ليس لي صداقات كثيرة حتى عائلتي تتعامل معي عند الواجب فقط!

0 111

السؤال

السلام عليكم.

أشكر العاملين على الموقع والمستشارين جميعا على حرصهم الفائق، والإجابة الوافية الشافية، ونلمس حقيقة اهتمام المستشار بالمشكلة، ومحاولة حلها بكل ما يملك من علم وخبرات جزاكم الله خيرا، وأدامكم فائدة ونفعا للناس.

لدي مشكلة تؤرقني جدا وهي: أنني دائمة التفكير والتحسر في أني لا أحاط بعدد كبير من الصداقات وحتى في جانب العائلة أشعر بأنهم يتعاملون معي عند الواجب فقط، لكن لا أحد يتصل ويتفقدني، هل هذا هو الطبيعي في الحياة؟

أحيانا أشعر بأني أريد أن أتحدث مع صديقتي، أو أختي مثلا، وأتردد وأتذكر أني دائما أنا التي أراسلها، ربما هي لا ترغب أو أزعجها، اعطوني حلا يريحني من إحساس الوحدة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Mehad حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك – أختي العزيزة – وأشكر لك حسن ظنك، وتواصلك مع الموقع, وأسأل الله تعالى أن يفرج همك، ويشرح صدرك، وييسر أمرك، ويرزقك الحياة السعيدة، والذرية الطيبة، والنجاح في حياتك عامة.

- بخصوص شكواك في عدم توفر الأصدقاء, فلاشك أنها مشكلة لكنها وقتية ويسيرة إذا أحسنا التعامل معها وتحليت بالثقة والشجاعة وامتلاك مهارات الاتصال.

- الإنسان - كما هو معروف - مدني واجتماعي بطبعه, فهو لا يستغني عن وجود أصدقاء يبادلهم مشاعر المحبة والمودة والأخوة والحنان والرحمة، ويكونون عونا له في ظروفه, إذ العزلة جالبة للكآبة والقلق، فلا يستغني الإنسان لاسيما المرأة حيث لا يخفى غلبة الجانب العاطفي عليها عن عاطفة الوالدين والأصدقاء والزوج، كما لا يستغني عن إبداء التقدير من الأهل والمجتمع.

- ولاشك أن لكونك متزوجة، فإن الزواج يساهم في التخفيف من حدة المشكلة شريطة أن يكون الزوج غير مبتلى بالبرود والجفاء العاطفي، حيث يحرص على تحقيق مقاصد الشرع الواردة في قوله تعالى: (أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة), كما أن توفر ووجود الأولاد بينكما مما يسهم في توفير مناخ الدفء والعاطفة والحنان والرحمة, فاحرصي على إزالة ما قد يكون عن زوجك من برود، أو جفاء عاطفي بالحرص منك على التخلص من العيوب والأخطاء وتوفير الإيجابيات التي يحرص عليها كالعناية بنفسك من حيث الزينة، والجمال، والتودد، والتقرب، وحسن المحادثة، والثقافة والبشاشة، والمعاملة، والخدمة ونحوها, وكذا العناية بالبيت والأطفال إن وجدوا.

- إن العلاج لهذه المشكلة بإدراك الأسباب المؤدية إليها فإنه – كما يقال – : "إذا عرف السبب بطل العجب", ولذلك فإن التعرف منك على الأسباب المؤدية إلى هذا الاختلال الحاصل فيه يسهم في إزالتها ما أمكن, حيث وقد تكون الأسباب عاطفية أو نفسية, أو غير ذلك كملازمة جروح قديمة لنفسه لم يقدر على التخلص منها، أو لابتلائه بمعاملات سابقة، أو حالية سيئة في العمل، أو الأسرة وعدم امتلاك مهارات التواصل الاجتماعي وضعف الثقة بالنفس والحياء والخجل الزائدين وعدم القدرة على التواصل والتفاعل مع الناس, وفي سبيل تحصيل أهم مهارات التواصل كوني إيجابية، وابدئي بالمبادرة بالخطوة الأولى في التعرف على الصديقات، والمبادرة في التحدث مع الناس لكسر حاجز الصمت والخوف والحياء الزائد.

