السؤال
السلام عليكم
يا دكتور: أنا انتهيت من الثانوية وعاطل عن العمل الآن، أعاني من الوسواس، فعندي أفكار وسواسية أهلكتني، على كل شيء أدقق وأفكر فيه بشكل خاطئ، مثلا لو قلت كلمة ولم أقصد شيئا أبدا، أفكر أني قلتها بشكل محرم، وبالشكل الذي يغضب الله، وأفكر وأتضايق ويتعكر مزاجي، وعندي وساوس فكرية.
استمر معي الوسواس في الدين ثلاث سنوات، حتى أثر علي، وسبب لي حزنا واكتئابا، وحاولت تجاهله، لكن ما قدرت، وأنا صراحة لا أقدر أن أذهب للطبيب النفسي أبدا، أرجو منكم تشخيص حالتي ونصيحتي بالعلاج الدوائي والسلوكي.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فارس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الوساوس منتشرة، وأكثر المكونات الوسواسية انتشارا هي المكونات الدينية، أو التي قد يكون محتوى الوسواس فيها ذا طابع جنسي، أو يدعو إلى شيء من العنف، لكن -الحمد لله- الأشياء العنيفة والسيئة والأفكار القبيحة الوسواسية لا يتبعها الإنسان أبدا.
العلاج بسيط، أولا يجب أن تقتنع قناعة كاملة أنك يجب ألا تتعايش مع الوسواس، ولا تقبله كجزء من حياتك، وهذه هي النية، وكل الأعمال الجيدة تتطلب نية صادقة، وأهم ما في النية هي العزم والقصد.
النقطة الثانية: على مستوى الأفكار يجب أن تحقرها، وأن تتجاهلها، وألا تناقشها أبدا، لكن الفكرة التي ترى أنك يمكن أن تتحكم فيها هنا يمكن أن تستبدله بفكرة مضادة، فكرة مخالفة لها تماما، وتكرر الفكرة المخالفة عدة مرات، والتجاهل يجب أن يشمل مخاطبة الوسواس مباشرة بأن تقول للفكرة: (أنت فكرة حقيرة) تكرر هذا عدة مرات، وتقوم بعد ذلك مباشرة بصرف انتباهك من خلال الانخراط في عمل آخر أو نوع من التفكير المخالف للوسواس. هذا كله يساعدك كثيرا.
وعلى نطاق الحياة عامة: تخلص من الفراغ، وحاول أن تتواصل اجتماعيا، وأن ترفع من مستوى ثقافتك ومعارفك العلمية (القراءة، الاطلاع، مجالسة الصالحين والعلماء والعارفين من الناس)، الحرص على العبادات وبالصورة الصحيحة وفي وقتها، أيضا يوقف الوسواس، وكذلك كثرة الاستغفار والصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم، وجدناها من الأشياء التي تضعف الوساوس، بر الوالدين أيضا مطلوب.
وعلى نطاق العلاج الدوائي: إذا كان عمرك عشرين عاما أو أكثر يمكن أن تتناول أحد الأدوية المعروفة والسليمة والجيدة، وأهم شيء هو الانتظام في العلاج لتتحصل على نتيجة علاجية جيدة ومرجوة.
الدواء الذي أرشحه هو عقار (فلوكستين) والذي يسمى تجاريا (بروزاك)، وربما تجده تحت مسميات تجارية أخرى، الجرعة هي: أن تبدأ بكبسولة واحدة يوميا بعد الأكل لمدة أسبوعين، ثم تجعلها كبسولتين يوميا - أي أربعين مليجراما - وهذه هي الجرعة العلاجية التي يجب أن تستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، بعد ذلك خفضها إلى جرعة وقائية، وهي كبسولة واحدة يوميا لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم اجعلها كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.
أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، وأسأل الله تعالى أن ينفعك بما ذكرنا لك من إرشاد ومن دواء.