السؤال
السلام عليكم
أنا فتاة أبلغ من العمر 24 سنة، عزباء، أعاني من خوف على أمي وأبي من فقدانهم، بسبب مرض أبي الأخير وقبلها كنت واقعة في المعاصي والذنوب، فأحس أن قلبي متوتر وخائف بسبب هذا الأمر.
أرجوكم انصحوني، ماذا أفعل؟ فالقلق يقتلني، والخوف دمر حياتي، وهل إحساس فقد الأحبة مجرد وسوسة؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Rema حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا وسهلا بك في موقع الشبكة الإسلامية.
نسأل الله أن يصلح حالك، والجواب على ما ذكرت:
بداية: لا بد أن تعلمي أن للذنوب أثرا على النفوس: من الضيق والشعور بشيء من القلق، وعدم الراحة النفسية ما يجري الآن هو نتاج طبيعي لتلك المعاصي، قال تعالى {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى} [طه : 124].
ثم اعلمي أن تلك الآثار من الخوف والقلق ستزول عنك تدريجيا إذا صدقت في الإقبال على الله تعالى، وأخلصت له بالعبادة والطاعة، والمحافظة على الصلاة في وقتها، والمحافظة على أذكار الصباح والمساء، وكثرة ذكر الله، والإكثار من الاستغفار، قال تعالى {من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون} [النحل : 97]..
وعن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " حبب إلي من الدنيا النساء والطيب، وجعل قرة عيني في الصلاة "رواه النسائي برقم 3939.؛ وقرة العين تحصل بالصلاة لحصول الاستلذاذ بالطاعة، والراحة بالعبادة، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: " يا بلال، أقم الصلاة أرحنا بها ". رواه أبو داود برقم 4985.أي: نستريح بأدائها من شغل القلب بها، وقيل: كان اشتغاله بالصلاة راحة له فإنه كان يعد غيرها من الأعمال الدنيوية تعبا فكان يستريح بالصلاة لما فيها من مناجاة الله تعالى.
اعلمي أن الخوف المحمود شرعا هو الذي يجعل العبد خائفا من الله تعالى، ويخاف سخطه وعقابه، وهذا الخوف يجعل صاحبه مقبلا على طاعة الله، وتكون نفسه مطمئنة، ليس فيها قلق ولا ضيق.
الخوف الذي لديك ليس خوفا محمودا، بل هو خوف مذموم؛ لأنه من مداخل الشيطان عليك، فإنك عندما وقعت في الذنب فهذا أمر وارد علي اي احد من البشر، وقد تعبدنا الله تعالى بالتوبة إليه، والعودة إلى طاعته، وحذرنا ونهانا من القنوط واليأس من رحمته، قال تعالى: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم} [الزمر : 53]، ولهذا عليك أن تحذري من هذا القنوط من رحمة الله، ويجب أن تحسني الظن بالله تعالى، فالله رحيم لطيف بعباده.
أما الوسواس الذي طرأ عليك كما ذكرت: فإنه سيزول عنك عندما تعلمين أنه من مداخل الشيطان على النفس، وأن كيده ضعيف إذا كنت مقبلة على طاعة الله، والإكثار من ذكره سبحانه.
عندما يأتي الوسواس عليك فننصحك: بقطع التفكير فيه، وترك الاسترسال في السماع إليه، وعدم الاستجابة لما يدعوك إليه من أمور ضارة، وعليك إشغال نفسك بكل نافع ومفيد.
أما خوفك مما يمكن أن يجري للوالد حفظه الله، فهذا الخوف لا داع له، بل عليك الدعاء للوالد بأن يمن الله عليه بالعافية، كما أن عليك أن تعلمي مع غيرك على السعي في علاج الوالد، وبعد بذل كل الأسباب حتى يشفى، فإن قدر الله أن يأتي عليه ما يأتي على كل حي، فإنك كفتاة مسلمة، ترضى بقضاء الله وقدره، وتعلم أن ما عند الله لوالدك خير وأبقى، وما عليك إلا الرضا والصبر والاحتساب، ولا ينبغي الخوف من ذلك.
أخيرا لعل ما يجري لك من مخاوف قد يكون بسبب خوفك من فوات قطار الزواج: فأنت إلى الآن ما زلت عازبة، والذي ننصح به:
- لا داعي للخوف؛ فما زلت صغيرة.
- وأمر آخر عليك بالأسباب الشرعية لتيسير الزواج والتي منها: الاستعانة بالله تعالى، والتضرع إليه بالدعاء بأن يرزقك زوجا صالحا، ومن ذلك المدوامة على العمل الصالح: من صلاة، وصيام، وصدقة، ونحوها، قال تعالى: " ومن يتق الله يجعل له مخرجا"، ومما يعين أيضا كثرة الذكر والاستغفار، والإكثار من قول لا حول ولا قوة الا بالله، وسيأتي الفرج بإذن الله تعالى.
وفقك الله لمرضاته.