أعاني من الرهاب الاجتماعي حيث يحمر وجهي ويتعرق جسدي، فما العلاج؟

0 115

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنا والحمدلله رب العالمين من المحافظين على الصلاة والصدقة وعمل الخير، ولكن سأشرح معاناتي بكل دقة وتفصيل!

أنا يا دكتور انطوائي حاد جدا، منعزل عن العالم، حاولت إني أتغير ولم أستطع، روتيني اليومي التعيس عبارة عن ذهاب إلى الجامعة، وأعود إلى البيت فقط لا غير، وهذا رغم أني جيد في الجامعة إلا أني أحس سأفشل مرة أخرى؛ لأني كنت قبل في كلية أخرى ودرست ثلاث سنوات، وفي الأخير ذهبت هباء منثورا، ثم حولت إلى كلية أخرى، وأنا خائف أني سأفشل.

لا يوجد لدي أصدقاء أخرج معهم لقضاء نهاية الأسبوع، ولا يوجد لدي أقرباء أخرج معهم، وأتحدث وأذهب وأرجع معهم، فقط أذهب وحدي وأتحدث وحدي، مثلا أتخيل أشخاصا أمامي وأتحدث معهم، وأعلق على موقف حصل لنا، ورغم أن علاقتي في الجامعة بمن هم حولي لا بأس بها، ولكن لا أستطيع تكوين صداقات قوية مع الأشخاص، وأنا من الأشخاص الذين من الصعب جدا عليهم تكوين صداقة مع شخص آخر، لا أثق في أحد، ولا أرتاح لأحد، ولا توجد لدي مشكلة أن أجلس لوحدي كثيرا.

أحيانا بل غالبا يأتيني شعور بالضيق والانفعالية، أحس أن صدري سينفجر، ولا أدري أهي حالة اكتئاب أم لا؟ كانت تأتيني باستمرار السنوات التي مضت، ثم اختفت فترة وها هي تعود، وهذا ما أخشاه، أثرت علي نفسيا ودراسيا وجسديا لدرجة أني نحيل جدا جدا، وهذا ليس بقريب، هذا الانطواء وحالات الاكتئاب، بل هي منذ سنوات مضت ليست بالقريبة، ولا أعلم دواعي هذا المرض.

نقطة مهمة: وهي أني بعد بحث طويل اكتشفت أني مصاب بمرض الرهاب الاجتماعي، والله العالم مشكلتي أني أخشى التجمعات في الأماكن العامة، وأتوقع أني سأصاب بمكروه، وأيضا أخشى من تجمعات الشباب كشارع التحلية في جدة، وغيرها الكثير، مثلا لا أستطيع أن أدخل إلى مجلس وأسلم، وإن دخلت وألقيت السلام أصاب بالإحراج، ويصبح وجهي أحمر، جسدي حارا، وأتعرق، وأيضا لا أستطيع أن أقدم (برزنتيشن) وأقف أمام الطلاب وأتكلم، وقد تجرعت مرارة هذا الموقف في أول سنة لي في الجامعة، تلعثمت أمام الطلاب واحتر جسدي واحمر وجهي وبدأ جسدي ينهال منه العرق، مما سبب لي فوبيا من (البرزنتيشن)، وأنا أعرف أن هذه المواقف شيء بسيط، ولكن لا أدري لم تأتيني، أتوقع هذا الرهاب من أسباب عدم الثقة في النفس.

أخيرا يا دكتور أريد علاجا لهذه الحالة، لأني تعبت، أريد أن أعيش كأي شخص في هذا العالم، بحثت عن علاج زولفت وكدت أن أشتريه، ولكن جاء في ذهني أن أسأل شخصكم الكريم بعد تشخيص الحالة، ما هو أفضل علاج لهذه الأعراض؟ شفانا الله وإياكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ نواف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نحن سعداء بمشاركتك هذه في الشبكة الإسلامية، ونسأل الله تعالى لك العافية.

أيها الأخ الكريم: كما تفضلت وذكرت أنت شخص فيك شيء من الانطوائية والخجل، و-إن شاء الله تعالى- الكثير من الحياء، والحياء شطر من الإيمان. ليس لديك مشكلة - أخي الكريم - تحتاج لشيء مما نسميه بالتنمية البشرية وتحسين درجة التواصل لديك.

