يهمل الصلاة ويهملني ويتعاطى الحشيش.. هل أستمر معه؟

0 123

السؤال

السلام عليكم.

منذ عام أخبرني أحد الأصدقاء أن هناك شابا يبحث عن زوجة، وهو معجب بي، ويريد أن يتقدم لي، وبالفعل حدثت الخطبة على رغم اعتراض والدي على عدم التوافق الاجتماعي والمادي بيننا، ويرى أنني أستحق من هو أفضل منه، ولكن كان لدي رغبة في الارتباط به، حيث أرى أنه على خلق ومتوازن في شخصيته، هو لم يكن متدينا، فقد كان يصلي فقط، ولكنني كنت أحس بارتياح نفسي له، فوافق والدي.

بعد 3 أشهر من الخطبة تم عقد القران، وبعد عقد القران بفترة قصيرة بدأت المشكلات بيننا، فهو يهملني ولا يتصل بي ولا يسأل عني، وينتقدني في كل شيء، ويرى أني شخصية دقيقة, منظمة, مرتبة بطريقة تضايقه, شخصيتي قوية وأريد أن يسير كل شيء كما أريد، ويخبرني دائما أنني أهتم بالأشياء المصمتة أكله وشربه وملابسه ومنزله، وهو لا يرى أن هذا هو الحب من وجهة نظره، على الرغم من أننا لم ندخل بعد لعدم وجود شقة للزوجية، وأرى أنني غير مطالبة بهذه الواجبات الآن، ولكني أفعلها بدافع حبي له، وأيضا لا يريد بيننا أي حدود في التعامل، وأنا أرفض هذا، ولكن للأسف تماديت معه في بعض الأفعال وأندم على هذا كثيرا جدا.

بعد 3 شهور من عقد القران توفيت والدته، وكانت مقربة له ويحبها جدا، وهو الابن الأصغر بعد 5 بنات وولد، وكان يعيش مع والدته وحدهما، فبعد وفاتها أصبح وحيدا في المنزل، وزاد إهماله لي، وازدادت المشاكل، واعترف لي أنه بدأ يشرب الحشيش، ولكن ازدادت المشاكل والإهمال، وأصبح يخبرني أنه يرى الزواج مشروع فاشل، وأن صديقه أحرجة معي منذ البداية، وهو لم يكن معجبا بي، ولكنه عندما تحدث معي أعجب بشخصيتي وتفكيري، ولكن بعد الخطبة وجد أن كلامي فقط بدون أفعال، وأنني لا أستطيع إسعاده، وأننا غير متوافقين.

كنت قد تغاضيت عن موضوع الحشيش، وأخبرت نفسي أن هذا بسبب عدم استقرار نفسيته، فحاولت أن أتحدث معه منذ أيام قليلة على اعتقاد أنه سوف يخبرني أن الموضوع توقف، لكنه قال لي أنه ما زال يشرب، وأنه يشربه ليستطيع النوم، فقلت له أنني لن أكمل الزواج وهو يتعاطى هذه الأشياء.

وبالطبع بدأ يقصر في الصلاة، وهو غير طموح، ولكنني كنت أعلم ذلك منذ البداية، لكن كنت أظن أنه بالمساعدة والتشجيع سوف يتغير.

لا أعلم ما أفعل، هل أتركه؟ وأنا حقيقة أريد هذا؛ لأنني أخاف على حياتي المستقبلية، وأشعر أنني لن أستطيع أن أتعامل مع تلك الحياة، خصوصا أنني شخصية شديدة التأثر نفسيا، أم أبقى معه فهو يحتاجني في هذه الظروف النفسية السيئة التي يمر بها؟ وسوف ينصلح حاله بعدها.

أنا كثيرة التفكير والقلق، وأدعو الله أن ييسر لي الخير، وأصلي استخارة، فأرجو مساعدتي، ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ S N حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك -أختنا الكريمة- وردا على استشارتك أقول:
- لقد حثنا النبي -صلى الله عليه وسلم- على التيقن من أن شريك الحياة صاحب دين وخلق، فالخلق وحده لا ينفع والتدين وحده لا ينفع، وهذا من توازن الشريعة الغراء؛ لأن الحياة بدون الأمرين تفسد، يقوله عليه الصلاة والسلام: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)، فالدين والخلق صفتان متلازمتان لا تنفكان أبدا، وهما صمام أمان للحياة الزوجية السعيدة، وصاحب الدين والخلق إن أحب زوجته أكرمها وإن كرهها سرحها بإحسان.