- احرصي على اختيار صديقاتك بعناية تامة، وبالأسلوب والوسيلة الشرعية الصحيحة, فتواصلي مع من تأنسين فيهم الطيبة والخير والدين وحسن الخلق, فالصداقة سيف ذو حدين, وليس كل النساء يصلحن للصداقة لما تجلبه بعضهن من المتاعب والهموم.

بادري ولو بمجرد الاتصال الهاتفي، ورسائل الواتس العابرة، والتي تحمل طابع إظهار المودة، والدعاء، والمباركة لهم في المناسبات, أو مبادلتهم دعوات الطعام المتواضعة والنزهة والزيارات فهي تترك الأثر الحسن وللجميل في نفوسهم, وابحثي عن اهتمامات ونشاطات مشتركة ويمكن الاشتراك في ناد رياضي، أو جمعية خيرية، وأنشطة اجتماعية.

- تخلصي من مشاعر الخوف، والحياء الزائد، والحرج والصفات السلبية المنفرة كالعصبية، والمزاجية، والضجر، والوقاحة، وتفاءلي بالخير، وتحلي بالسماحة، وبحسن الأخلاق وكوني ودودة محبوبة وفية بالمواعيد، وكوني مستمعة جيدة من غير مبالغة في المجاملة، وبادلي صديقاتك نظرات وابتسامات المحبة والبشاشة, وحاولي أن تبادري بالتعريف عن نفسك، وتذكر أسماء صديقاتك، وترتيب موعد مناسب للقاء بهم، مع ضرورة تجنب الإحراج لهم والضغط عليهم في تكوين الصداقة.

- واحذري أن تكثري من الصديقات لما يترتب على ذلك من حقوق ولوازم لن تستطيعي الوفاء بها ولما في ذلك من تضييع الوقت والفراغ، كما أن أكثر الصداقات مجلبة للهم وإثارة المشكلات, وكوني على اتصال دائم مع صديقاتك القديمات مهما تعرفت على الجديدات منهن، ولا تتكلفي طبيعة، أو صفات غير طبيعتك وصفاتك فكوني نفسك وكما أنت.

- أحسني الظن بالله تعالى, وعززي الثقة بنفسك, وادخلي معها في تحد لكسب قلب زوجك بكل الوسائل المتاحة والممكنة لإنجاح العلاقة الزوجية، وتأجيج الروح العاطفية فيها, وذلك يحتاج لعامل الصبر والثبات والحلم ولجهد غير قليل لترويض هذا الجفاء: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف) رواه مسلم.

- اللجوء إلى الله تعالى بالدعاء، وكثرة الذكر، وقراءة القرآن، وشغل الفراغ والوقت بما يعود عليك بالفائدة في دينك ودنياك, كالاهتمام بطلب العلم الشرعي، والقراءة، والثقافة والرياضة، ومتابعة البرامج المفيدة, فالكتاب المفيد خير صديق للعاقل الرشيد.

"وخير جليس في الزمان كتاب ** تلهو به إن خانك الأصحاب
لا مفشيا للسر إن أودعته ** وتنال منه حكمة وصواب".

- ولاشك أن ذلك مما يسهم في توسيع مداركك والتخفيف من همومك وأحزانك: قال الله تعالى:(ومن يؤمن بالله يهد قلبه)، قال الله تعالى:(ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا...).

- أسأل الله تعالى أن يرزقك التوفيق والنجاح والسداد, والعفة والصبر والثبات والرشاد, ويلهمك الخير والقوة في الدين والصواب, والحياة السعيدة في الدنيا والآخرة.

مواد ذات صلة

الاستشارات