أولا - أخي الكريم - أنت لست بإنسان سلبي، ويجب ألا تكون إنسانا سلبيا، والإنسان بطبعه مخلوق اجتماعي، حتم على نفسك برامج ثابتة لما نسميه بالتأهيل الاجتماعي، أولا: يجب أن تلبي الدعوات، إذا دعيت - أخي الكريم - لعرس، لفرح، لعزومة، لشيء من هذا القبيل يجب أن تذهب، إذا سمعت بعزاء يجب أن تقوم بواجبه، ويا حبذا لو مشيت في الجنائز، أن تزور المرضى، أن تذهب إلى المجمعات التجارية مرة في الأسبوع، أن تصل رحمك، وأن تصلي مع الجماعة في الصف الأول، ويا حبذا لو انضممت لأي مجموعة من الشباب ومارست معهم رياضة جماعية ككرة القدم مثلا، حلق القرآن تؤدي إلى الترويض والتأهيل الاجتماعي الصحيح.

إذا - أخي الكريم - نحن بفضل من الله تعالى لدينا في مجتمعاتنا أسس وأنشطة وفعاليات متى التزمنا بها سوف تعود علينا بخيري الدنيا والآخرة.

أخي الكريم: التغيير يأتي من خلال ما قلته لك، وليس بالصعب، هذا هو علاجك السلوكي، فأرجو - أخي الكريم - أن تلتزم به، وسوف تجد أن تطورك الاجتماعي بالفعل قد تحسن وتحسن بصورة مضطردة جدا، واجعل لنفسك أهداف في الحياة، ما هو الذي تريد أن تصل إليه؟ ويجب أن تضع الآليات التي توصلك إلى أهدافك.

وأيضا أخي الكريم: أهمس في أذنك بوصية بسيطة جدا تساعدك في التطوير الاجتماعي: احرص أن تكون تعابير وجهك معقولة وجيدة حين تقابل الآخرين، ولا تتجنب النظر إليهم، واعلم أن تبسمك في وجهك أخيك صدقة، اجعل نبرة صوتك مسموعة وجيدة ومتناسقة، اجعل لغتك الجسدية كتحريك اليدين مثلا حين تتكلم، ولا تشير لأحد بيد واحدة أبدا، هذا غير مقبول. هذه اللغة الجسدية البسيطة تطور من مهاراتنا.

أخي الكريم: أبشرك أن الزولفت سوف يفيدك، أقدم عليه وتناوله دون تردد، وبهذا نكون قد أكملنا المسارات العلاجية، المسار النفسي والاجتماعي والإسلامي وكذلك الدوائي. الزولفت دواء رائع جدا، ابدأ في تناوله بجرعة نصف حبة - أي خمسة وعشرين مليجراما - ليلا لمدة أسبوع، ثم اجعلها حبة كاملة - أي خمسين مليجراما - ليلا لمدة شهر، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى حبتين ليلا - أي مائة مليجرام - لمدة ثلاثة أشهر، ثم اخفضها إلى حبة واحدة ليلا لمدة شهرين، ثم اجعلها خمسة وعشرين مليجراما (حبة واحدة) ليلا لمدة أسبوعين، ثم خمسة وعشرين مليجراما يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقف عن تناول الدواء.

الدواء دواء رائع، سليم، غير إدماني، وهذه أحد ميزاته العظيمة، فقط قد يفتح شهيتك للطعام، وهذا قد يحدث أو لا يحدث، وإن حدث فاحذر وترتب طعامك، وبالنسبة للمتزوجين ربما يؤخر القذف المنوي قليلا عند المعاشرة الزوجية، لكنه لا يؤثر أبدا على الصحة الإنجابية عند الرجل.

وللفائدة راجع العلاج السلوكي للرهاب: (269653 - 277592 - 259326 - 264538 - 262637).

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأشكرك على اختيارك لاستشارات الشبكة الإسلامية.

مواد ذات صلة

الاستشارات