12 عاما وأنا أصارع الأمراض النفسية

0 106

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب أبلغ من العمر 34 عاما، سأعرض عليكم مأساتي (مشكلتي) دون مقدمات، فحتى كلماتي سئمت مني ومن شكواي، بعد أن تخرجت من الجامعة بتقدير جيد جدا، عدت إلى البلد الذي أعيش فيه فلم أجد وظيفة، وقضيت 4 سنوات عاطلا عن العمل، وكنت أمر ببعض المشاكل الاجتماعية، وفي يوم مظلم كنت أجلس في مقهى وأشاهد مقاطع في موقع اليوتيوب، وكنت أفكر بمشاكلي، فصادف أن شاهدت مقطع فيديو لشاب يموت على الهواء مباشرة دون سبب أو مرض.

أصبت بحالة هلع وقلق، وشعرت أنني سأموت مثله، فعدت للمنزل مسرعا في حالة سيئة، ومضيت أعاني على فراشي لمدة 9 أشهر لا أفارقه بسبب خوفي من الموت، اعتزلت الناس والناس اعتزلتني، لم أخرج من المنزل إلا مرتين، كانتا لزيارة العيادات النفسية، الزيارة الأولى كانت لاستشاري، ولم أستفد منه شيئا، أما الثانية فكانت لطبيب وصف لي دواء (سيبراليكس cipralex)، حتى وصل لجرعة 20، تحسنت قليلا، وأعتقد أن تحسني كان بسبب شعوري بالملل من الخوف، ونسيانه مؤقتا، ثم التحقت بوظيفة، وتحسنت نفسيتي بسبب العمل واختلاطي بالناس.

استمرت مشكلة عدم استطاعتي الذهاب إلى أماكن بعيدة عن المنطقة التي أسكنها، ومكان وظيفتي كان بقرب منزلي، توقفت عن الدواء فترة بسطية ثم عدت للطبيب، وأعطاني دواء خر (زولفت) تناولته لفترة، بجرعات متزايدة، ولكن لم يأت بأي نتيجة، ثم عدت للطبيب فوصف لي دواء (بريســــتيك) pristiq وكان دواء غريبا جدا، حيث أن معدتي لا تهضمه، وتخرج حبة الدواء كما هي، عدت للطبيب فوصف لي دواء (الافيكسور) بجرعات متزايدة، فلم أشعر بأي تحسن، فراسلت مواقع الإنترنت المجانية، لأن أموالي نفدت على زيارة الأطباء باهظة الثمن، حيث أن الزيارة الواحدة تصل إلى 260 دولارا، ونصحني أحد المواقع مشكورا بدواء (سيروكسات)، استمريت عليه حتى جرعته القصوى ولا فائدة أيضا.

أخيرا نصحني صديق بدواء (أنافرانيل anafranil) تناولته لمدة أشهر بجرعته القصوى أيضا دون فائدة، فتوقفت عن تناول جميع الأدوية، وقمت بعمل جلسة تنويم مغناطيسي ولم ترق لي، وباعتقادي أنها تجارية لا فائدة منها.

أنا الآن في مشكلة كبيرة جدا، حيث أنني توظفت بوظيفة جديدة تتطلب أن أصعد إلى أدوار مرتفعة، ومن مشاكلي النفسية أنني لا أستطيع الصعود إلى أماكن مرتفعة، ولا أريد أن أخسر الوظيفة لأنها بجانب بمنزلي، فأنا لا أستطيع الذهاب بعيدا عن المنزل، وحاولت كثيرا ونجحت، لكنني أعود مرة أخرى كما كنت.

لقد تعبت من نفسي، ومن معاناة أبي وأمي معي، فبدلا من أن أعينهم أنا، هم الذين يعينونني، وأنا أخاف على مصيرهم، فهم كبروا بالعمر، وأنا غير قادر على حمايتهم والاعتناء بهم، أنا عالة عليهم وعلى المجتمع، أعيش في غرفتي منزويا، لا أستطيع الذهاب إلى أبعد من منزلي بشارعين، ولا أستطيع السفر ولا الصعود إلى أدوار مرتفعة، وبسبب حالتي هذه لا أستطيع الزواج أو ممارسة حياتي بشكل طبيعي.