- يبدو لي أنك فكرت بأمر الزواج بعاطفة مجردة عن التعقل، وإلا فالعقل يدعو للتريث والتيقن من صفات هذا الرجل، ومعنى التيقن البحث وسؤال من يعيش معه ويأكل ويشرب ويسافر معه، فهم أعرف الناس به وبسلوكياته.

- الزواج الناجح هو الذي ينبني على الحب المتبادل بين الزوجين وليس من طرف واحد، ومن أهم مقومات الزواج أن يكون الزوجان مدركان لعظمة هذا العقد الذي سماه الله بالميثاق الغليظ، وأن يكون الزوج خاصة قادرا على إشباع عاطفة الزوجة وعلى احتوائها والتعرف على نفسيتها.

- كل من الزوجين عاش في بيئة مختلفة عن بيئة الآخر، ولذا فمن الطبيعي جدا أن تحدث بعض المشاكل في بداية عمر الزواج، لكن الذكي من الزوجين من يتفهم ذلك، ويحاول التأقلم والتغيير برفق وحكمة وتدرج.

- من مفاسد الحياة أن كل واحد من الزوجين يريد تنفيذ ما يريده، وأن يكون هو صاحب القرار، ومن عوامل نجاح الحياة أن يغض كل واحد منهما الطرف عن الهفوات والزلات وبعض الطباع؛ لأن المحاسبة الشديدة على كل صغيرة وكبيرة تهدم الحياة الزوجية.

- يبدو فعلا أن هذا الشاب لم يكن راغبا في الزواج بك، كونه ظهر منه الجفاء من أول الطريق، وها هو قد بدأ في طريق الانحدار والانتكاس، فموت والدته ليس مبررا للغرق في وحل المخدرات، ولا سببا للتهاون في أمر الصلاة، فأين دينه وأين خلقه؟ أليس الموت حق وآت على كل أحد! أليس من الإيمان الرضا بالقضاء والقدر.

- أنصحك أن تتواصلي معه، وتحاولي التقرب منه بالكلام، وترفقي معه بالنصح، وأحسني التوجيه، فلعل الله تعالى أن يصلحه، فإن ظهر لك أنه غير قابل للتوجيه، فصلي صلاة الاستخارة في الانفصال عنه، وادعي بالدعاء المأثور، ومن ثم أخبري والدك بالأمر ليبدأ بالتواصل معه لإنهاء الأمر، فإن تم فسخ العقد فهذا يعني أن الله تعالى اختار لك ذلك.

- لتكن نيتك في الانفصال تركه لله تعالى كونه وقع في هذه البلايا حتى يأجرك الله تعالى، ويخلف عليك بخير، كما قال نبينا -عليه الصلاة والسلام-: (من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه).

- لعل من رحمة الله بك أن تبين لك حاله قبل أن يدخل بك، وإلا كانت حياتك أسوأ مما أنت عليه الآن، فاحمدي الله تعالى.

- عسى أن يكون في صرفه عنك خيرا، وإن كنت تودين الارتباط به يقول تعالى: (وعسىٰ أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ۖ وعسىٰ أن تحبوا شيئا وهو شر لكم ۗ والله يعلم وأنتم لا تعلمون).

- احذري أن تقعي في نفس الخطأ مرة ثانية، وعليك أن تصبري وتتأني، فالزواج مشروع العمر وليس مؤقتا، وأي خطأ تقعين فيه يعني معاناة وأحزانا.

- الزواج رزق ونصيب، وسيأتيك رزقك -بإذن الله تعالى- بالشخص والوقت المناسبين، فلا تيأسي، وأكثري من التضرع بين يدي الله تعالى وأنت ساجدة، وسليه سبحانه أن يرزقك الزوج الصالح الذي يسعدك في هذه الحياة.

- الزمي الاستغفار وأكثري من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فذلك من أسباب تفريج الهموم، ففي الحديث: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكف همك ويغفر ذنبك).

- عليك أن توثقي صلتك بالله تعالى وتجتهدي في تقوية إيمانك من خلال تنويع الأعمال الصالحة، فذلك من أعظم أسباب جلب الحياة الطيبة كما وعدنا الله بذلك فقال: (من عمل صالحا من ذكر أو أنثىٰ وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ۖ ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون).

نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى لك التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات