السؤال
السلام عليكم.
عمري 29 سنة، وغير متزوج، أمارس رياضة كمال الأجسام منذ حوالي أربعة شهور، ولا ألاحظ تغيرا في حجم الكتلة العضلية لي، وأجريت تحليل التستوستيرون، ووجدت أن التستوستيرون الكلي 3.1، والتيستوستيرون الحر 13.17، وأعلم أن هذه النسب في الحدود الطبيعية، ولكنها تقترب من الحدود الدنيا.
هل لها تأثير على الزيادة العضلية؟ هل لها تأثير على القدرة الجنسية؟ هل من طريقة لزيادة هذه النسب؟
أرجو إفادتي من فضلكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عزت حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فالتستوستيرون هو ما يعرف بالهرمون الذكري، والذي يعتبر المسئول الرئيسي لتكوين وتطور الصفات الذكرية الثانوية للرجل، والتي تضفي له الصفات الذكورية مثل الصوت الخشن العميق ونمو الشعر بصورته الذكرية في مناطق مثل اللحية والشارب والإبط والعانة وتطور الأعضاء التناسلية للرجل مثل الأجهزة التناسلية الخارجية والبروستاتا.
كما أن له وظائف أخرى مثل نشوء ونمو الحيوانات المنوية والرغبة الجنسية عند الرجل، بالإضافة للدور البنائي والأيضي للعضلات والعظام والأنسجة في الجسم.
ويؤدي هذا الهرمون إلى شعور الرجل بالعافية والمزاج الطيب والقدرة على التركيز وإلى نشوء التجسيد الرجولي لمظهر الرجل الخارجي، هذا بالطبع عند إلغائنا لعوامل أخرى مثل الوراثة وكمية وطبيعة الأكل ومؤثرات أخرى كثيرة متداخلة ومعقدة، وبالمناسبة وللفائدة فإن أي هرمون هو عبارة عن رسول كيميائي ينتقل في الدم من الخلايا أو الغدد المنتجة له إلى ما يعرف بمواضع أو أهداف عمل هذا الرسول والتي عندها واستجابة لأوامر هذا الرسول تقول الأجهزة المختلفة بالاستجابة.
وتقوم خلايا اللايدج المتواجدة بكثرة في الخصيتين بإنتاج هذا الهرمون وكذلك فإن بصفة قليلة جدا بعض الخلايا المتخصصة في الغدة الكظرية فوق الكلوية وذلك عن طريق عملية بيولوجية معقدة تتحكم بها كمية المتوافر من الهرمون في الدورة الدموية عن طريق غدد أخرى متحكمة مثل المحور الوطائي النخامي الكظري في الجسم.
يتوفر هذا الهرمون في الدم على ثلاثة أحوال هي:
- التستوستيرون الحر أو الطليق: وهو بصفة عامة المسئول عن إعطاء هذا الهرمون وظائفه المذكورة آنفا.
- التستوستيرون المتصل ببعض البروتينات الناقلة لهذا الهرمون: والتي وظيفتها تخزينية إرسال أو إطلاق هذا الهرمون عند نقص مستوياته.
- التستوستيرون الكلي: وهو مجموع نسبته في الحالتين السابقتين.
ولا يجب أن ننسى أن ننوه أن إفراز هذا الهرمون في الجسم يكون على شكل دوري يزيد كثيرا في الصباح الباكر ويقل كثيرا بعد ذلك مع تقدم اليوم، لذا فإن الوقت الصحيح لقياس هذا الهرمون يكون في الصباح الباكر، ويمكن قياس كل من هذه المستويات في المختبر لإعطاء فكرة كاملة عن حالة ومستوى هذا الهرمون في الدم.
ولعله من الجدير في هذه السانحة ذكر أن بعض هذه الفحوصات معقدة وتحتاج إلى أجهزة دقيقة مما يجعلها باهظة الثمن، ولذلك فإن بعض المختبرات قد تضطر لإجراء بعض منها وليس كلها.
أما عن وقت ظهور هذا الهرمون فهو متواجد في الجنين وعند الولادة ثم تقل مستوياته إلى حين موعد البلوغ لتزداد فجأة مؤدية إلى مظاهر البلوغ المختلفة، ويستمر هذا الارتفاع في مستوى الهرمون ليبلغ قمته في بدء العشرينيات من عمر الذكر، ومن ثم يلاحظ بدء الانخفاض التدريجي لمستويات هذا الهرمون منذ متصف الثلاثينات من العمر بنسبة واحد في المائة في السنة إلى نهاية العمر.
