السؤال
تحياتي لك دكتور عبد العليم المحترم.
كنت قد عانيت سابقا من بعض الرهاب الاجتماعي، وعكر المزاج، والاكتئاب، واستمريت بأخذ السيرترالين بجرعة 100 إلى 150 مل لمدة سنة فقط، التحسن كان متذبذبا، أي أحيانا تأتيني بعض نوبات الهلع، وأحيانا أخرى أكون مرتاحا، قررت التوقف عنه بعد أن حاولت زيادة الجرعة التي لم أتحمل أعراضها كالشعور بثقل في مؤخرة الرأس، وتلبد المشاعر.
بعد التوقف عاد عكر المزاج من جديد، ولكني قررت تحمله؛ لأني لم أطق العودة إلى الأدوية النفسية.
بعد فترة شهر تقريبا بدأت فترات من الاكتئاب العادية، وصاحبتها فترات من نوبات الهلع والأفكار الهجومية، بعضها متعلق بالثقة بالنفس، والأخرى كانت جنسية! بعد القراءة بعدة مواقع اكتشفت بأن ذاك يدعى مرض الوسواس القهري ذا الأفكار الاقتحامية، وهنا تأتي أسئلتي:
هل سبب ظهور هذا النوع من الوسواس القهري سببه استعمال مضادات الاكتئاب؟ رأيت بأن البعض جاءته هذا الوسواس فقط بعد استعمال مضاد اكتئاب، فهل بالفعل مضادات الاكتئاب تعمل كباب لأمراض نفسية أخرى؟
ما الأفضل البروزاك أم السيركسات لعلاج نوبات الهلع والأفكار الوسواسية القهرية معا؟ قرأت بإحدى استشاراتك بأنك قلت بأن السيبرالكس يجب أن يؤخذ خلال النهار، فما سبب ذلك؟
هل جرعة سيبرالكس 10 مل كفيلة بالقضاء على نوبات الهلع والوساوس القهرية معا أم أنه يجب أخذ 20؟ وهل يمكن أخذ 15 عوضا عن 20؟
بإحدى الاستشارات يذكر بأن الإنسان يمكنه أخذ جرعة أقل من الدواء في حال كان يتابع مع العلاج السلوكي المعرفي، فهل هذه خطوة جيدة أم أنه يجب أخذ جرعة كبيرة من البداية؟ وهل يمكن أن تكون نوبات الهلع هي توابع للفكرة الوسواسية القهرية أم العكس؟
لك فائق الود والمحبة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ahmed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك - أخي الكريم - في الشبكة الإسلامية، وأشكرك على مشاركاتك الإيجابية هذه.
أخي الفاضل الكريم: استصحاب العلاج الدوائي بالعلاجات الأخرى مهم جدا، هذا الكلام نكرره كثيرا، ويمكن أن ينزل إلى الواقع العملي ويطبق، بأن يكون الإنسان إيجابيا في فكره، أن يتواصل اجتماعيا، أن يحرص على عباداته، أن يكون شخصا تواقا للتغيير الإيجابي، أن يحسن إدارة الوقت، وأن يحسن التواصل الاجتماعي - كما ذكرنا - هذا - يا أخي الكريم - مهم جدا للإنسان حتى يؤهل نفسه بصورة صحيحة ويتخلص من معظم أعراضه النفسية، بل يعيش حياة صحية نفسية إيجابية.
أيها الفاضل الكريم: مضادات الاكتئاب لا تؤدي أبدا إلى ظهور الوساوس، ومضادات الاكتئاب هذه الآن هنالك حديث كثير يدور أن تسمى مسمى آخر وليست مضادات اكتئاب فقط، لأنها تعالج الاكتئاب، وتعالج الوسواس، وتعالج المخاوف، وتعالج الهلع، فليس صحيحا أبدا أن مضادات الاكتئاب تؤدي إلى ظهور الوسواس القهري، لكن في بعض الناس ربما يكون الإنسان لديه أصلا اكتئاب نفسي يمثل الطبقة المرضية الأساسية والأولى، وتوجد لديه طبقة أخرى وهي طبقة الوسواس، وربما توجد طبقة ثالثة هي طبقة المخاوف والقلق مثلا وحين تذهب الطبقة الأولى - في حالتك مثلا الاكتئاب - تظهر الطبقة الثانية وظلت هي التي على السطح، ولذا أصبحت تستشعرها بصورة أكثر.
ما هو الأفضل: البروزاك أم الزيروكسات لعلاج نوبات الهلع والأفكار الوسواسية القهرية؟
الناس تتفاوت - أيها الفاضل الكريم - في استجابتها للأدوية. الزيروكسات ربما يكون أفضل لأنه لا يزيد اليقظة عند الإنسان، أما البروزاك فهو يزيد اليقظة، وهذا قد يؤدي إلى شيء من القلق والتوتر في بداية العلاج.
بالنسبة للسبرالكس: من الأفضل أن يؤخذ في أثناء النهار، لأن هذه هي التوصية التي أوصت بها الشركة المصنعة للدواء، وهي شركة (لون بك)، وهذا قطعا نتيجة لتجارب علمية، لكن هنالك مرونة كبيرة في هذا الأمر، فبعض الناس يقول لك أنني أحسست بشيء من الاسترخاء الزائد في أثناء النهار حين أتناول السبرالكس، في هذه الحالة نقول لهم تناولوه ليلا، وبعض الناس يقول لك أنه أخذ الدواء ليلا لكن أضعف نومه، في هذه الحالة نقول للناس: تناولوه نهارا. المهم أن يؤخذ الدواء كل أربع وعشرين ساعة.
جرعة السبرالكس - أيها الفاضل الكريم - تتفاوت من خمسة إلى عشرين مليجراما. بالنسبة للوساوس القهرية تتطلب الجرعة الكبيرة وهي عشرين مليجراما، وهذا تقريبا في حوالي تسعين بالمائة من الناس. والجرعة التمهيدية يمكن أن تكون صغيرة، خمسة مليجرام مثلا، بعد ذلك تأتي الجرعة الوسطية، وهي عشرة مليجرام، وبعد ذلك من الأفضل أن نشبع المرسلات العصبية كيميائيا بأن نجعل الجرعة عشرين مليجراما مثلا لفترة شهر إلى ثلاثة أشهر، ثم بعد ذلك تخفض الجرعة إلى عشرة مليجرام كجرعة وقائية.
أنا أعتقد لو اتبعت هذا المنهج سيكون هو الأفضل، وجرعة الـ 15 مليجرام لا بأس بها، لكن الدواء لا يأتي في شكل خمسة مليجرام، إنما يأتي في عبوة عشرة مليجرام، وعشرين مليجراما، لذا نقول للناس: تسهيلا لكم يمكن أن تتناول العشرين مليجراما بدل الـ 15 مليجرام، خاصة أن هذا الدواء سليم، وليس فيه جوانب سمية أبدا.
طبعا إذا استصحب العلاج الدوائي بالعلاج السلوكي المعرفي والعلاج الاجتماعي والعلاج الإسلامي؛ هذا قد يقلل الحاجة للدواء أيها الفاضل الكريم.
وهل يمكن أن تكون نوبات الهلع هي توابع للأفكار الوسواسية؟
نعم، والعكس صحيح، هنالك تبادل كبير بين هذه الحالات.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.