السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا امرأة متزوجة وأم لطفلة، عمري35 سنة، مدرسة لغة فرنسية في الطور المتوسط، أرجو منكم بعد الله مساعدتي، فأنا في معاناة نفسية شديدة وصراع داخلي، أشعر أنه يمزق أحشائي، آلامي تمتد إلى الطفولة بسبب ظروف عائلية يسودها التوتر.
أشعر أن لا أحد يلاحظ وجودي، ولا أحد يعيرني اهتماما، وإن كنت في جماعة أشعر أن لا أحد من زميلاتي تعيرني اهتماما، ولا أحد يوجه إلي الكلام أثناء الحديث، أشعر بتعب داخلي رهيب، وبوخز على وجهي ووجنتي، وكأن جلدي يتكمش.
أنا متأكدة على الدوام أن الجميع أفضل مني، قسما بالله ولا أقول إلا الحقيقة، أنا الأكثر جمالا أنا وأخواتي -الحمد لله-، والأكثر مالا، والجميع يشيد بأخلاقي وهدوئي ويتحدث عن مستواي الجيد.
طلابي يحترمونني، ولا يسعون إلى مضايقتي أبدا رغم هدوئي، عائلتي وزوجي يحبونني جدا، ابنتي -رعاها الله- ذكية جدا، أدعو الله أن لا تكون مثلي ضعيفة.
أريد أن أتخلص من قيود هذا العذاب.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاتحة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
ما تعانين منه مجرد أفكار سلبية لا وجود لها في الواقع المعيش، لكن الرسائل السلبية التي ترسلينها لعقلك هي التي أثرت على حياتك بهذه الطريقة، فالرسائل السلبية تذهب مباشرة إلى العقل فيتقبلها ويصدر أوامره للعمل وفقها، سواء كانت تلك الرسائل منطوقة أو مجرد أفكار تسيطر على العقل.
الواقع المعيشي يحكي غير ذلك، فالجميع يشعر بوجودك ويتفاعل معك، بدليل ما ذكرت في استشارتك من احترام طلابك لك وحب أسرتك وزوجك وتخاطب زميلاتك معك، ولو كانوا لا يشعرون بوجودك لما تعاملوا معك ولتجنبوا مخالطتك.
مدح الناس لك يعني أنهم يشعرون بوجودك ويهتمون بك، ولو كانوا بخلاف ذلك لما كلفوا أنفسهم بالإشادة بك وبأخلاقك وهدوئك ومستواك الجيد.
أخرجي تلك الرسائل والأفكار السلبية من عقلك، وخاطبي نفسك بالأفكار الإيجابية التي تعاكس تلك الأفكار، وذلك بأن تقفي أمام المرآة وتخاطبي نفسك ثلاث مرات يوميا بالأفكار الإيجابية، أو تأخذي ورقة وتكتبي فيها كل يوم الأفكار الإيجابية.
لا تعولي على ما يتحدث به الناس ولا على تصرفاتهم، فمدحهم لا يرفعك وقدحهم لا يحط منك.
لا بد أن تكوني واثقة بنفسك، فالثقة بالنفس مهمة في هذا الجانب، لأن من لا يثق بنفسه يشعر بالنقص في بعض الجوانب، مع أن الأمر ليس كذلك.
أكثري من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم؛ لأن له تدخلا في تلك الخواطر كونه يريد أن يحبطك ويعزلك عن الناس، ويجلب إلى صدرك الألم والحزن.
أكثري من تلاوة القرآن الكريم وحافظي على أذكار اليوم والليلة، فذلك من أسباب تفريج الهموم وتنفيس الكروب، ففي الحديث: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكفى همك ويغفر لك ذنبك).
كثرة الذكر يطرد الشيطان وخواطره، يقول ابن عباس -رضي الله عنهما-: (الشيطان جاثم على قلب ابن آدم، فإذا ذكر الله خنس، وإذا غفل وسوس).
لا تركزي على هذه الأمور، ولا تتعاطي معها، ولا تتحاوري معها، بل اعرضي عنها واحتقريها فور ورودها، ومن الأفضل أن تفكري بشكل إيجابي بعد الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم.
لا تغفلي الدعاء في أوقات الإجابة، وخاصة وأنت ساجدة، وما بين الأذان والإقامة، وفي الثلث الأخير من الليل، وأسأل الله تعالى أن يصرف عنك هذه الأفكار، وأكثري من دعاء ذي النون فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له، يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له).
وثقي صلتك بالله تعالى واجتهدي في تقوية إيمانك، فبالإيمان والعمل الصالح تستجلب الحياة الطيبة، يقول تعالى: (من عمل صالحا من ذكر أو أنثىٰ وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ۖ ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون).
نسعد بتواصلك، ونسأل الله لنا ولك التوفيق.