السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كنت قد علمت عن حديث فيما معناه أنه علينا ألا نجادل، وإن كانت آراؤنا حقا، فكيف يوازن المرء بين قول الحق وبين عدم الجدال؟ وكيف نمنع هذا الجدال ونروض أنفسنا عليه، وعلى تقبل رأي الآخرين بدون كثرة جدال؟
ثانيا: وهو الأهم كثيرا: عندي صديقة تعتقد اعتقادا جازما أنها مصابة بالوسواس القهري، هي هكذا في الصلاة والوضوء والنظافة، كنا نحاول مداواة الأمر بالكلام واستمرار الحياة، ولكنها مع الوقت صارت دوما يوسوس لها بأن تؤذي نفسها، لكنها لا تفعل، ومؤخرا صارت لديها الكثير من الوساوس في الدين والشبهات، وهي دوما تبكي وتنوح؛ لأنها تريد أن تصلح نفسها، وتخشى أن يؤدي بها هذا إلى الإلحاد.
قد علمت مسبقا أن هذه الشبهات سهلة المداواة، ولكن علينا بشيخ عالم، ولكن من أين لي بهذا الشيخ؟ أو ماذا عسانا نفعل الآن؟ أرجو منكم حلا لها.
كنا قدر فكرنا مسبقا بأن تذهب لطبيب نفسي، وهو مسلم، وسمعنا أنه جيد، ولكن لما قلت لها وافقت، ولكننا لا نعلم إن كان سيستطيع مساعدتنا في أمر الشبهات.
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حسنة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك -أختنا الكريمة- وردا على استشارتك أقول:
- لفظ الحديث كما ورد في سنن أبي داود عن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه) ومعناه: ومعني الحديث أنه صلى الله عليه وسلم ضامن لكل من يترك المراء وهو الجدال ولو كان محقا أن يعطيه الله سبحانه وتعالى بيتا في ربض الجنة. أي أدناها.
- حد المراء كما قال بعض أهل العلم: (الاعتراض على كلام الغير بإظهار خلل فيه إما لفظا، أو معنى، أو في قصد المتكلم، وترك المراء بترك الاعتراض والإنكار فكل كلام سمعته فإن كان حقا فصدق به، وإن كان باطلا ولم يكن متعلقا بأمور الدين فاسكت عنه).
- لقد توعد الشيطان بإغواء بني آدم وقد ذكر الله عنه أن قال: ( رب فأنظرني إلىٰ يوم يبعثون) فقال الله له: (فإنك من المنظرين إلىٰ يوم الوقت المعلوم) فقال الشيطان: (رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين) قال الله: (هٰذا صراط علي مستقيم إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين وإن جهنم لموعدهم أجمعين لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم).
- الوسواس من كيد الشيطان الرجيم وكيده ضعيف، لذلك فهو يستعمل الوسوسة ولا يقوى على المواجهة، فإن حقر الإنسان وساوسه ولم يصغ لها ولم يتحاور معها خنس الوسواس؛ لأن هذا الشخص أظهر قوته أمام الشيطان، وأما إن أظهر ضعفه فقبل تلك الوساوس وتحاور معها فهنا يفترسه الشيطان وينتقل به من مسألة إلى أخرى، حتى يفسد عليه حياته، وربما وصل به الأمر إلى ترك العبادات عياذا بالله.
- من العلاجات النافعة لطرد الوساوس كثرة الذكر، فالشيطان متربص بالإنسان في كل لحظة، فإن غفل الإنسان وسوس له، يقول ابن عباس -رضي الله عنه-: (الشيطان جاثم على قلب ابن آدم فإن ذكر الله خنس وإن غفل وسوس).
- من العلاجات الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم عند ورود الوسوسة، ثم القيام من ذلك المجلس إلى مكان آخر، والانشغال بعمل يلهيها عن تلك الوساوس.
- الوسواس يأتي لكل إنسان وخاصة المؤمنين، فما ترك خيار هذه الأمة وهم أصحاب نبينا -عليه الصلاة والسلام-، فقد جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به . قال : وقد وجدتموه ؟ قالوا : نعم . قال: ذاك صريح الإيمان) وأتى عثمان بن أبي العاص النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ذاك شيطان يقال له خنزب ، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه ، واتفل على يسارك ثلاثا . قال : ففعلت ذلك فأذهبه الله عني) يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : يأتي الشيطان أحدكم فيقول : من خلق كذا ؟ من خلق كذا ؟ حتى يقول: من خلق ربك ؟ فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته).
- عليها أن تتبع هذه الموجهات بصدق وشجاعة، ويجب أن تصر على الانتصار على الشيطان الرجيم، فسيتوجب عليها أن تزور طبيبا مختصا، وسوف يصف لها العلاج بالعقاقير الطبية، وكذلك لا بد من العلاج السلوكي، فهما قرينان، وذلك سيكون مفيدا -بإذن الله تعالى-.
نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى لكم التوفيق.