنقذوني ماذا أفعل؟

0 186

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لم أجد ما أقول غير أنني والله فتنت فتنة عظيمة، أنا شاب، أبلغ من العمر تسعة وعشرين عاما، طول حياتي وأنا متربي في المساجد، وطول عمري وأنا أحب ديني وإسلامي.

يا شيخ أنا كنت ملتزما التزاما صادقا وليس مزيفا، لدرجة أنه قبل ظهور الإنترنت في فترة طفولتي كان لدي مكتبة ضخمة من الكتب الإسلامية، وشرائط الخطب الصوتية من مصروفي الخاص، وكنت أحفظ الخطب، وكان معظم مصلحاتي وما أكثرها كانت باللغة العربية الصحيحة، وكنت بليغا في الكلام من كثرة قراءتي للقرآن والكتب الإسلامية، ولا أقبل أي مال من الحرام، وأخاف الله، وأمين في مال الغير.

في سنة (2011) ومنذ بداية دخول الإنترنت في منزلي تجردت من التزامي وأصبحت منافقا، أنا الآن غير ملتزم، وممكن أقبل أي مال من الحرام، حينما كنت ملتزما كانت تراودني أفكار الزنى في خيالي، وأقول لنفسي أبدا لا يزني الرجل حين يزني وهو مؤمن، كنت واثقا في نفسي حتى أمام التفكير في الزنى؛ لأنني مؤمن ولن أفعلها، أما الآن لا أعلم لو حانت الفرصة بالزنى أم لا؟! رأيت ضعف الإيمان من بعد القوة.

فتنت بمشاهدة الأفلام الإباحية، ومشاهدة اللواط أيضا حتى اسود وجهي، وأصحبت أترك الصلوات متكاسلا، حتى صلاة الفجر لا أصليها، أليس هذه كارثة كبرى؟! ضعت وفقدت التزامي، وأصحبت تعيسا في حياتي، أمنيتي أن أرجع مثلما كنت في السابق.

حسبي الله ونعم الوكيل، أنا فتنت وأحسن الله عزائي في نفسي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ علاء حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

- بارك الله فيك –ولدي العزيز– وأشكر لك حسن ظنك وتواصلك مع الموقع, سائلا الله تعالى أن يفرج همك ويشرح للتوبة صدرك وييسر لها أمرك ويرزقك الصبر والتوفيق والسداد والثبات على الدين والهداية إلى صراطه المستقيم.. آمين.

- بخصوص ما تشكوه من ضعف التزامك ومزاولتك للمخالفات الشرعية المذكورة, فإنها وإن كانت – كما ذكرت في رسالتك المؤثرة –فتنة ومصيبة كبيرة, إلا أنها من جهة أخرى يمكن أن تكون لك أبلغ درس وفائدة وعبرة, وذلك حين تجعل من هذه الفتنة نعمة ومن المحنة منحة ومن الابتلاء توبة وسعادة وهناء في العودة إلى الله تعالى رب الأرض والسماء, كمن يجعل من الليمون الحامض شرابا حلو المذاق, وقد مر بك قول الله تعالى: (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون)، (لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم).

- والمهم أن تتحلى –حفظك الله ووفقك– بواجب حسن الظن بالله تعالى، والثقة به، وقوة الإرادة، وتعزيز الثقة بالنفس على التوبة الصادقة والنصوح (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، احرص على ما ينفعك, واستعن بالله ولا تعجز) رواه مسلم, وهي عملية تحتاج إلى الصبر والمجاهدة لأهواء النفس والشيطان, لكنها أكيدة المضمون وبركة في الدنيا والعاقبة الحسنة (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين)، (وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى), وفي الحديث : (ألا إن سلعة الله غالية, ألا إن سلعة الله الجنة).

- فلا تقلق – أخي العزيز – وثق بقدرتك على العودة إلى الله وإلى ما كنت عليه من خير وراحة وسعادة, لاسيما وقد جربت الحالين في الهناء والتعاسة والشقاء – سلمك الله وعافاك – , ولاسيما أنك على تربية شرعية حسنة في الدين والعفة والخلق, وتكره ما أنت عليه من سوء, وقد صح في الحديث : (من سرته حسنته, وساءته سيئته فهو المؤمن), باب التوبة مفتوح, فلا تتردد في اقتحامه (ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين).

- أوصيك بصدد تحقيق التوبة الصادقة والنصوح للتخلص من جهاز الكمبيوتر الخاص لديك على وجه السرعة والفور, ولزوم المسجد والصحبة الطيبة التي تذكرك إذا نسيت وتعلمك إذا جهلت وتنبهك إذا غفلت, وهي خير عدة لأوقات الرخاء والشدة, وتذكر – وأنت على ذكرى وخير – فضائل التوبة وفرح الرب تعالى بتوبة عبده المؤمن وتبديل سيئاته حسنات, وأن باب التوبة مفتوح ما لم يغرغر العبد أو تشرق الشمس من مغربها, وثق بأن عودتك إلى الله ستكون أسهل وأكبر وأفضل مما كانت عليه من قبل.

- ومما يسهم في التوبة الحرص على تنمية وتعميق الإيمان, وذلك بطلب العلم النافع والعمل الصالح والذكر وقراءة القرآن مع الاستعانة بالله والتوكل عليه, قال تعالى: (ومن يؤمن بالله يهد قلبه)، (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب * ومن يتوكل على الله فهو حسبه).

- والمهم – كما سبق – حسن الظن بالله والحذر من آفة اليأس والقنوط من رحمت, ولزوم الصحبة الصالحة والاعتبار بدروس الواقع, وأنا على ثقة بالله تعالى ثم بقدرتك على تجاوز هذه المرحلة, وأرجو أن تبشرني قريبا بتوفيق الله تعالى لك.

وفقك الله وأعانك ويسر للتوبة أمرك ورزقك الزوجة الصالحة والحياة السعيدة في الدنيا والآخرة, والله الموفق والمستعان.

مواد ذات صلة

الاستشارات