أفكر باستمرار بالموت، وبأفكار سوداوية تجعلني في حالة قلق دائم من أن أموت فجأة، لجأت إلى الله بالصلاة والدعاء والرقية والصدقة، لم تبق وسيلة إلا جربتها، ماذا أفعل؟ وهل كل من هم في حالتي مصيرهم الانتحار، هل هناك حل لمثل هذه المشكلة؟

لقد سئمت من الكلام المعسول الذي يصور أن الحياة وردية، وأن حالتي لها حل ودواء، 12 عاما وأنا أسمع هذا الكلام ولم أجد حلا، أجيبوني بصدق أرجوكم، مع العلم سبق وأن أصيبت أمي بحالة نفسية شبيهة بحالتي، ولكن لمدة أقصر مني بكثير، وتناولت دواء السيبراليكس وشفيت تماما -ولله الحمد-، فما تشخيصكم لحالتي؟

أرجو التوضيح.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ليث حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

مما لا شك فيه أنك عانيت من نوبة هلع، بعد أن رأيت منظر الشخص الذي يموت في (يوتيوب)، ونوبة الهلع تكررت عليك، وأصابتك بنوع من الرهاب، رهاب الخروج من المنزل، ورهاب الأماكن المرتفعة -كما ذكرت-.

أما بخصوص الاستجابة للعلاجات فنوبات الهلع فعلا قد تستجيب لمضادات الاكتئاب من فصيلة (SSRIS)، وعلى رأسها (سبرالكس)، ولكن الجرعة يجب أن تبدأ بجرعة صغيرة، لسببين: الأول لتفادي الآثار الجانبية في بداية العلاج، وهذا ما حصل معك، وقد تنفر من استعمال العلاج، والثاني: في نوبات الهلع بعض الناس قد يستجيبون لجرعات صغيرة ولا يحتاجون لزيادة الجرعة، ومن الواجب دائما أن نبدأ بجرعة صغيرة لفترة من الوقت -عشرة أيام إلى أسبوعين- وبعدها نرى.

وطبعا كون الوالدة استجابت للسبرالكس فيقال أن هناك عنصر جيني في الاستجابة للأدوية، فمن المفترض أن تستجيب أنت له أيضا، ولكن غالبا أنك حساس للآثار الجانبية، وهذا ما يجعلك لا تستطيع تحمل الأدوية للفترة المطلوبة، ثم يضطر الطبيب إلى كتابة دواء آخر.

الأهم من ذلك كله -أخي الكريم- أنه مع الأدوية يجب على الشخص في كثير من الأحيان أن يأخذ علاجا سلوكيا معرفيا، وبالذات إذا كان هنالك رهاب مع اضطراب الهلع، وهذا ما حصل معك.

العلاج السلوكي المعرفي ليس كلاما معسولا -أخي الكريم- ولكنه علاج، ذو جلسات متعددة، يعلمك مهارات تنفذها بصورة دقيقة ومحكمة ومتدرجة، لكي تتخطى هذا الخوف من الخروج ومن الأماكن المرتفعة بصورة علمية كما ذكرت، ولذلك أرى أنه عليك أن تجد معالجا نفسيا متمرسا في هذا النوع من أنواع العلاج النفسي، أي العلاج السلوكي المعرفي، وبعدها مع العلاج السلوكي المعرفي يمكنك تناول أي دواء بأي جرعة بواسطة الطبيب النفسي لكي تتخلص -بإذن الله تعالى- هذه الاضطرابات التي أثرت -كما ذكرت- على عملك، الوظيفة المحترمة، وعلى حياتك الأخرى، لأنك عزفت عن الزواج حتى الآن.

إن شاء الله تعالى العلاج النفسي السلوكي المعرفي مع العلاج الدوائي، وأنا أقترح مثلا دواء (إمبرامين) أو (تفرانيل) ليس (أنفرانيل)، التفرانيل أحيانا يكون فعالا في علاج نوبات الهلع.

وفقك الله وسدد خطاك.

مواد ذات صلة

الاستشارات