السؤال
السلام عليكم .
إخواني: أود أن أستنصحكم في ما يلي: تزوجت منذ عشر سنوات، ولي ثلاثة أولاد، وبعد الزواج عرفت أن زوجتي كانت قبل زواجي غير ملتزمة، ولكن اجتهدت في تعليمها الدين وتغيير سلوكها، وأن تصاحب صديقات ذوات دين، فتعلمت بعض الكتب في التفسير والحديث والسيرة.
نحن نعيش في الغربة، ورأيت أن الأولاد يجب تربيتهم وتعليمهم في بيئة وفي مجتمع مسلم، والأحسن -حسب رأيي- هو بلدنا الأصلي، وأنه لا يجوز تعليمهم هنا، لكن المشكلة هي مكان عملي في بلد الغربة، والمكان المناسب لتربية وتعليم الأولاد هو الوطن الأصلي.
زوجتي غير قوية في إدارة وتربية وتعليم الأطفال، بل يمكن أن تضيع وقتها بالحديث مع الجارة والواتساب ويوتيوب وغيرها، مما لا نفع فيه، وهي غير مهتمة بمسؤوليتها في البيت، فأنا أخشى 100% إن أسكنتها وحدها مع الأولاد أن تكثر الخروج من المنزل، وأن تضيع الأولاد ونفسها، وأنا لا أستطيع الآن ترك مكان العمل.
كذلك لا أثق في أن تعيش مع عائلتها (أمها وأخواتها) في بلدنا، لأنهن متساهلات في غير موضع التساهل، ولأن سلوكها القديم وسوء تربيتها كان بسبب عدم التزام أسرتها.
فما الحل يا إخواني؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بارك الله فيك، وأشكر لك حسن ظنك وتواصلك مع الموقع، وحرصك على الالتزام بالدين وتربية الأولاد وفق تعاليمه الكريمة, فأسأل الله أن يرزقك التوفيق والسداد، ويلهمك الصبر والحكمة والهدى والصواب والرشاد.
لاشك أن تربية الأبناء وتنشئتهم نشأة صالحة من أعظم الأمانات والمسؤوليات الملقاة على عاتق الوالدين أمام الرب سبحانه وتعالى, قال تعالى : (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا) وفي الحديث : (كلكم راع, وكلكم مسئول عن رعيته) وهي مهمة شاقة تحتاج إلى كثير صبر من الشخص وتوفيق من الرب، ولابد فيها من إدراك أسس التربية الصحيحة وطرق التعامل مع الأطفال في سبيل التنشئة السوية والسليمة والمتوازنة جسديا وعقليا وعاطفيا وفكريا, ومن النصائح التي يركز عليها علماء الشرع والتربية اتباع هذه الموجهات العامة :
- ضرورة اهتمامك – أخي الفاضل – بتربية وتعليم زوجتك أولا, والدفع بها إلى حلقات تحفيظ القرآن ودروس العلم واستماع المحاضرات والمواعظ والبرامج النافعة والمفيدة ومشاركتها الطاعات والقراءة, ولزوم الصبر والحلم والاجتهاد في ذلك، يقول الشاعر:
الأم مدرسة إذا أعددتها ** أعددت شعبا طيب الأعراق
- ضرورة توفير البيئة والصحبة الصالحة في البيت والمسجد والشارع والمدرسة، وتوفير القدوة الحسنة من نفسك، ومراقبة أبنائك ومتابعتهم برفق وحزم، وعدم تركهم نهبا للإهمال والدلال الزائد، وعدم التمييز بين الأبناء أو تركهم نهبا لصحبة وبرامج السوء في وسائل التواصل والإعلام، وحثهم على حفظ القرآن وطلب العلم النافع والعمل الصالح، وذكر الله تعالى وقراءة القرآن.
- ترسيخ وتعميق معاني توحيد الله وتعظيمه، وعلى فهم وتطبيق أركان الإيمان والإسلام والتزام اتباع الرسول عليه الصلاة والسلام، وعلى تزكية النفس والأخلاق الفاضلة، ومراقبة الرب تعالى وخشيته ومحبته والحياء منه، وتعويدهم على الطاعات والعبادات مثل بر الوالدين وصلة الأرحام، واحترام الأصحاب وكبار السن، والصلاة والصيام والصدقة.
- الحرص على تعليمهم القرآن الكريم والأذكار, وعلى مهارات الكتابة والقراءة وحب التعلم والقراءة، وتوثيق العلاقة الأسرية بوالديهم، وعموم أهلهم وأسرتهم وأقاربهم.
- اعتماد أسلوب الترغيب والتحفيز والتشجيع، ومراعاة المراحل العمرية للأطفال، وتعليمهم كيفية تنظيم الوقت، والانضباط، والموازنة بين اللين والشدة، وعدم اللجوء إلى منهج التسلط والعنف والضرب إلا عند الضرورة وبقدر الحاجة, وأن يكون مؤقتا بوقت معين، وبحرمانه الأشياء المفضلة لديه، كالألعاب، مع ضرورة تنبيهه لأخطائه وسبب معاقبته ودعوته لعدم تكرارها، ومناقشته ومشاركته ما يعجز عنه والاكتفاء بمجرد الأمر أو بالنظرة الحادة واتباع أسلوب الثواب والعقاب وأسلوب الخصام والهجر وإظهار عدم الرضا بأخطائه المتعمدة وإهماله.
- الدعاء لهم (ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما) أسأل الله تعالى أن يفرج همك، وييسر أمرك، ويشرح صدرك، ويحقق في الخير أملك، ويصلح زوجتك وأولادك، ويرزقنا وإياك سعادة الدنيا والآخرة.