ولكن ما هي مظاهر أو أعراض تناقص الهرمون الذكري؟
بصفة عامة تؤدي هذه الظاهرة لظهور أعراض كثيرة منها قلة الرغبة الجنسية وعدم الإستجابة الطبيعية للمؤثرات الجنسية، ومعها الضعف الجنسي في نوعية وزمن الانتصاب في القضيب وانعدام ظاهرة الانتصاب التلقائي الذي يحدث للذكور في الصباح الباكر وقلة الاحتلام وقلة التركيز و الإحساس بالضعف العام وقلة الحركة وتغير المزاج، بالإضافة إلى اضمحلال كمية العضلات في الجسم واستبدالها بالشحم والذي يبدأ في التركز في جهات قد تعطي لصاحبها بعض الصفات الجسدية الأنثوية مثل تضخم الثدييين وكبر الأرداف وتدوير منطقة الحوض وكذلك تساقط الشعر والشعور بالاكتئاب، ويقال أن مثل هؤلاء المرضى يكونون أكثر عرضة لأمراض القلب والشرايين.
وبالعودة إلى سؤالك: فإن أول ما يلفت نظري أن مستويات الهرمون الذكوري لديك طبيعية وإنك وكما ذكرت أعزب، فما الذي يثير قلقك. ولا أريد أن أعمم عليك بدون علم، ولكن قلقك بالنسبة لرغبتك في زيادة الكتلة العصبية بسرعة قد يكون مرجعه نصح بعض المدربين أو الزملاء لك بتناول بعض العقارات المضخمة للكتلة العضلية مثل الستيرويدات أو العقارات البنائية لتسريع عملية زيادة الكتلة العضلية لممارسي كمال الأجسام أو لدى مستخدمي الحديد والأوزان.
فالإجابة السريعة هي بإلقاء السؤال التالي لك وأرجو أن لا تتسرع في الإجابة عليه: لمادا تعتقد أن كل الأجهزة والجهات الرياضية المحلية والعالمية تحرم استخدام هذه العقاقير؟
إن السبب الرئيسي هو ليس لأنها قد تزيد كتلة العضلات بسرعة وبنسبة مهولة أو مقدرتها على تضعيف القدرة على التحمل وزيادة نسبة الأداء العضلي بصورة كبيرة مما قد يعطي صاحبها أفضلية غير مستحقة على غيره من الرياضيين، لا أن هذا السبب ليس هذا هو السبب الوحيد فقد أثبتت الدراسات أن هناك أسبابا أخرى لا تقل خطورة وأهمية لمنع تداول مثل هذه العقاقير، فإن هذه المواد تشكل خطورة حقيقية على حياة وصحة من يستخدمها، بل أن هناك من يعتقد أن تناول هذه المحظورات يؤدي إلى إدمان استخدامها لقناعة المستخدم بأن حالته ستتدهور عند تركها ولرغبته في الاستمرار في التضخم والكبر إلى ما لا نهاية.
وتشكل الأعراض الثانوية أو المضاعفات لاستخدام مثل هذه المواد مخاطر كبيرة مثل نشوء وزيادة أمراض الجهاز القلبي والشراييني وأمراض الكبد والكلى والمناعة وغيرها، وليس بالضرورة أن تنتهي هذه المضاعفات بترك الدواء بل أنه من المعروف أن استخدام مثل هذه العقارات قد يؤدي إلى نشوء ضعف جنسي دائم وحتى انعدام الحيوانات المنية بالكلية -الإيزوسبيرميا- في المني، وبالتالي إلى العقم الدائم، هذا وفي أحيان كثيرة يؤدي استخدام هذه العقاقير إلى تشويه الجسم أو الصوت أو الثديين، وقد تؤثر تماما على مزاج مستخدمها الذي قد يميل إلى الغضب أو القسوة أو حتى العنف، وأحيانا حتى التفكير في القتل للغير أو الانتحار.
أما بالنسبة لسؤالك فإن نسبة هذا الهرمون الطبيعية حتى وإن كانت في أسفل المجال الطبيعي فلا تتعارض مع وظيفة هذا الهرمون وأداء الرجل الطبيعي، وبالنسبة لما ذكرت فإن هناك جداول للمستوى الطبيعي للهرمون لكل فئة عمرية من الطفولة إلى الكهولة ولا أعتقد أنه من المصلحة أن تزعج نفسك بدراستها أو الرجوع إليها.
وأخيرا أنصحك بإعادة الفحص في الصباح الباكر وعرض نفسك على طبيب متخصص في أمراض الذكورة والغدد الهرمونية الذكرية، فإن كان هناك نقص ما فإن الطبيب سيصف لك الدواء المناسب لعمرك وحالتك، وأنصحك -بعنف كأخ أكبر وكوالد- بعدم التفكير في تناول الستريدوات ومثلها فقط لزيادة الكتلة العضلية وزيادة هيكلك العام، بل ارجع إلى المدربين الرياضيين المتخصصين والذين قد يصفون لك حميات بعينها وطرقا للتمرين العضلي الحديثة ونحوها.
والله الموفق.